الأوضاع الأمنية في النيل الأزرق وجنوب كردفان وأبيي وتوقعاتك لذلك؟؟ خلال ثورة نوفمبر وقيام الانتخابات رفض أبناء الجبال أن يكونوا تحت الأحزاب وكوّنوا اتحاد عام جبال النوبة الذي اتخذ أول دار له في الديوم الشرقية في «حي قدس».. وأذكر جيداً في ذلك الوقت عمنا نسيم حماد ومحمود حسيب الذين اجتمعت بهم كطالب من خور طقت وأبونا فليب غبوش كان في الأبرشية في الأبيض وهؤلاء اتفقوا وتحالفوا على أن ينزلوا مستقلين في كل الدوائر بجبال النوبة، ولكن في دائرتنا كنا نريد أن نُنزل أخانا الأكبر حسين خرطوم دارفور «رحمه الله» مستقلاً فيها مثل الآخرين ولكنه رفض وفضّل أن ينزل باسم جبهة الميثاق، فجاء أبونا فليب ونزل مستقلاً في نفس الدائرة 1965م وفاز بها، وكان هذا سبب العداء بين حزب الأمة وجبال النوبة في أن كل هذه الدوائر خرجت من الحزب. لكن لا تزال التنمية متخلفة وأول طريق عملوه كان بين الأبيض - الدلنج عام 1953م وكان ترابياً وأُهمل تماماً بعد ذلك، ولكن الفضل يرجع لمؤسسة جبال النوبة في الحفاظ على المشروعات الزراعية التي ساعدتنا كثيراً في القراءة والتعليم والإعاشة بينما لم تحقق الحكومات المتعاقبة شيئاً للمنطقة. لكن الإنقاذ اجتهدت في معالجة أزمة المنطقة؟ نعم عندما جاءت الإنقاذ وبدأت الحروب دعاني الرئيس وقال لي يا إبراهيم لقد ارتفع صوت البندقية فاذهب وتحدث معهم وكنت وقتها في الجهاز. فجمعتهم هنا في المجلس الوطني كلهم، وهم مجموعة النوبة بقيادة كباشي ناصر ومجموعة الحوازمة وكان بها التجاني حسن الأمين ومجموعة المسيرية وفيها ناس الخير الفكي وفضل هنوة «رحمه الله» وآخرون.. وبعدها التقينا في مدينة الأبيض في مؤتمر السلام عام 1991م الذي خرج بتوصيات جميلة جداً ولكن للأسف لم تنفَّذ ولا توصية منه.. ولأجل أن نُبرز حسن نية الثورة كان هناك مجموعة من أبناء المنطقة «منظمة نحن كادوقلي» مسجونين بسجون الأبيض وسجون أخرى، ووصلتني خطابات بأسمائهم وأطلعت أخي الرئيس عليها فأمرني بأن أطلعه على اللجنة العليا للسلام برئاسة أخينا الزبير محمد صالح وأمرت هذه اللجنة بالإجماع بإطلاق سراح هؤلاء المعتقلين.. وكلف الأخ وزير الداخلية وقتها اللواء فيصل علي أبو صالح وشخصي لمتابعة هذا الأمر وفي نفس اليوم كان أخي فيصل مسافرًا إلى الخارج فقلت له أنت مسافر فمن الذي يكتب الخطاب؟ فقال لي يا «شيخنا» أنا وأنت واحد، اكتب الخطاب، وبالفعل كتبته وطلبت من القيادة العامة أستأذنها في تكليف الأخ اللواء رمضان زايد كوكو «رحمه الله» وهو من أبناء كادوقلي في مأمورية لمدينة الأبيض لمقابلة حاكم كردفان اللواء الركن عوض الله محمد الفاتح في شأن إطلاق سراح «مجموعة نحن كادوقلي».. وفعلاً ذهب وقابل الحاكم الذي وجه بإطلاق سراح المعتلقلين «نحن كادوقلي» تنفيذاً لقرار اللجنة العليا. وعندما عاد اللواء رمضان زايد كوكو رحمه الله من المأمورية حمل إلى اللجنة خطاباً من حاكم كردفان بأسماء معتقلين آخرين هم ضمن المجموعة سقط اسمهم سهواً وطلبوا استصدار قرار آخر من اللجنة العليا لإطلاق سراحهم وبالفعل تم إطلاق سراحهم. ولكن اتضح أن هناك