الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    عبد الواحد، سافر إلى نيروبي عشان يصرف شيك من مليشيا حميدتي    المريخ يستانف تدريباته بعد راحة سلبية وتألق لافت للجدد    هنري يكشف عن توقعاته لسباق البريميرليج    تعادل سلبي بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا في تونس    باير ليفركوزن يكتب التاريخ ويصبح أول فريق يتوج بالدوري الألماني دون هزيمة    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    تمبور يثمن دور جهاز المخابرات ويرحب بعودة صلاحياته    تقرير مسرب ل "تقدم" يوجه بتطوير العلاقات مع البرهان وكباشي    مقتل مواطن بالجيلي أمام أسرته علي ايدي مليشيا الدعم السريع    حملة لحذف منشورات "تمجيد المال" في الصين    بعد الدولار والذهب والدواجن.. ضربة ل 8 من كبار الحيتان الجدد بمصر    محمد وداعة يكتب: معركة الفاشر ..قاصمة ظهر المليشيا    مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    زلزال في إثيوبيا.. انهيار سد النهضة سيكون بمثابة طوفان علي السودان    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    عصار الكمر تبدع في تكريم عصام الدحيش    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحركة الإسلامية : مأزق الخطاب الخارجي وتحالفات الداخل
نشر في المجهر السياسي يوم 05 - 12 - 2015


حديث السبت
يوسف عبد المنان
"الميرغني": بشوف في "مناوي" مستقبلي!!
الأزمة الاقتصادية بين شح الغاز والكهرباء وتهرب المسؤولين من مواجهة الحقيقة
اضطر مواطنو "الفتيحاب" للتعبير يوم (الأربعاء) الماضي عن رفضهم تطاول أزمة غاز الطبخ ، بإغلاق الطريق الرئيسي بأسطوانات الغاز، بعد أن مكثوا ساعات طويلة جداً في انتظار وصول شاحنات، تحمل الأسطوانات لتوزع للمواطنين، في الطرقات والميادين العامة، إلا أن شيئاً من ذلك لم يحدث.. وأدى إغلاق شارع "الفتيحاب" لأزمة مرورية ، تضاف لبقية أزمات البلاد، مما اضطر الشرطة للتدخل وفض الحركة الاحتجاجية دون عنف أو إراقة دماء.. أو ضرب المواطنين بالعصي.. الشيء الذي يحسب لصالح الشرطة ،وهي تتفهم أسباب ودواعي احتجاجات المواطنين.. وربما تغلبت عاطفة ضباط الشرطة، على واجبهم في حماية النظام العام.. حيث يعتبر إغلاق الطريق العام عملاً غير مشروع.. لكن الضيق الذي حاق بالأهالي جعلهم يخرجون للطرقات منددين بالأزمة التي تطاولت، منذ أسبوعين أو يزيد، وفي كل يوم تصدر تصريحات من المسؤولين عن وصول شحنات من الغاز لميناء بورتسودان، وأن الأزمة ستنفرج خلال أيام معدودة.. ولكن الأوضاع تبقى على ما هي عليه شحاً وندرة في غاز الطبخ، حتى اعترف مساعد رئيس الجمهورية المهندس "إبراهيم محمود حامد" أنه اشترى أسطوانة الغاز من السوق السوداء بمبلغ (80) جنيهاً، وبات مألوفاً منظر النساء والصبية الصغار يرابطون في الميادين ، ويبحلقون في السيارات ينتظرون الغاز الذي أصبح أغلى من كل شيء في بلادنا، وقد تلاشت الخيارات الأخرى، التي كانت متوفرة مثل الحطب والفحم ،الذي تم منعه من قبل إدارة الغابات، وتم منع القطاع الخاص من تجارة الفحم والحطب.. إلا حطب الحكومة وفحم الحكومة ،الذي تأتي به سيارات حكومية ضخمة يقودها موظفون حكوميون لا يمسهم القانون، ولا تستطيع جهة في الدولة منعهم من تجارة الفحم و(حطب دخان النساء).. ومشكلات شح الخدمات الأساسية من مياه وكهرباء وغاز الطبخ تعتبر مجرد مقدمة لأزمات أخرى، ستطل برأسها في الشهور القادمة، في حال عجزت الدولة عن حل المشكلات التي أدت لتفاقم مثل هذه الأزمات.
