عادت الحياة لطبيعتها بمدينة نيالا التي شهدت أعنف المظاهرات التي لم تشهدتها جنوب دارفور من قبل، حيث ساد الهدوء المدينة طوال يوم أمس الجمعة، وكانت حركة الناس فى الطرقات والاسواق عادية رغم تخوف الكثيرين مما أطلقه المتظاهرون على يوم أمس بجمعة الصمود، فالأجهزة الأمنية كانت منتشرة في كل مكان لتأمين المدينة والمواقع الاستراتيجية، وقال مدير شرطة الولاية اللواء طه جلال الدين ل «الإنتباهة» إن الشرطة والأجهزة الأمنية الأخرى موجودة في كل مكان بالمدينة ومداخلها لمراقبة أية تحركات مشبوهة، مؤكداً أنهم طوال يوم أمس لم يشهدوا أي تحرك، وأن الأوضاع سارت على طبيعتها بنيالا، وأن الحركة سلسة بكل أسواق المدينة. وقال جلال الدين إن دفاتر الشرطة طوال يوم أمس الجمعة لم تتلق أي بلاغ عن أية حادثة، لافتا إلى أن كل مواطني نيالا أدوا صلاة الجمعة بكل اطمئنان، مؤكداً أن الخطة الأمنية الموضوعة من قبل تمضي بصورة جيدة في التنفيذ، فيما يقود شباب المؤتمر الوطني عملية إسناد كبيرة لحماية مؤسسات الحزب بكل أرجاء نيالا، وفي محلية نيالا شمال التي تأثرت كثيراً بالأحداث ومثلها مقر الحزب بالمحلية، رصدت «الإنتباهة» فيها عملية نفير جماعي للمواطنين وشباب الإسناد لنظافة وترميم ما دمرته الأحداث بالمحلية، وأكد عدد منهم للصحيفة أن الجميع تواثقوا على دعم الأجهزة الأمنية لحفظ ممتلكات الناس وأرواحهم وتأمين مؤسسات الدولة، وكشف نائب رئيس الوطني بالمحلية محمد بخيت عن زيارة تفقدية وإسناد معنوي لشباب المحلية قادها نائب رئيس الحزب بالولاية المكلف عمر شرف الدين وأمناء الأمانات المختلفة، بغرض رفع الروح المعنوية وحث الشباب على نشر الوعي وسط المواطنين. وفي خطب الجمعة أمس كان هناك شبه إجماع على رفض ما جرى من أحداث بنيالا. وأشار خطيب المسجد العتيق بنيالا مولانا أحمد إلى أن ما شهدته نيالا من أحداث هي رسالة تتطلب تأصيل معاني الدين والايمان في نفوس الناس وتوعية وتبصير المواطن، وأكد أن كل أئمة المساجد سيقفون خلف الوالي حماد وإسناده مادام على الحق سائراً وناصراً للضعيف، ومقتصاً من المجرم، ومحققاً للأمن وإشباع المواطنين من الجوع. وأضاف: «نريد أن ننزل القرآن فى سلوكنا وأدبنا وحياتنا كلها، فعندها تكون البركة والشفاء والقوة والتصدى للأعداء»، فيما طالب العضو البرلماني عن دائرة عد الفرسان حامد عبد الله حماد مواطني الولاية بالمحافظة على النفس وعدم قتلها إلا بالحق، مع الحفاظ على ممتلكات الناس، وقال معقباً على خطبة الجمعة بالمسجد العتيق، إن ما جرى من أحداث يتطلب مراجعة النفوس، وأن يكون الجميع إخوة متمسكين بكتاب الله تعالى، وأن «يشيل» الناس بعضهم البعض، وألا يحرض الآخرون على القتل والتخريب وتابع: «هذه فتنة لا بد أن ننتبه إليها جميعاً، وكفانا اقتتالاً وتشويهاً لصورتنا»، وأكد حامد أن كافة أهل الولاية سيقفون مع الوالي لإنفاذ برامجه وتحقيق الأمن والرفاهية والتنمية لإنسان الولاية، وأضاف «نقول لحماد إن الدين أصله العدل، فلا بد أن تقيم العدل والحق بين الناس، وعندها سيكون الجميع سنداً لك لتمكين هذا الدين»، وناشد حامد أهل جنوب دارفور المحافظة على النسيج الاجتماعي الذي تشهده الولاية. وأشار مراقبون للوضع بالمدينة إلى أن الرسائل التي وجهها أئمة المساجد بنيالا في خطب الجمعة أمس ساهمت كثيراً في تصحيح المفاهيم الخاطئة لدى كثير من المواطنين، خاصة تجاه نبذ العمليات التخريبية، كما أن تجوال الوالي المحدود بأطراف سوق نيالا أمس الأول ظل حديث الكثيرين وهم يتحدثون عن النواحي الإيجابية. وعموماً واقع الحال في نيالا أمس كان عادياً ولم يحدث فيها شيء، ولكن الأمر يتطلب المزيد من التوعية وتبصير الناس، مع وضع كل التدابير الاحترازية للتحسب لأي طارئ، خاصة مع فتح المدارس التي تم تعليق الدراسة بها منذ يوم الخميس الماضي.