مع إطلالة شهر رمضان المبارك من كل عام تنطلق سهام النقد نحو القنوات الفضائية بدوافع مختلفة، بعض هذا النقد يتجاوز حدود الموضوع والمعقول ويرتكز بشكلٍ أساسي على دوافع دينية وأخلاقية بنظرة مسبقة ومبطنة لهذه القنوات، والبعض الآخر يتخذ من الموضوعية سبيلاً إلى إيصال فكرته بلغة رزينة ورؤى واضحة بيِّنة للتسليط على البؤر المظلمة ومواطن الخلل مثل التقويم الأشمل وفكرته في مستوى تصميم المنتج المعروض ومدى جودته من حيث التقنيات المتبعة. صورة القنوات الفضائية تبدو واضحة في مرآة عدد من الدعاة الإعلاميين والمثقفين في سياق هذا الاستطلاع: نايل محمود «مدير وكالة رمتان» قال: إن شهر رمضان هو شهر اختص الله به عباده ليكونوا بعيدين عن المعاصي وتكفير للذنوب، وشهر يتميّز بطول الوقت والصائم يحتاج إلى الترويح عن النفس ومعايشة الأجواء الرمضانية بكل راحة بال وفرح وسرور ورمضان ليس شهرًا لمشاهدة الأفلام والمسلسلات، وأية قناة أو جهة إعلامية تحاول أن تخدش الحياء فهي مسؤولة أمام المجتمع عما تقدِّمه، ولكن لا أظن أن هناك من يتعمّد خدش الحياء والايمان في الشهر الفضيل، ومن الملاحظ أن بعض القنوات نظرتها مادية وتجارية وليس لها اهتمام بمشكلات الناس وأمورهم، ويضيف: يجب أن ينسوهم مشكلاتهم في هذا الشهر الكريم، وفي رده على سؤالنا إن كان يتابع القنوات السودانية قال: أنا لا أطلع كثيراً على القنوات السودانية؛ لأنها ظاهرة فنية ونسبة الدعايات والإعلانات تزداد وعددها يتضاعف في شهر رمضان.. وطالب نايل بأن تكون هناك برامج يومية عن نبض الشارع وعن حياة الناس، والوضع الإنساني المعيشي، وذكر أن يومه في رمضان يبدأ منذ الصباح، حيث يذهب إلى مكان عمله ثم يعود نهاية الدوام إلى منزله ويجلس مع أولاده ويقوم بتلاوة جزء من القرآن ومتابعة بعض القنوات المهمة. شاركنا بقوله الأستاذ خالد هاشم الذي يعمل «بقناة النيل المصرية» قائلاً: إن العرف السائد في القنوات الفضائية وخاصة العامة نجدها تحرص كل الحرص على أن تكون برامجها في شهر رمضان أفضل وأجدد إنتاجًا خصوصًا في المسلسلات، وهناك موضوعات متنوعة باعتبار أن نسبة المشاهدة في رمضان ترتفع هذا ينعكس على القنوات المتخصصة مثل الجزيرة وأبوظبي، ومن الملاحظات أيضًا أن القنوات تأخذ شكل مضمون واحد في برامج المنوعات خاصة السهرات، حيث إنها تتم عبر برامج أغاني وهذا يعبِّر عن أزمة في إنتاج برامج منوعات سودانية. ويبدي د. وليد سيد أحمد أحد المثقفين رأيه بقوله: من وجهة نظري أن المسلسلات في شهر رمضان ليست أهدافها دينية أو ضد الدين، فأهدافهم بعيدة تمامًا عن هذه الدائرة، فأهدافهم تجارية بحتة فالمواطن المحلي في رمضان «مادة استهلاكية» وبالتالي فهو فرصة لإعلان المعلنين، فالفضائيات تحضر هذه المسلسلات والأعمال الدرامية بهدف استقطاب المعلنين، ولذلك يركزون على الإعلان والفضائيات تعرف هذا تمامًا، وبالتالي تتسابق إلى استقطاب المعلن فهي تحضر هذه الأعمال لرغبة إعلانية وليس كما يعتقد البعض لأهداف دينية أوغير ذلك.. ويواصل وليد: ثورة الفضائيات تكثر في رمضان تحديدًا ولا تخلو من دائرة النقد وستكون كذلك ولكن هدفها إعلاني وتنتقد من جانب آخر. يرى عزام حسن أحد المهتمين بالقنوات الفضائية أنه لا يمكن في أي حال من الأحوال أن تكون البرامج والمسلسلات في مستوى واحد من الجودة أو الفائدة فهناك مستويات عالية في المفيد والجيد لو تمعنا قليلاً لوجدنا أن رمضان في النهار له برامجه الدينية من قراءة القرآن والإرشاد والوعظ، بينما في الليل تجد برامج لقضاء أوقات الليل، ويضيف: العاقل مَن يفيد ويستفيد.