وتعاني البلاد من نقص شديد في إمداد الكهرباء ، حتى في فصل الشتاء، الآن، قبل دخول الصيف القادم، بسبب تدني إنتاج سد مروي ، لشح الأمطار وانحسار مياه النيل ، قبل أن تبدأ "أثيوبيا" في تخزين مياه النيل الأزرق بسد النهضة. ويتوقع أن تعاني البلاد بشدة في فصل الصيف القادم ، من شح الكهرباء ، الذي ، بطبيعة الحال، يتبعه شح في مياه الشرب بسبب انقطاع التيار الكهربائي ، عن محطات المياه في ولاية "الخرطوم".. وقد كانت لولاية "الخرطوم" في حقبة الدكتور "عبد الرحمن الخضر"، جهود لتخفيف حدة وطأة السياسات المركزية ،بزيادة الوقود والمحروقات وبابتداع معالجات للخبز وغيرها من الخدمات.. ولكن حكومة ولاية الخرطوم الآن، بجنرالاتها الثمانية ، عاجزة عجزاً بيناً ، عن مجابهة المشكلات الخدمية، وآخرها قضية غاز الطبخ ، التي لو اعترفت بها الحكومة مبكراً ،وفتحت باب استيراد الغاز ودخل القطاع الخاص.. لما تفاقمت الأزمة ، وبلغت حد الاحتجاجات الشعبية.. صحيح أن دخول القطاع الخاص في سوق استيراد الغاز قد يؤدي لارتفاع سعره الحالي، (25) جنيهاً للأسطوانة، ولكن أيهما أخف ارتفاع الأسعار مع الوفرة، أم الشح والندرة التي تجعل مساعد الرئيس يشتري أسطوانة الغاز بمبلغ (80) جنيهاً.. والطاقم الاقتصادي الذي يدير البلاد ويخطط لها ، حينما أعيته الحيلة وحار به الدليل ،لجأ، على لسان محافظ بنك السودان "عبد الرحمن حسن"، للحديث عن استخدام البوليس في خفض أسعار الدولار الأمريكي في السوق، والدعوة لسن قوانين جديدة تصل عقوبتها الإعدام لمن يرتكب جريمة الإتجار في العملات.
والسيد محافظ البنك المركزي ، الذي كل ما في جعبته من أفكار لمعالجة الأوضاع الاقتصادية في البلاد.. اللجوء إلى الحل البوليسي ،بمطاردة صغار تجار العملة الذين يقفون في الطرقات العامة ويتصيدون فقراء الشارع، بشراء الدولارات والريالات، بينما تجارة العملة الحقيقية في "جدة" و"الرياض" و"دبي" و"أبوظبي".. حيث هناك شركات تتسلم مدخرات المغتربين والقادمين للبلاد ، على أن يتسلموا مقابلها عملات سودانية من دكاكين في السوق الشعبي والسوق العربي.. وأصبح المغترب الذي يدخل البلاد بعشرة آلاف دولار، يستحق التكريم لوطنيته.. والسيد محافظ البنك المركزي يعلم جيداً من يشتري الدولار من السوق الأسود ، وأين ينفقه ولا يستطيع السيد المحافظ أن يتحدث لشركات الاتصالات التي تشتري الدولار ، ولن يستطيع استرداد مبلغ (750) مليون دولار من (القطط السمان) التي أهدرتها وبددتها إحدى الشركات العاملة في المجال.
والإجراءات البوليسية لن تؤدي لخفض قيمة الدولار في السوق ، ورفع قيمة الجنيه السوداني الذي يهوي سريعاً إلى أسفل.. والأسباب التي تؤدي لأزمات الاقتصاد ، وضائقة المواطنين وعجز الدولة عن تقديم الخدمات، معروفة للقاصي والداني.. ولكن من يجرؤ على وضع أصبعه على الجرح ،من الطاقم الاقتصادي الذي تعوزه الشجاعة في قول الحق.. خوفاً على وظيفته وكرسيه.. والحقيقة التي لا يستطيع "عبد الرحمن حسن"، ولا "بدر الدين محمود" ، الجهر بها في وجه أمام القيادة السياسية أن أزمات الاقتصاد السوداني ، هي الوجه الآخر للأزمة السياسية وتبعاتها، من حروب وصراعات وانسداد لقنوات الصادر.. وسوء التدبير وبؤس التخطيط.. وإلا فكيف لبلد (يحترق الغاز) فيه في الهواء الطلق.. عند مناطق إنتاج البترول ويفسد البيئة.. ويهدد الحياة الطبيعية بالانقراض، بحقول "دفرة".. وشرق "الفولة" ومنذ عشر سنوات أو يزيد، تشتعل آبار النفط الذي يتم التخلص منه بالحرق، و"الخرطوم" تشكو قلته ،وحتى "الفولة" التي تنتج آلاف الأطنان من الغاز الذي يخرج من جوف آبار البترول.. يزيد سعر أسطوانة الغاز فيها عن (15) جنيهاً.. ولو فكرت العقلية الاقتصادية ،أيام الرخاء والمال البترولي السايب ، في إنشاء محطة غاز في تلك المنطقة.. لحققت على الأقل قدراً من حل الضائقة التي تعيشها البلاد، ولوفرت بعض المال للخزانة العامة.. و"عبد الرحمن حسن" ، لا يستطيع الاعتراف بأن الحرب التي تدور في البلاد أنهكت الاقتصاد وبددت الطاقات وهي أكبر مهدد اقتصادي للدولة، ولذلك يمثل إيقاف الحرب ،بأي ثمن، خطوة مهمة نحو الحفاظ على الدولة الوطنية، وعندما نقول بأي ثمن، لا نعني إلا ثمن كراسي السلطة والحكم.. لأن الذين يحملون السلاح من الجماعات المتمردة ،كل همهم أن ينالوا كراسي سلطة، لتشبع رغباتهم وجوانحهم.. وانتظار المعونات والهبات من الدول العربية يجعل بلادنا مثل "مصر".. دولة متلقية للمعونات والهبات من "القمح" و"الذرة" و"العدس" و"البصل" و"الجازولين" و"غاز الطبخ"، ولن تزيدنا المعونات والقروض والهبات إلا خبالاً.. وقد تكالبت علينا دول الجوار.. كل دولة تقتطع من أرضنا ما يشبع بعض رغباتها ومطامحها ،وهي مطمئنة لما تفعله.. لأننا مشغولون بصراعاتنا الداخلية وأزماتنا الاقتصادية، التي تجعلنا غير قادرين على مواجهة ما يحاق بنا.
{ "الميرغني" بشوف في "أركو" مستقبلي!!
في أخريات أيام "مني أركو مناوي" بالقصر الجمهوري ،وقبل أن يفض شراكته مع المؤتمر الوطني ويعود لتمرده.. أخذ "مناوي" يتحدث ل(الصحافيين) عن معاناته مع القصر.. وفشله في تحقيق أحلامه.. و"مني أركو مناوي" كان يختار (صحافيين) بعينهم، ليتحدث عن أوجاعه الخاصة ومشكلات اتفاقية "أبوجا".. حتى اضطر في ندوة أقامتها المعارضة، بمقر حزب الأمة وتحدث فيها "مني" وهو مساعد للرئيس، وقلل من المنصب الذي يشغله في الحكومة بقوله: (أنا هنا أفضل مني مساعد الحلة).. ومساعد (الحلة) هو معروف بالضرورة، لكل من امتطى اللواري في الزمان الغابر.. وتجول بين المدن والقرى والدساكر.. ومساعد (الحلة)، (هو المِساعِد الصِّغَيَّر، غير الكبير ، الذي هو الميكانيكي)، يقوم بمهمة الطباخة، ونظافة السيارة اللوري ونظافة الشارع ب(الكوريق) ،عندما (تتوحل) السيارة في طين الخريف، أو رمال الصيف.. والآن يعيد السيد "الحسن الميرغني"، مشهد "مناوي" القديم ، واحتجاجاته التي تمثل مقدمات خروج من القصر.. والسيد "الميرغني"، يختار خمسة صحافيين يعتبرهم الأقرب إليه، لإبلاغ رسالته للرأي العام في ظاهرها.. وفي حقيقتها هي رسالة للمساعد الآخر، "إبراهيم محمود" ،المسؤول الأول عن حزب المؤتمر الوطني.. "الميرغني" الصغير يشكو من إهمال القصر له.. وتركه بلا مهام ،توكل إليه لينفذها حتى يشعر بذاته في حكومة، سعى لها وسعت إليه.. سعد بها.. وسعدت به.. في سبيلها خسر قلب حزبه النابض.. وعصبه الحي ،ولحمه الذي يكسو عظامه، وظن "الميرغني" أن السلطة في القصر (تتنزل) عليه في هدوء وسكينة، وأن الرئاسة ستتنازل له عن بعض سلطاتها وصلاحياتها طوعاً واختياراً، حتى يؤدي "الميرغني" عملاً لصالح الدولة، والسيد المساعد "الميرغني" حينما أقبل على تولي المنصب الرفيع في القصر الجمهوري، هو يعلم سلفاً أن النظام الرئاسي يضع كل السلطات التنفيذية في يد رئيس الجمهورية وحده، بلا شركاء . لذلك حينما وقعت الحركة الشعبية على اتفاقية (2005م)، اشترطت أن ينص في الدستور على صلاحيات النائب الأول للرئيس، وبعض من الصلاحيات المشتركة ، ورفعت أغلب سلطات الرئيس على الولايات الجنوبية.. وبذهاب الجنوب إلى سبيله تم إلغاء تلك النصوص ،التي تجعل من منصب النائب الأول للرئيس شريكاً حقيقياً في السلطة، والسيد "محمد الحسن الميرغني" لو سأل مستشاريه القانونيين والسياسيين، أو حتى كلف نفسه مشقة الاطلاع على دستور "السودان" لأدرك أن منصب المساعد لا قيمة له في الواقع، إلا في حال تفويض الرئيس صلاحيات محددة له.. وبمواقيت محددة لإنجازها.. ولو لا السلطات الواسعة التي تنازل عنها الرئيس للنائب الأول، "بكري حسن صالح" المسؤول عن الملف التنفيذي، وشؤون مجلس الوزراء والأمن والدفاع، لأصبح "بكري" أيضاً جالساً في مقعده بالقصر، مثل "الحسن الميرغني".. ولو لم يفوض الرئيس صلاحياته في الملف الاقتصادي في الدولة والولايات والخدمات الأساسية لنائبه، "حسبو محمد عبد الرحمن" لجلس هو الآخر مثل السيد "الميرغني" في مكتبه، يغدق عليه العمال والموظفون الشاي والماء البارد، وتنتظره السيارات الفارهة التي تتقدمها عربة (إنذار) لتنظيف الشوارع من السيارات ،حتى يبلغ المساعد مقصده، في أسرع وقت ممكن!!
لو أن "الميرغني" الذي أمضى حتى الآن (6) أشهر حاول أن يقول كلمته بعد أن انفضت ال(180) يوماً ، والتي وعد فيها بتغيير وجه البلاد.. وتحسين أوضاع مواطنيه.. وها هي الأيام تنقضي و"الميرغني" لم تطأ أقدامه حتى اليوم محلية "سنكات"، ولم يتشرف "جعفر عبد الحكم إسحق" بزيارة كريمة من سليل الدوحة النبوية لمعسكر الحميدية للنازحين، في "زالنجي"، ولم يرهق "الميرغني" نفسه حتى بزيارة "الباوقة" ونخيلها ، الذي كان نصفه ملكاً ل"الميرغني" الكبير.. يذهب عائد البلح من الشمالية لجنينة "الميرغني" طلباً للبركة والفاتحة.. ولكن الوعي الذي اجتاح "السودان" من شرقه لغربه، وأد أحلام الطائفية في التمادي في استنزاف ثروات الشعب المسكين.
لن يرفض "البشير" ل"الميرغني" الطواف على ولايات "السودان" . ويملك "الميرغني" إصدار التوجيهات النافذة للدكتور "فضل عبد الله فضل" بإعداد السيارات وحجز الطائرة ،ورصد المال للزيارة التي يطلبها المساعد "الميرغني" داخلياً.. ولكن السيد "الميرغني" ومن قبله "مني أركو مناوي" ينتظرون أن تصدر إليهم التكليفات ليؤدون مهاماً!!.. وهل طلب أحدهم من الرئيس تنفيذ مهمة أو مراقبة أداء جهة من الجهات ، ورفض الرئيس تفويض مساعده الأول؟.. أم أن المسألة برمتها تعود أصلاً لطبيعة "الميرغني" غير الجماهيرية.. وبعده عن الناس العاديين، وحتى حينما عزم أمره على الحديث للصحافة اختار شركاء قضيته ، والذين يبث لهم شكواه بعناية فائقة ، ودقة متناهية!!
{ مؤتمر الحركة الإسلامية
نشطت الحركة الإسلامية في النصف الثاني من العام الجاري، في إعادة نفسها إلى الساحة السياسية والفكرية والدعوية.. وخاض الشيخ "الزبير أحمد الحسن" معركة بناء جديدة للحركة الإسلامية.. وصفة "شيخ" التي تطلق على "الزبير" لا علاقة لها بالعمر، فالسيد "الزبير" ينتمي إلى الجيل الرابع من الإسلاميين، وهو أقرب للشباب الخمسيني عمراً وفكراً ومنهجاً.. وجاء اختياره في منصب الأمين العام في مناخ تنافسي مع أحد القيادات ، التي تمثل أبعاداً فكرية، وثقافية ،الدكتور "غازي صلاح الدين".. لكن "الزبير" يمثل الواقعية السياسية.. وهو الأقرب لقيادة الدولة فكراً ومنهجاً.. ولا تتقمص شخصيته روح زعامة ووراثة.. وطمع في مغانم السلطة.. يؤمن فكراً وعقيدة، مثل شيخه "علي عثمان محمد طه" ، بأن البيعة للقائد السياسي ، لا المفكر والأب الروحي.. ويتصف "الزبير" بالتواضع الشديد وعفة اللسان في خطابه، لذلك نجح في استمالة أعداد كبيرة من الإسلاميين (المعتزلة).. ونعني بهم الذين (اعتزلوا) الصراع بين القصر والمنشية ، أيام المفاصلة الشهيرة.. واختاروا دخول السوق أو المساجد عاكفين، بعيداً عن السياسة.. واستمال "الزبير" المجاهدين من الشباب الذي لم يتورطوا في ملاسنات الكبار ومعاركهم ، ونجح في التغلغل وسط الحركة النسوية ، بانفتاح جديد برؤى وفكرة جعلت الحركة الإسلامية أكثر توافقاً ومواءمة مع الواقع، ولكن الحركة الإسلامية بقدر نجاحها التنظيمي داخلياً ، وبناء نفسها على قواعد جديدة وفلسفة تعيدها إلى الحقل الاجتماعي كحركة إصلاح.. إلا أنها تواجه مصاعب خارجية عديدة، في ظل الهجمة التي تتعرض لها التيارات الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها، وما جنته الحركات الإسلامية المتطرفة على (أخواتها) ، من جنايات بسبب تطرف تلك الحركات، وازهاقها لأرواح الأبرياء في عمليات تخصم من الإسلام، ولا تضيف إليه.. وقد أثبتت الأيام صحة نظرية د."الترابي" الذي انفصل عن التنظيم الدولي للأخوان مبكراً.. و(سَوْدَن) الحركة الإسلامية وجعلها حركة إسلامية سودانية بخصائص المجتمع السوداني، لا تميل للتطرف والعنف ، ولم يسجل حتى اليوم دفتر الإسلاميين السودانيين ولوغهم في دماء الآخر ،إلا دفاعاً عن النفس.. لذلك تمثل الحركة الإسلامية السودانية تيار وعي متقدم على بقية الحركات في المنطقة وتيار اعتدال وسطي يبحث عنه العالم حالياً ، للخروج من نفق (الدواعش) والحركة (الطالبانية) و(القاعدة) . وحتى الإسلاميين في "مصر" الذين ارتكبوا جنايات في حق بلادهم وأنفسهم ،بنزوعهم للتطرف السياسي، وبؤس قراءة قادتهم لواقعهم.
الحركة الإسلامية في "السودان" مطالبة ،وهي مقبلة على عقد مؤتمرها العام التنشيطي.. بالخروج للشعب السوداني برؤية جديدة حول التطرف والإرهاب، ومخاطبة الشباب الذين سحرهم بيان (الدواعش) فأخذوا يهاجرون ، حيث تنشط هذه الحركات الإقصائية.. وفي ذات الوقت فإن مؤتمر الحركة الإسلامية التنشيطي ، مطالب برؤية حول مستقبل البلاد من حيث الدعوة ، والعمل لتوحيد التيارات الإسلامية والتصالح مع الإسلاميين في الشط الآخر ، من النهر السياسي ومد جسور التواصل مع "الأنصار" و"الختمية" و"التجانية" و"المكاشفية".. لأن هؤلاء يمثلون تياراً عريضاً من الصوفية، التي تحالفت مع المؤتمر الوطني، ولكنها لم تتقارب فكرياً مع الحركة الإسلامية، بسبب عجز الأخيرة عن التواصل مع أكبر قاعدة إسلامية في البلاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.