حوار: النائبة العامة السودانية تكشف أسباب المطالبة بإنهاء تفويض بعثة تقصّي الحقائق الدولية    حمّور زيادة يكتب: السودان والجهود الدولية المتكرّرة    إبراهيم شقلاوي يكتب: هندسة التعاون في النيل الشرقي    الأهلي الفريع يكسب خدمات نجم الارسنال    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    «تزوجت شقيقها للحصول على الجنسية»..ترامب يهاجم إلهان عمر ويدعو إلى عزلها    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    بيان من وزارة الثقافة والإعلام والسياحة حول إيقاف "لينا يعقوب" مديرة مكتب قناتي "العربية" و"الحدث" في السودان    يرافقه وزير الصحة.. إبراهيم جابر يشهد احتفالات جامعة العلوم الصحية بعودة الدراسة واستقبال الطلاب الجدد    حسين خوجلي يكتب: السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    البرهان يصدر قراراً بتعيين مساعد أول للنائب العام لجمهورية السودان    راشفورد يهدي الفوز لبرشلونة    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    نوارة أبو محمد تقف على الأوضاع الأمنية بولاية سنار وتزور جامعة سنار    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    المريخ يواجه البوليس الرواندي وديا    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأستاذ "علي عثمان" والثقافة وحاجات تانية!!

(ألو.. أستاذ التجاني؟).. (نعم).. (معاك مكتب السيد الناب الأول).. (أهلاً وسهلاً بمكتب النائب الأول).. (عندك شيك بمبلغ عشرة آلاف ثمن النسخ المهداة للأستاذ من ديوان ما "تهتموا للأيام" للشاعر المرحوم عوض جبريل).. وكنا قد بعثنا لمكتبه بالنسخ قبل أيام!! لك الشكر أخي الكريم وليجزيك الله خير الجزاء، فهذا دأبك كلما احتجنا إليك، متجاوباً سباقاً لفعل الخير وأشهد الله إنها ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة بإذن الله، وأعلم علم اليقين أنك حين تقرأ حديثي هذا عنك ستهمس (ما كان في داعي أخي التجاني)، لكن سامحني أخي الكريم وجدت فكرة الكتابة عنك تلح في إصرار، فهذه شهادة لإنسان يتولى أمر أمة أهل السودان لأكثر من عقد من الزمان، وكنت على مقربة منكم تأتيني أخباركم، بل كنت أدفع إلى مكتبكم ببعض مسائل أصحاب الحاجات مِن مَن يظنون فيّ الخير ويعلمون أن ظلومتهم أو حاجتهم ستصل عبري بحكم أنني من أهل الإنقاذ عاملاً أصيلاً منذ شهورها الأولى إلى حين تقاعدي الإجباري للمعاش.. وقبيلة الإبداع تضم أعداداً من الذين لا معاش لهم، كأستاذنا المرحوم "عوض جبريل" الذي أعطى كل ما نظم من أغانٍ لم تدر عليه ما يسد الرمق، ولم ينخرط في وظيفة حكومية توفر لأسرته معاشاً، لذا جاءت منيته بذلك الحادث المشئوم، ليترك صيبة لا حول لهم ولا قوة، والحمد لله أنك تركت لهم ظلاً يقيهم الحر والبرد والمطر.. وحينما جاءت فكرة طباعة ديوانه من قبل أصدقائي بالمنظمة الثقافية التي طبعته كنت في خاطرنا وكنا على يقين في كونك جاعلاً فكرتنا نافذة وواقعاً وحقيقة، غير أن أخوتنا بالأمن الوطني قد أنجزوا الأمر فأعطونا عطاءً ثراً بلغ السبعة عشر ألفاً من الجنيهات، وطبعنا الديوان للمرحوم وسميناه (ما تهتموا للأيام)، ودفعنا أجرة مسرح قاعة الصداقة وطبعنا إعلانات حفل كبير حشدنا له أهل الغناء، صعدوا مسرح القاعة وعزفت الأوركسترا وتقدمت الأخت الصغرى الفنانة "حنان بلوبلو" وصدحت بأغنيات الراحل.. انفعلت وبكت حينما صعد أبناء المرحوم (يبشرون) في وصلتها.. وبلوبلو تلميذة محبة ومخلصة للراحل وأياديها بيضاء على الراحل، فقد سبق في حياته أن أقامت له حفلاً خيرياً، وتقتسم ما يجود به الله مع أصحاب الحاجات من أهل الإبداع وغيرهم– زادها الله من نعيمه وحفظها وأسرتها من كل شر- ودعمك أخي أستاذ "علي عثمان" سيساهم في إعادة تأهيل منزل المرحوم المتصدع.. والشكر أجزله لشيخ العرب الكريم الحاج "بابكر ود الجبل" رجل البر والإحسان الذي سلمنا صبيحة حفلنا عشرة آلاف جنيه مساهمة في مشروعنا، وألف جنيه لصديقي الشاعر "مختار دفع الله".. وللألف جنيه قصة، فقد صعد مولانا وزير الثقافة السابق الأستاذ "السموأل خلف الله" أمين عام مؤسسة أروقة للآداب والفنون.. بالمناسبة أروقة ساهمت بخمسة آلاف جنيه بشرائها نسخاً من الديوان وسنتسلم المبلغ بعد أن يجود الأكرمون بمالهم لتجود أروقة بما يجود به الأكرمون.. (سادتي- قال السموأل- والبدلة اللابسها مختار استأجرها من فنان شاب بمائة جنيه).
ومضى "السموأل" بأدبه الجم وبثقافته يقدم من سيدشنون الديوان من مسؤولين، والوزيرة الفضلى د. "تابيتا" بين المسؤولين الذين دشنوا الديوان، ولم أنج من دعابات ابن أختي "السموأل" فقد زعم أننا نبيع أشعارنا وكأني به يدفعني لأرد عليه بأننا لا نبيع أشعارنا، وقلت له أسأل من تغنوا بأشعارنا، هل بعناها لهم؟! و"السموأل" أراد أن يقول للناس الحضور- والبيت السوداني- كانت ناقلة للحفل، أراد أن يقول للناس: أعينوا قبيلة الإبداع فهي تستحق التكريم والاحترام، لأن عطاء المبدع لا يقدر بثمن!! وبالمناسبة!! لماذا تم إلغاء وزارة الثقافة، أول وزارة للثقافة في السودان منذ استقلاله؟! ولماذا تمت تنحية أول وزير للثقافة بالسودان، الأستاذ "السموأل خلف الله"، والرجل مارس عمل الثقافة منذ أن كان يافعاً ببخت الرضا بالدويم مروراً بالجامعة فمؤسسة نمارق للآداب والفنون، وقيادته لعدد من إدارات الثقافة في ظل الإنقاذ؟! مجرد سؤال يحتاج إلى إجابة.. وبالمناسبة أذكركم بأن الأخ الرئيس في حملته الانتخابية الأخيرة وفي خطابه قبيل الانتخابات، وعد قبيلة الثقافة إن جاء رئيساً للجمهورية سيعلن عن وزارة للثقافة فقط، لأن المرحلة القادمة مرحلة الفعل الثقافي!! بالمناسبة كنت مشاركاً في حملة الأخ الرئيس الأخيرة وكان "السموأل" معيناً لنا في الحملة.. ولماذا وزارة ثقافة وإعلام بدلاً عن وزارة ثقافة؟.. بالطبع لا أقدح في قدرات صديقي الطبيب "أحمد بلال"، فالرجل أيضاً عاشق للثقافة أعانه الله في مهمته العسيرة، وأسأل الله أن ينصلح حال أمر المال لدى حكومتنا لتعينه بميزانيات تسيير عجلة ثقافة أهل السودان التي لم تتحرك إلا قليلاً أيام وزارة "عمر الحاج موسى" الفارس الأديب- له الرحمة والمغفرة- وشقيقه أخي د. "إسماعيل الحاج موسى" الرجل الموسوعي المعرفة ود. "الطيب إبراهيم محمد خير" حينما تقلد منصب وزير الثقافة والإعلام، وأنجز في عهده مهرجان الثقافة الرابع وكنت مساعداً له.. وتاني بقول ينبغي أن نعطي الثقافة حقها ويجب تفعيلها بشكل إيجابي وعملي مثلها مثل مناشط الحياة في الدولة، وأن لا نتركها تعمل بالبركة وهوامش ميزانيات التسيير حتى تنهض الثقافة وتصبح صناعة كما هو الحال في العديد من الدول التي أصبحت فيها الثقافة تدر عائدات للدولة، هذا إلى جانب الأهداف الإستراتيجية. إذن آن الأوان لنلج هذا الباب، خاصة وبلادنا ثرية بثروات ثقافية متعددة في مجالات الإبداع والثقافة كافة..
