هل يعلم بنو علمان من أبناء الشمال خاصة من اليساريين الذين لا يزالون يتّخذون مواقف محايدة بين وطنهم السودان الشمالي ودولة جنوب السودان التي انفصلت عن بلادنا أو من الذين لا يزالون ينحازون إلى الجنوب على حساب وطنهم أو ما يُفترض أنه وطنهم... هل يعلمون أن مثقفي الجنوب جميعاً بغضّ النظر عن انتماءاتهم القبلية والسياسية لا يجمعُهم إلا العداء للشمال وأنهم جميعاً يتخندقون خلف دويلتهم الجديدة التي لم يمضِ على ميلادها سوى بضعة أشهر؟! هل يعلمون أن أهم سبب حمل سلفا كير رئيس دولة الجنوب على النكوص عن التوقيع على الاتفاق الذي قدّمه الوسطاء الأفارقة في أديس أبابا لنزع فتيل الأزمة حول النفط هو الخوف من الأثر السلبي لذلك الاتفاق على الإجماع الجنوبي الذي حُشد ضد الشمال بغرض امتصاص الخلافات السياسية والقبلية المحتدمة بين الجنوبيين عسكرييهم ومدنييهم والتي تجلّت في المعارك الطاحنة التي انفجرت مؤخراً في جونقلي وغيرها بين اللانوير والدينكا من طرف وبين المورلي من طرف آخر وبين القبائل الأخرى كذلك؟! التعبير الذي اتفق عليه حكام الجنوب الذين يتحركون بدهاء كبير يعينهم عليه مستشاروهم الأمريكان وغيرُهم هو أن الشمال (يسرق) بترول الجنوب!! ألم تسمعوا قناة الجزيرة وهي تلوك تلك الكلمة وتتلمّظها؟! إنها ذات التهمة التي ظل الساسة الجنوبيون منذ ما قبل الاستقلال (الأول) في 1/1/1956م يردِّدونها ويلحُّون عليها أن الشمالي (المندكورو، الجلابي) يسرق ويخدع ويسترق ويظلم ويضطهد ويستعمر الجنوبي وتلك كانت هي (التعويذة) التي سوّقوا بها حربهم على الشمال الذي كانوا لا يجدون غيره ملاذاً يفرّون إليه من الحرب الدائرة في الجنوب ولم يكونوا يستجيرون بغير الشمال الذي يتطاول عليه متمرِّدوهم ويعتدون منذ توريت حتى اليوم!! اقرأوا الصحافة الجنوبية لتروا الفرق الهائل بين مشاعرهم نحونا والتي توظَّف ببراعة ودهاء لإلهاب الحماسة ومشاعر الانتماء لدولتهم الجديدة!! أما نحن المتنكرين لبلادنا فلا أدري والله ماذا دهانا؟! أكاد أتقيأ حين أتذكر أن كثيراً من صحافيينا (الظرفاء) لا يزالون يُمسكون العصا من النصف ويتعاملون بحيادية بين موطنهم ودولة جنوب السودان التي تتهمنا بالسرقة وبكل موبقات الدنيا والتي كانت ولا تزال لا ترى في الشمال إلا الشر المطلق لكن هل أتقيأ من المحايدين أم من بعض المتمردين على بلادهم الذين يتخذون من تلك الدولة المعادية للشمال منصّة انطلاق لإلحاق الأذى بوطننا وباقتصادنا وبقواتنا المسلحة؟! ماذا أقول عن الرويبضة عرمان وماذا أقول عن الحاج وراق الذي نسيتُ أن أهنئه بالجائزة التي أغدقتها عليه وليّةُ نعمته أمريكا مؤخراً؟! الحاج وراق الذي كتب عن قواتنا المسلحة أن جنودها كانوا يتعلمون الرماية في بطون الحوامل من نساء الجنوب لكنه لا يمكن أن يكتب سطراً عما يفعله جنود الجيش الشعبي من الدينكا بالقبائل المستضعَفة في جنوب السودان ولا بالحرائق التي يشعلونها في بني وطنهم الجنوبيين مما رأينا صوره رأي العين؟! ماذا أقول عن عبد العزيز الحلو الذي اختطف عشرات الصينيين الذين يقيمون بعض الشوارع والطرق ومشروعات التنمية في جبال النوبة مما أدى إلى وقف العمل مع أعمال ومشروعات أخرى ومؤسسات دمّرها بتمرده اللعين حين فتك بكادوقلي وأشعل الحرب في (ولايته)؟! ماذا نقول عن أبوعيسى ولماذا أبو عيسى الذي لا يستحق أن يُساءل أو يؤاخذ وآسف أن أذكره بل ماذا عن رجال هالة الذين قادتهم تلك الفتاة حتى يلحقوا بقطار أبو عيسى المنطلق لمؤازرة جوبا في حربها على الشمال؟! أتساءل مجدداً ماذا دهانا؟! وكيف نفعل مع هذا السوس الذي ينخر في بلادنا وهل آن الأوان لإعمال الآية القرآنية (لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلا مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلا)؟!