مجموعة ثالثة موجودين بحراسات القيادة الوسطى ورفض قائد القيادة الوسطى آنذاك اللواء الركن التجاني محمد التجاني بخطاب أرسله إلى اللجنة العليا ردت اللجنة العليا بخطاب لحاكم كردفان بصورة لقائد القيادة الوسطى بإطلاق سراح المعتقلين «نحن كادوقلي» الذين هم في حراسات القيادة الوسطى وبالفعل تم إطلاق سراح هذه المجموعة وبهذا تم إطلاق جميع منسوبي «نحن كادوقلي» في كل من كادوقلي والدلنج والأبيض، وكانت هذه بمثابة حسن النية من الثورة لفتح صفحة جديدة. وأيضًا حدثت مشكلة لقاوة و«طفيناها»، وكان أخونا عوض الله شاهدًا على ذلك وكل ما كان يهدئ الأوضاع سلكناه، وفي ذلك الوقت كان لا يوجد سياسي غيري في الساحة وكل الذين يتحدثون اليوم جاءوا قريباً وكنت لوحدي قائمًا بكل هذه الأشياء. بروتكول ميشاكوس أظهر عددًا كبيرًا من قيادات أبناء جبال النوبة ووضع حداً للقضية؟؟ في بروتوكول ميشاكوس ذهبنا وفدين «الوفد الرئيس» كان فيه د. كبشور كوكو، ونحن في الوفد المرافق، وفي أول جلسة مع أبنائنا في الطرف الآخر في الحركة الشعبية كان يقود النقاش منهم أحد أبناء الجنوب وليس من أبناء جبال النوبة، وبعد أن انفضت الجلسة أصررنا على اقتحام أولاد النوبة بالحركة وذهبنا وجلسنا معهم في مواقعهم وقلنا لهم: نحن أتينا لكي نحرز سلامًا للمنطقة ولأهلكم فما هذا الذي تفعلونه؟ وجلست مع عبد العزيز الحلو إلى الساعة الواحدة صباحاً أجادله وأحاول إقناعه والحمد لله انتهينا من نيفاشا وحققنا الاتفاقية التي جاءت، ومذكور فيه جنوب كردفان/ جبال النوبة الشيء الذي جعل المنطقة الغربية تنضم للولاية، وكان يجب أن تكتب بجبال النوبة حتى لا يُلغى دورهم ووجودهم. ولم يكتمل بروتوكول أبناء جبال النوبة إلى الآن لذلك تتفاقم الأوضاع فالبرتوكول ليس للحركة الشعبية وإنما لإنسان المنطقة فلا بد من الجلوس.. ولو كان ناس المؤتمر الوطني استعانوا بنا قبل أن يتخذوا قراراتهم هذه بشأن المنطقة لكان الوضع أفضل بكثير وما كان سيتفاقم إلى هذه الدرجة. بصفتك خبيرًا عسكريًا كيف تقرأ التطورات العسكرية الأخيرة بدارفور؟؟ أعتقد أنه لابد من مناقشة هذه الأمور بين حكومة السودان ودولة الجنوب ولا يقتصر الحديث على النواحي الاقتصادية لوحدها فأنا بوصفي خبيرًا عسكريًا أعتقد أنه إذا كان هناك بندقية واحدة خارجة عن نطاق القانون معنى هذا أن الأمن غير مستتب، وكل الذين يموتون في الصراعات الآن هم من الأبرياء وليس المسلحين، ولا يوجد حل غير الجلوس للسلام، ولا بد من السلام والجلوس إليه من قبل الطرفين، ولا بد من رجوع الناس لمناطقهم، ومن واجب الحكومة أن تحميهم، وتشتيتهم جريمة، كما حدث في عهد الحسيني حينما كان حاكمًا لكردفان وأقول لناس الحكومة اتقوا الله فينا. ماذا تقول بشأن أبيي؟؟ أبيي هذه سودانية ليس 100% وإنما 300% فهي منذ أن كانت مديرية جبال النوبة ثم جاء أهلنا الداجو والمسيرية من بعد فهي أرض شمالية ولا يمكن أن نتخلى عنها ولكن إذا تُركت القبيلتان «المسيرية والدينكا» وحدهم يمكنهم التعايش سوياً ولذلك أقول للسياسيين «أطلعوا منها» وخلوا ناس المنطقة وحدهم يعيشون. ولكن كيف تقرأ سيناريوهات التدخل الأممي وفقًا للبند السابع؟؟ هذا تدخل واضح، وأقول إن الذي لا يريدك يكرهك «وفي الظلام يحدر ليك» وأمريكا من زمان لديها موقف مع السودان وتعتقد أنه جاء الوقت الذي يمكن أن تنتقم فيه من السودان، وأقول للحكومة ولناس المؤتمر الوطني وناس الأحزاب إنه جاء الوقت الذي يجب أن يعملوا فيه سوياً من أجل السودان وأن يكونوا يداً واحدة وإلا فسوف ينتهي ويتلاشى، فالقضية ليست قضية مؤتمر وطني ولا أحزاب ولا حكومة و إنما قضية وطن وليس قضية عرقية كما نسمع من بعض المتنطعين ولا بد من أن نحل القضية ولا نعطي الأجنبي سانحة للتدخل. هل من رابط بين الوجود الإسرائيلي في جوبا وتعقيدات المشكلة في المنطقة؟ الإسرائيليون بيعملوا لينا «المديدة حرقتني» «واللقى هواه بضري»، والإسرائليون اليوم يضرون على هواهم لأنهم يجدون تأييداً مطلقاً من الدول الغربية وأمريكا ومن دولة الجنوب، وإستراتيجيتهم هي أن تضع يدها على كل خيرات القرن الإفريقي، وعندما قالوا من الفرات للنيل يريدون بذلك أن يُحكموا الخناق على الدول العربية كلها من منابع النيل فهم إذا ما استطاعوا أن يسيطروا على منابع النيل فإن مصر ستنتهي وهذا سيؤدي إلى حرب والمصريون لازم يدخلوا فيها لأنهم قالوا «مصر هبة النيل».. وربما كانت هناك حرب - over head- للسودان ومصر ستشارك فيها. كيف تنظر إلى مخرجات مؤتمر أديس أخيرًا والتي قطع فيها الجنوب بإيقاف ضخ النفط عبر الشمال؟؟ أعتقد أن الذي تم في أديس هي بداية لحرب ليس للشعبين يدٌ فيه إنما الحكومتان وهذا سوف يؤدي إلى دمار في المنطقتين والذين سوف يكتوون بنيران الحرب هم الذين في الشريط الحدودي وأهل القرار ليسوا في الشريط الحدودي وبعيدون كل البعد من نير الحرب ولا يعرف الحرب إلا الذي خاض غمارها. أهلنا تشرد نساؤنا ترمّلت وأبناؤنا خرجوا من المدارس ما الذي تبقى لنا؟؟. أخي عمر أناشدك بالأخوة التي ربطتنا بك من قبل الإنقاذ وفي الإنقاذ أناشدك بالإسلام الذي ربطنا «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى إلخ...» ألّا تستمع لهؤلاء السياسيين حتى لا تضيع البلاد، كفى حرباً كفى قتلاً كفى تشريداً.. الناس يتحدثون عن الرفاهية بل هنا من يتحدث عن الرفاهية وأهلنا بلغت بهم الدرجة أن يسألوا عن الإغاثات في بلد كما قال الشاعر إسماعيل حسن «حتى الطير من أطراف تقاويها شبع» نقولها نصيحة لله بعد هذا العمر الطويل لأننا أقرب إلى يوم الحساب، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم في ذلك اليوم كلٌّ منا في محنته وكل منا يُسأل ونحن جميعاً نُسأل وأنت تُسأل لأنك إمام هذه الأمة التي يفعل بعض مسؤوليها أفعالاً لاترضي الله ولا ترضي الرسول على مرأى ومسمع وأنت أول من تُسأل أمام الجبار، أمام القوي، أمام الله، ورسولنا الكريم يقول اتق النار ولو بشق تمرة في يدك أخي الرئيس أن توقف كل الذي يجري وأن تعيد الأمور إلى نصابها حتى نتباهى في بلادنا بأننا سودانيون مسلمون إلهنا واحد وقبلتنا واحدة وكلنا نعتصم بحبل الله المتين «وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ».