قلنا في المقال الفائت إن مخطط تفتيت السودان يأتي ضمن مشروع تفتيت المفتت من العالم العربي والإسلامي وقلنا المشروع تم تعديله من حيث الأولويات وترتيبها فبعد النجاح غير المكلف من إنتاج دولة جنوب السودان معادية للسودان عداوة تصلح لتكون مساعدة في إنتاج الدولة المقبلة وهذا ما يفسر احتضان دولة الجنوب لكل صنوف التمرد من جنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور مع أن دولة الجنوب تعاني من أزمات حادة في مجالات متعددة. السبب الأساسي لتحول المحطة المقبلة من دولة في دار فور إلى الدولة النوبية يتمثل في عدة نقاط أهمها ... من الناحية الديمغرافية يصعب قيام دولة بالمواصفات التي أعلنتها الحركات المسلحة في بدايات العام 2003 م دولة افريقانية معادية للعرب حيث إن العرب يمثل عددهم بالتقريب ما يقارب السبعين بالمائة مرتبطون تاريخيًا بالعمق الثقافي السوداني بعروبته وإسلامه. القبائل غير العربية لا تقطن في مساحة محددة يمكن أن تقام عليها الدولة وهم منتشرون في ولايات دار فور الثلاث بل منتشرون في كل ولايات السودان وبتعايش يصل إلى درجة الانصهار. الحركات المسلحة الرئيسية تنتمي في سوادها الأعظم إلى ثلاث قبائل فقط من مجموعة قبائل وفروع تتجاوز المائة قبيلة وفرع مما يقلل فرصة توافق واتفاق على مشروع دول قادرة على الحياة والاستمرار هذا غير أنها أي الحركات تهاجم بعض السكان المحليين بغرض الحصول على بعض المؤن مما أفقدها التأييد الشعبي المطلوب لقيام دولة. نجاح الإنقاذ في تفتيت هذه وانقساماتها عبر بعض مشرعات السلام المنقوصة مثل ابوجا والدوحة وغيرها من المحطات الداخلية للسلام مما جعلها يقاتل بعضها بعضًا. هذه الأسباب وغيرها ساهمت بصورة كبيرة في تغيير مشروع الدولة القادمة بعد دولة تكون الدولة النوبية في منطقة شمال السودان وجنوب مصر إلى حين تحسين الظروف المواتية لقيام دولة دارفور. هناك أسئلة مهمة تحتاج إجابات صريحة حتى تتضح الرؤية لعامة أفراد شعبنا حتى يتسنى لهم الاصطفاف لمقاومة هذا المخطط من هذه الأسئلة من هم أصحاب مشروع تقسيم السودان وتفتيته؟ هم نفس القوى الاستعمارية القديمة المتجددة أصحاب سايكسبيكو الذين سبق لهم أن قسموا العالم العربي ونهبوا ثرواته وزرعوا الفرقة والخصومة بين أبناء الأمة الواحدة وهم الذين زرعوا الكيان اليهودي في قلب الأمة وهم الذين احتلوا العراق وصفّوا قياداته الوطنية وجعلوا منطقة الأكراد دولة مستقلة أو تكاد وهم يمكن تلخيصهم أمريكا التي ما أصاب المسلمين من شر إلا وكان لها فيه يد أو من صنعها وهي الراعية لاتفاقية السلام السودانية نيفاشا التي بموجبها تم تسليم ثلث السودان لعصابات الحركة الشعبية وعندما تنازع الجنوبيون فيما بينهم قبيل الاستفتاء خاطبهم روجر ونتر بكل شدة ووقاحة قال لهم أي الجنوبيين نحن نستثمر في الجنوب من قبل أكثر من عشرين لن نسمح لخلافاتكم أن تهدم كل هذا الاستثمار، ومعروف أسلوب أمريكا مع الإنقاذ لتنفيذ مخططاتها، وكذلك بريطانيا وهي التي احتلت السودان لمدة تقارب القرن من الزمان وهي صاحبة القدح المعلى في صناعة أزمات السودان وتناقضاته، وألمانيا وهي محضن ومأوى جميع حركات دار فور المتمردة مصادر تمويلها المباشر وغير المباشر ولا ننسى أبدًا الودود الولود دولة الكيان الصهيوني التي أصبح السودان مباحًا لها أرضًا ومياهًا فهي تنشر عملاءها في ربوع الوطن لينقلوا لها المعلومات وتقصف بطائراتها شرق السودان كلما أرادت ذلك. نحن لا نلوم عدونا على شدة حرصه على إلحاق الأذى بنا والنيل من سيادتنا لكن نلوم غفلتنا وتهاوننا وعدم توافقنا على كلمة سواء وفشلت كل محاولات الخروج من الأزمة مع أن طريق تجاوز الأزمة بيِّن وواضح وهذا ما سنذكره في المقال القادم بإذن الله.