والحديث عن الأستاذ "علي عثمان" يطول.. لكن دعوني أحدثكم عن أول لقاء تم بيننا بقاعة الشعب في بدايات تسعينيات القرن الماضي.. تحدثنا عن الشعر، فوجدته متذوقاً له ملماً وحافظاً للجيد من مأثوره.. تحدثنا عن الشعر الغنائي، فوجدته مقدراً للدور الذي يمكن أن يلعبه فن الغناء في حياة المجتمعات، ويومها كنت قد ألفت (ملحمة الفداء) تلك التي ألف موسيقاها الفنان الصديق "صلاح مصطفى" وأداها من على خشبة مسرح قاعة الصداقة "صلاح مصطفى"، "حمد الريح"، "عثمان مصطفى"، المرحوم "خوجلي عثمان"، المرحوم "عبد الله دينق"، "عابدة الشيخ" وكوكبة من الفنانين والموسيقيين الشباب بعد عرض الملحمة وبثها كانت على لسان الأطفال يرددون مقاطع منها:
(يا ماشي للميدان، كلم أخوي عثمان، قول ليهو ناس البيت، والحلة والجيران، مستنين جيتك، دي الحنة في رمضان، ولو روحك الغالية، سلمتها الديان، برضو الفرح حيتم، وعروسك الحلوة، حتكون هي السودان).. والرجل ما اهتزت قناعته بجدوى الثقافة، لذا كان كريماً وعوناً صادقاً لكل طارق لبابه لا سيما رموز الثقافة، ولعلم القارئ تلك الهبات من مخصصات سفره وبدلات وظيفته ينفقها دون منّ أو أذى.. وحينما أكتب عنك أخي الشيخ الجليل، أكتب عن الرجل الثاني في سدة حكم بلادي، وكثيرون من أهل بلادي يهتمون بمثل هذه الكتابة لا سيما إذا كتبها شخص مثلي كان إلى وقت قريب أحد قادة العمل الثقافي.. وطالما جاء جلّ الحديث عن الثقافة وعنكم.
أخي الكريم.. أوصيكم بإعادة النظر في صندوق دعم المبدعين الذي أنشئ منذ سنوات ولم يقم بالدور المنوط به، ويحتاج إلى تفعيل مصادره لتستثمر في مشاريع ترفد الصندوق بإيرادات تعين أهل الإبداع في إنتاجهم الإبداعي وفي حاجتهم عند المرض والعوز والمعاش.. كذلك مرفق السينما يحتاج إلى بعثه من مواته الذي طال منذ تصفية إدارة الإنتاج السينمائي ومؤسسة الدولة للسينما، ولحسن الحظ صناع السينما متوفرون ينتظرون بفارغ الصبر ليصنعوا سينما سودانية.. ونحتاج إلى إعادة النظر في دور السينما المهجورة وإنشاء دور جديدة.. ونتطلع إلى عودة وزارة للثقافة فقط وعودة مهرجانات الثقافة القومية.. كل هذه الأشواق والآمال والطموحات طرحتها لأن البشريات نقلتها لنا عبر مؤتمرك التاريخي الذي كان حديث إعلامنا المرئي والمسموع والمقروء.. وبلدنا دي والله فيها الخير كتير، وما مستحيل نبنيها جنة، لو نحن وحّدنا الهدف، ولو نحن وحّدنا المصير، والجاي أحسن بإذن الله، إذا قدّرنا قيمة الوطن، وإذا شمّرنا عن سواعد الجد وتوكلنا على الله وسخّرنا طاقاتنا لنستثمر مياهنا وأراضينا البكر، وتوحدنا في حب هذا الوطن النبيل.. ومرة أخرى شكراً جميلاً وجزيلاً لكل من ساهم في طباعة ديوان المرحوم "عوض جبريل".. وشكراً للذين سيساهمون لاحقاً في إعادة البسمة لأبنائه، ليدركوا أن أباهم كان ولا يزال أحد حداة ركب هذه الأمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.