قبل أيام قرَّرت حكومة الجنوب إغلاق الحدود مع الشمال وتغطية حوالى 1200 كلم، الأمر الذي أدّى إلى شح «في المواد الغذائية والسلع» وارتفاع أسعارها في الجنوب جرّاء منع التجار الشماليين من التوجُّه بتجارتهم جنوباً بعد تدخلات الجيش الشعبي وما تعرَّضت له البواخر النيلية من سلطات الجنوب من تهديدات، مما يستوجب على حكومة الجنوب مراجعة حساباتها وتقييم ما يجري في بعض المناطق المتاخمة للشمال بعد انعدام الأمن في بعض المناطق بالجنوب وبوادر الغلاء الفاحش في الأسعار ببعض مدن الجنوب جرَّاء إحجام التجار الشماليين عن إدخال البضائع إلى الإقليم، حيث نفى أمين الإعلام في حزب المؤتمر الوطني بروفيسور إبراهيم غندور اتهامات الجنوب لحكومته بفرض حصار اقتصادي ومنع البضائع من العبور عبر المنافذ إلى الولاياتالجنوبية الحدودية ولا مصلحة للشمال في فرض حصار اقتصادي على الجنوب، وكشفت مصادر في الجنوب ارتفاع الأسعار في الولاياتالجنوبية بشكل مضاعف فبلغ سعر رطل السكر «9» جنيهات، فيما بلغ سعر جوال الذرة «600» جنيه.. وأدى النقص الحاد في المواد الغذائية إلى ارتفاع الأسعار في أغلب الأسواق في كافة مناطق جنوب السودان، ويُعزى النقص في الوقود إلى إغلاق طرق التجارة الرئيسة بين الشمال والجنوب.. فالشاحنات التي كانت تنقل الوقود بشكل منتظم إلى مدن الجنوب لم يظهر لها أثر منذ أسبوع على الأقل.. وعزا عدد من المراقبين الأزمة في جنوب السودان إلى ضعف المقدرات المتاحة في مجال الإدارة المالية بالجنوب على مستوى الحكومة وهي التي أشير إليها مراراً أنها العقبة التي تقف أمام زيادة فعالية تخصيص الموارد واستخدامها بالجنوب، وهذا الضعف جعل كثيرين في الشمال والجنوب يطالبون بزيادة السيطرة المركزية على الموارد في الجنوب وتوجيهها بالشكل الذي يخدم التنمية والحفاظ على الموارد المالية الأخرى التي لم تستطِع حكومة الجنوب استثمارها منذ بداية تنفيذ الاتفاقية؛ لأن حكومة الجنوب، بحسب مراقبين، تعاني من ضعف في التنبؤ بالإيرادات الذاتية والمحولة وتقدير النشاط الاقتصادي بدقة، وفي ذات الاتجاه أكد الخبير الاقتصادي بروفيسور عصام عبد الوهاب بوب أن الخبر الذي صرح به كبار المسؤولين في دولة الجنوب في الأصل حقيقة واقعية وله آثار اقتصادية كبيرة، مبينًا أنه وقع بالفعل قبل ستة أشهر، وما حدث الآن هو تراكم لهذه الآثار، وقال: إن التجارة أصبحت حدودية ثم تحولت من رسمية إلى تهريب؛ لأن الحدود لا يمكن التحكم فيها، خاصة أنها كانت دولة واحدة، وأشار بوب في حديثه إلى أن ما حدث الآن هو إيقاف لهذه العملية بصورة رسمية فإن الآثار الاقتصادية كبيرة على دولة الجنوب إذا منعت البضائع والمواد الغذائية الواردة من الشمال ولها بالطبع آثار فادحة، مبينًا أن التجارة الحدودية بين الشمال والجنوب لا تقل عن «2» مليار دولار، لافتًا إلى الحرب غير المعلنة بين الدولتين، وأشار إلى قضايا الرعاة التي تتأثر بصورة كارثية أمام القطعان والثروة الحيوانية التي تذهب إلى موارد المرعى والمياه في الحدود الجنوبية مؤكدًا أنها قضية أكبر من ضخ النفط وضررها أكثر؛ لأن حركة الرعاة التي تزيد عن «200» كلم قد تتسبب في فقدان الحياة على مستوى الثروة الحيوانية، داعيًا الطرفين للتفاوض بعيدًا عن الخلافات السياسية، مبينًا أن قرار إغلاق الحدود أخطر من إغلاف ضخ النفط؛ لأنه يتسبب في حرب مباشرة، وقال: ليست بالضرورة أن تكون بين الحكومات لكنها ستكون بين القبائل التي تعيش على خط التماس.. ومن جانبه أوضح الخبير الاقتصادي د. عادل عبد العزيز أن الآثار الاقتصادية كبيرة على جنوب السودان حيث إن المقاطعات الشمالية تعتمد بصورة أساسية على الإمدادات الغذائية والموارد البترولية المكررة القادمة من الشمال وأن إغلاق الحدود يعني منع التجارة الحدودية والعادية وهذا يترتب عليه انقطاع في الامدادات المهمة كما يترتب عليه أضرار اقتصادية على التجار الشماليين في إمداداتهم لدولة الجنوب.