بعد الغموض والتناقضات التي شابت عمل بعثة المراقبين العرب بسوريا، كانت فرصة الاستماع إلى رئيس البعثة الفريق الركن محمد أحمد الدابي من المسائل المطلوبة ويبحث عنها كل أحد خاصة وسائل الإعلام. ولما كان السودانيون أول المعنيين بجلاء الحقيقة باعتبار سودانية رجل البعثة الأول بعد أن أقام البعض «جمعة الدابي لا يمثلنا»، احتشدت قاعة المركز السوداني للخدمات الصحفية بالإعلاميين الذين جلسوا وجها لوجه امام الفريق الدابي، وقد جاءت أسئلة بعضهم خارج إطار الموضوع رغم أن أول ما بدأ به الدابي حديثه كان: «واضح أن هناك ضبابية كبيرة في أعين الناس تجاه البعثة وصلت مرحلة عدم فهم دورها ومالآتها، مما أوصل البعض إلى الادعاء على البعثة الكثير من القول»، متهماً الإعلام بالتسبب في الضبابية، مضيفاً: «كثير من القنوات تحدثت عن الدابي حتى قبل استلام مهامه» وقال «هناك هجمة طالت البعثة في شخص رئيسها» وذهب إلى أن كل ما قيل وما كتب يجانبه الصواب والحقيقة، وقال: «لم يتصل بي أحد ممن كتبوا، وكتب عنا الكثير فتجاوزناه ولكن هذه فرصة لنوضح للناس ما حدث». وأكد الدابي أن دور البعثة هو التحقق من المحاور الأساسية المضمنة في الاتفاق بين الجامعة العربية والحكومة السورية، وهي التأكد من وقف العنف ومن سلمية المظاهرات وسحب المعدات والآليات الحكومية وإطلاق سراح المعتقلين أثناء الأحداث، بجانب السماح لوسائل الإعلام بالدخول لسوريا والعمل بحرية. وأشار إلى أن وسائل البعثة في ذلك هي «النظر والسمع فقط»، وليس من مهامها العمل على إيقاف العنف وإجراء تحقيقات وعمل استخباراتي. وعلق الدابي على ذلك بالقول: «ليس من واجبات البعثة إيقاف العنف» وأردف قائلاً: «دخلت سوريا بصفتي رئيساً للبعثة لا أحمل شيئاً، ولا مطوة ما كنت شايلا». رغم تأكيده على تراجع العنف بعد وصولهم وبداية عملهم. وقال إن العنف يقل في وجود البعثة ويتصاعد عند غيابها، وهو ما تضمنه تقريرها الذي رفع لمجلس وزراء الجامعة العربية الذي أشار إلى أنه في جوهره تقرير صاغه رؤساء القطاعات الذين يتكونون من جنسيات مختلفة ويتوزعون في كافة مدن سوريا، ولم يصغه رئيس البعثة. وتأسف الدابي لما قال إنه تفسيرات خارج ما قدموه. واستعرض نماذج لتقارير رؤساء القطاعات وبعضاً مما ورد فيها من إفادات. وكان بعض مما تطرق إليه في مصلحة النظام السوري، وأشار إلى أن من بين رؤساء القطاعات من يحملون جنسيات غير سودانية. وسرد الرجل تفاصيل ومعلومات كثيرة عن قدرات البعثة والدول المكونة لها وطريقة توزيعها وعملها والمشكلات التي واجهتها، وأكد أن أول ما أعلنته البعثة لدى وصولها هو العمل بشفافية ونزاهة وحيادية في نقل المعلومة، وفقاً لقسم عملها الذي أقسمت عليه. وقال الدابي: «نحن على قسم ومحايدون وليس لنا شيء في سوريا لندعم طرفاً دون الآخر، وليس لنا غرض في من سيحكم سوريا». وأكد أن البعثة في بداية الأمر وجدت الترحيب من الحكومة السورية وترحيباً أكثر من المعارضة كان نتاجه تطوراً إيجابياً في التزام الحكومة بعض الشيء بوقف العنف. وقال: «قبلها كان القتال والعنف شديدين وبعد أن بدأنا عملنا خف، ولكن لا نقول إنه انتهى وأكدنا ذلك». وأرجع الدابي حيثيات سحب البعثة إلى ارتفاع وتيرة العنف في يومي 25 26 من الشهر الماضي. وقال: «بعد أن رفعنا تقريرنا للجامعة وبعد عودتنا إلى سوريا إبلغنا الجامعة بتزايد العنف، وبعد التشاور تم تجميد عمل البعثة وسحبها إلى حين النظر في الوضع». وأشار إلى تصاعد العنف مرة أخرى بعد مغادرتهم، الأمر الذي وصل إلى درجة أن البعثة نفسها صارت مهددة. وأشار إلى وجود جوانب سياسية كثيرة في مسرح الأحداث. ومن اللافت للنظر الحضور الكبير لأصحاب القضية من الجالية السورية في الخرطوم، والتي حملت وجهات النظر المختلفة ممن ينحازون إلى الحكومة السورية وتنسيقيات الثورة، الأمر الذي قاد الدابي لتوضيح كثير من الحقائق، حيث قال في رده على تساؤل عن موقفه من السوريين الذين رفعوا لافتات في سوريا تسيء إليه، إنه عندما كان يتجول في مدينة حمص أقبل عليه أحدهم وقبل يديه ورجليه، واعترف له بأنه من كتب لافتة تقول «الدابي والأسد وجهان لعملة واحدة»، وقال الدابي إن الرجل اعتذر إليه بشهامة.