خلال مخاطبته لقاءا جماهيريا عفويا ببحرى – عضو مجلس السيادة الفريق إبراهيم: مهمتنا فى هذه المرحلة استتباب الأمن وإعادة الخدمات    شاهد بالفيديو.. شيبة ضرار يقتحم إحدى الساحات ببورتسودان ويدخل في وصلة رقص بالسيف وساخرون: (سلموه منصب وزير السعادة والبهجة)    شاهد بالفيديو.. متعهد الحفلات وصديق المطربات "عزيز كوشي" وسيدة الأعمال الشهيرة هبة كايرو يتبادلان الأحضان في حفل "الحناء" ويثيران ضجة واسعة    شاهد بالفيديو.. هتف وردد (عائدون عائدون).. رئيس الوزراء كامل إدريس يصل الخرطوم لأول مرة منذ تعيينه وسط إستقبال حاشد من المواطنين    شاهد بالفيديو.. الطفل الذي تعرض للإعتداء من الفنانة إنصاف مدني يظهر مع والده ويكشف حقيقة الواقعة وملكة الدلوكة ترد: (ما بتوروني جبر الخواطر ولا بتوروني الحنيه ولا منتظره زول يلفت نظري)    شاهد بالفيديو.. شيبة ضرار يقتحم إحدى الساحات ببورتسودان ويدخل في وصلة رقص بالسيف وساخرون: (سلموه منصب وزير السعادة والبهجة)    شاهد بالفيديو.. متعهد الحفلات وصديق المطربات "عزيز كوشي" وسيدة الأعمال الشهيرة هبة كايرو يتبادلان الأحضان في حفل "الحناء" ويثيران ضجة واسعة    كشف الخطة..كامل إدريس يزف البشرى من الخرطوم    «عناق أمام الكاميرات» يفضح رئيس شركة تكنولوجيا عالمية – فيديو    (الملاعب ياتدميريون)    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    لجنة الانضباط باتحاد الكرة السوداني تصدم المريخ الخرطوم    الأولمبية تنعي الأعيسر أحد أبرز نجوم كرة السلة بالسودان    السودان..قرار مهم بشأن المدخلات الزراعية بأمر"بادي"    بعد إعلان النفير العام.. العشائر العربية في سوريا: يحرم علينا شرب القهوة    اليوم الدولي لنيلسون مانديلا    لا خيار ياعطاف .. وسجن ..سجن ..غرامة .. غرامة    الخرطوم.."العجب" يكشف عن التحديّ الكبير بعد الضرر الجسيم    إجراء مراسم قرعة دوري النخبة لأندية الدرجة الثانية بالقضارف    عادل الباز يكتب: الرئيس البرهان و"إفراغ الدائرة" (1/2)    بهذه الحركة لن يتمكن الرجل ووزرائه القادمين من تقديم ما ظنه السودانيون أملاً    تسنيم الريدي تكتب: رجال العمل الإغاثي في السودان يواجهون التحديات لدعم النازحين!    رمضان يغادر الى بورتسودان    الإستخبارات الأوكرانية تستعد لمعركة في أفريقيا    محطة المقرن تعود للعمل.. بشرى لسكان الخرطوم وأم درمان    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    لجنة أمن ولاية الخرطوم تؤكد دعمها للخطة التفصيلية لضبط الوجود الأجنبي بولاية الخرطوم    هل يعود انقطاع الكهرباء في مصر؟    الحكومة الإسبانية تدخل على خط أزمة احتفال يامال بعيد ميلاده    الحسابات الجزافية    شاهد بالصور والفيديو.. "الزعيم" يتمسك بصدارة الدوري السوداني ويقترب من حسم اللقب بفوز هام على "الأنيق"    المباحث الجنائية تضبط عربة بوكس تويوتا وسلاح ناري وتلقي القبض على المتهم    بريطانيا تُغلق الباب ببطء.. الطريق إلى الجنسية أصبح أطول وأقسى    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    شاهد بالفيديو.. في لقطة مؤثرة.. لاعب المريخ يجهش بالبكاء ويفشل في إكمال حديثه عقب تسجيله أغلى هدف لفريقه    عطل فني يتسبب في انقطاع جزئي للتيار الكهربائي ببورتسودان    المجلس القومي للأدوية والسموم يبيد ادوية منتهية الصلاحية بكسلا    بعد خسائر بملايين الدولارات.. "شارع الحرية" بالخرطوم يستعيد نشاطه    أقوى 5 جيوش بحرية على مر الزمان؟    الأزرق… وين ضحكتك؟! و كيف روّضتك؟    عاجل..اندلاع حريق جديد في مصر    المباحث الجنائية المركزية ولاية الخرطوم تكشف غموض جريمة مقتل مواطن ونهب هاتفه بالحارة 60 وتوقف المتهم    5 طرق بسيطة لاكتشاف تطبيقات التجسس على جهازك    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    ((مختار القلع يعطر أماسي الوطن بالدرر الغوالي)) – غنى للعودة وتحرير مدني وغنى لاحفاد مهيرة – الدوحة الوعد الآتي (كتب/ يعقوب حاج أدم)    3 طرق لإخفاء تحركاتك وخصوصياتك عن "غوغل"    أم درمان.. سيولة أمنية وحوادث عنف بواسطة عصابات    تدشين حملة التطعيم ضد الكوليرا بمحلية سنار    هبة المهندس مذيعة من زمن الندى صبر على الابتلاء وعزة في المحن    المباحث الجنائية بولاية الخرطوم تضبط متهمين إثنين يقودان دراجة نارية وبحوزتهما أسلحة نارية    نانسي عجاج: لستُ من ينزوي في الملماتِ.. وللشعب دَينٌ عليّ    بشرط واحد".. فوائد مذهلة للقهوة السوداء    بالفيديو.. شاهد لحظات قطع "الرحط" بين عريس سوداني وعروسته.. تعرف على تفاصيل العادة السودانية القديمة!!!    عَودة شريف    مأساة في أمدرمان.. تفاصيل فاجعة مؤلمة    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    كيف نحمي البيئة .. كيف نرفق بالحيوان ..كيف نكسب القلوب ..كيف يتسع أفقنا الفكري للتعامل مع الآخر    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محاولات البشير لن تفلح في إعادة المارد السوداني إلى القمقم ويقص لقائه مع البشير وقصة حاكم السودان البريطاني
نشر في المشهد السوداني يوم 08 - 01 - 2019

كتب / محمد قواص / كاتب لبناني / جريدة العرب اللندنية
قد يكون من الحكمة تأمل الحدث السوداني بتأن وروية وتحاشي الوقوع في التحليلات المتسرعة. فالبلد شديد التعقيد في عجينته الداخلية على نحو لا يمكن تبسيطه إلى صراع تقليدي بين حكم ومعارضة أو بين حراك شعبي وسلطة نظام سياسي. وإذا ما كانت مطالب الناس بسيطة مرتبطة بما يطالب الناس به في فرنسا هذه الأيام، إلا أن في تاريخ السودان، كما في طباع السودانيين، ما يمكن أن يخرج عملاقا كامنا لا تستسيغه دول المنطقة ولا تود ظهوره دول كبرى.
زرت السودان عدة مرات. ولا يمكن للمراقب أن يتناول شؤون البلد دون أن يكتشف في تفاصيل العيش وثقافة وتقاليد البلد ما يمكن أن يكون جديرا بالرؤية والرأي. يختلط داخل السودان عبق عربي عروبي مع آخر أفريقي يتنفس روح القارة السوداء. لكن اللغز الأكبر يكمن في طبيعة السودانيين أنفسهم، الذين يُخبئون داخل قماشتهم أعراقا وقبائل وطوائف ومذاهب، وفق نسق فسيفسائي، يدركه أهل البلد، وقلما أدركه غرباؤه.
في إحدى الزيارات التقيت بالرئيس عمر حسن البشير. بدا حينها أن الرجل قد تخلّص من ثوبه الإسلاموي بعد أن أنهى شراكته مع حسن الترابي، ويسعى للتخلص من إرث عدائه للولايات المتحدة، ويظهر انفتاحا على هذا الخارج، سواء ذلك الذي يَعِدُ باستثمارات أو ذلك الذي يزين للخرطوم خروجا من لوائح الدول المارقة.
في أحد جوانب القصر الرئاسي الخارجية كنت وبعض الزملاء نتأمل نصبا لإحياء مقتل الجنرال غوردون البريطاني الذي قضى في ذلك المكان على يد ثوار سودانيين حاصروا العاصمة ثم اقتحموا قصر من كانت بريطانيا تحكم به السودان وقتلوه. رأى البشير جمعنا فعلّق ساخرا مومِئا إلى أصدقائنا السودانيين أن يقصّوا علينا تلك الحكاية.
قتل الجنرال تشارلز جورج غوردون في 26 يناير 1885. كان يشغل منصب الحاكم العام البريطاني، وقد اختير من قبل بلاده بسبب كفاءته وخبرته وتاريخه وانتصاراته التي لا تنتهي.
جاء مقتل الرجل عقب حصار طويل للخرطوم استغرق 317 يوما. نجح أنصار محمد أحمد المهدي، الثائرون ضد الخديوي المدعوم من الحكومة البريطانية، في إنهاء حياة الجنرال البريطاني الذي كان قد وصل الخرطوم قبل ذلك بأقل من عام. شكل الحدث صدمة في لندن التي لطالما اعتبرته أسطورة، ذلك أن الرجل، الذي لم يعرف في حياته كجنرال سوى الانتصارات المتتالية، يقتل بيد ثوار لا يمتلكون من العدّة والعدد ما كانت تمتلكه بريطانيا العظمى من قوة رهيبة لا تقهر.
قد لا يغيب عن خاطر البشير هذه الأيام تلك الذكرى التي يفتخر بها، كما كل السودانيين، في وقت تزحف الحشود صوب قصره. ولئن لظروف مواجهة الحاكم المستعمر ما يختلف عن ظروف معارضة الحاكم السوداني هذه الأيام، لكن السلطة، أي سلطة، التي لطالما استطاعت بسهولة مواجهة أعمال التمرد المسلحة، تجد صعوبة في التعامل مع حراك شعبي لا رأس له يخرج عن كل السياقات التقليدية المعروفة.
الأمر نفسه يجري في فرنسا هذه الأيام. يزداد الشارع راديكالية. تتطور أعمال العنف على نحو غير مسبوق.
ترتبك الطبقة السياسية برمتها. تسعى أحزاب اليسار واليمين المتطرف إلى أن تنهل مما يزرعه ذلك الشارع الثائر دون أن تجرؤ مع ذلك على أن تركب موجة لم تنفخها، فيما يبدو واضحا أن أحزاب اليمين واليسار التقليدي تأخذ مسافة واضحة من ذلك العبث على الرغم من حقدها على إيمانويل ماكرون الذي ظهر فجأة وأبعدهم جميعا عن الإليزيه والبرلمان والحكومة في البلاد.
لا يبدو أن حراك الناس في السودان ينتمي إلى أي سياقات سياسية تقليدية في معارضتها للبشير وحكمه. بدا أن الرئيس السوداني يتمنى أن تستعيد تلك المعارضة، حتى تلك المنتمية إلى عائلات الميرغني والمهدي السياسية، موقعها داخل المشهد السياسي، فهي ملف خبر التعامل معه استيعابا أو مواجهة أو قمعا أو إبعادا.
يرمي البشير في الخرطوم، كما ماكرون في باريس، الجزرة تلو الجزرة علّها تخفف من غضب الغاضبين، فيما تبدو عصاه غليظة تقتل متظاهرين، بينما ما زالت عصا ماكرون فرنسية الهوى لم تسفك دماء حتى الآن.
استطاع البشير منذ انقلابه عام 1989 حكم البلاد دون أي منازع. وسّع من دائرة نفوذه فأطاح بأحزاب تقليدية كبرى لطالما شغلت الفضاء السياسي السوداني. تقدم بإسلاموية مفرطة لاذ تحت سقفها كارلوس وأسامة بن لادن الشهيران. لاح أن الرجل القوي في الخرطوم أحاط نفسه بمشاهير من يناصب العداء للولايات المتحدة. في عهده قصفت الطائرات الأميركية ثم الإسرائيلية قلب السودان. بيد أن البشير الذي أظهر تصلبا في مواجهة أعدائه في الجنوب كما دارفور، أظهر بالمقابل براغماتية ورشاقة، فطرد بن لادن وسلّم كارلوس دون أن يرف له جفن.
يثور الشارع السوداني ضد البشير نفسه. عندما بدأ موسم "الربيع العربي" خرجت في السودان ولأسباب محلية بعض المظاهرات المطلبية الموضعية. وحين طاب لبعض المتظاهرين أن يرددوا لازمة "الشعب يريد إسقاط النظام"، أسكت المتظاهرون الآخرون تلك الحناجر، فلا أحد في السودان يريد سقوط النظام. اختلف الوضع هذه المرة، بات الشعار يتردد بصراحة ويدعو، كما في فرنسا، إلى رحيل الرئيس. بيد أن البشير أخرج إلى الواجهة للرد على معارضيه بضاعة عربية لا تفنى لا يملكها ماكرون ونظامه.
كشف الرئيس السوداني خصومه. إنها إسرائيل التي تتآمر وتحرك أهل السودان ضد حكمه كما حركت أهل الجنوب ودارفور ومناطق أخرى قبل ذلك. هي تفعل ما أخبرنا بشار الأسد ومعمر القذافي أنها تفعله في بلديهما. تحدث البشير عن المندسين، وهم طائفة فضائية عابرة للقارات تخترق المعارضين وتفخخ مرادهم، وهم إذ ما حطوا الرحال في السودان فهم وراء "تخريب" يستهدف الأمة برمتها.
تقادم حكم البشير. لم يعد باستطاعة الرجل أن يخرج الأرانب من أكمامه. بات مطلوبا أن تحكم البلاد بمنظومة أخرى. تساقط حلفاء الرجل الذين رافقوه منذ اليوم الأول للانقلاب واحدا بعد آخر. حتى مستشاريه المقربين سبق أن حُيّدوا أو حَيّدوا أنفسهم عنه وعن بطانة حكمه.
حين كنت أزور البلد، كنت أشاهد عمارا يجري لم تشهده البلاد قبل ذلك. تكرر أمامي أن السودان سلّة الغذاء العربي وأن من طموحاته أن يكون بوابة أفريقيا على العالم. كان الصينيون يزرعون الخرطوم أبنية شاهقة وورشهم تبني سدودا جديدة تشرب من مياه النيل. كان أهل الحكم يتحدثون عن جبل من اليورانيوم يلمع في دارفور ومناجم من ذهب وألماس تشتهي من يقطف ثمارها.
وكان للزائر أن يشاهد مجسمات لبناء مدينة عالمية حديثة على ملتقى النيلين الأزرق والأبيض تضاهي مدينة دبي كما كانوا يطمحون.
يخرج السودانيون مطالبين بالخبز ويخرج أهل الحكم لتبشير الناس بخفض أسعار الخبز. الأمر يجري في القرن الحادي والعشرين. سقط الحديث عن "سلة الغذاء العربي" وعن بوابة أفريقيا الأولى وعن ثروات المعادن والمياه وعبقرية الجغرافيا. الناس يبحثون عن الخبز بعد 138 عاما على مقتل الجنرال غوردون.
كتب / محمد قواص / كاتب لبناني / جريدة العرب اللندنية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.