إجادة صناعة الأزمات..! مصطفى أبو العزائم رمضان مبارك على الجميع، وهو شهر صوم وعبادة تتنزل فيه الرحمات من السماء على المسلمين والمسلمات، ويأتي بعض من في يده القلم الدنيوي إلا أن يجعل من شهر الصوم والرحمات، شهراً لكثير من المعاناة، وإلا فما معنى أن ينقطع الإمداد المائي في عدد كبير من أحياء العاصمة، ويأبى الإمداد الكهربائي أن يستقر رغم الوعود والآمال المطروحة في أفق حياتنا. ليس ذلك فحسب، فقد بدأ انفلات حقيقي في الأسواق و(طار) سعر كيلو الطماطم إلى حدود العشرين جنيهاً، ولا يدري أحد إلى أي مستوى سيكون، على ذلك قس بقيمة أسعار الخضروات، خاصة تلك المرتبطة بالمائدة الرمضانية ذات الصلة بالقيمة التعويضية في جانب الغذاء والسوائل للصائمين. ولم يقتصر الأمر على معاناة الناس في عدم تواصل إمداد المياه أو التيار الكهربائي، ولا على معاناتهم في ارتفاع أسعار الخضر والفواكه التي أصبحت فوق حدود القدرة العادية أو حتى العالية للمواطن.. فقد امتدت المعاناة إلى صعوبة التنقل والحركة من وإلى أي مكان، بسبب صعوبة المواصلات وعدم توفر المركبات، وقلة في عدد المركبات العاملة، والسبب واضح للعيان ولا يحتاج إلى بيان أو تبيين، لأن صورة الصفوف الطويلة الممتدة وندرة وسائل الحركة الذي بدونه تصبح المركبات المتحركة عبارة عن هياكل حديدية مهجورة تحكي معاناة المواطن في هذا الشهر المبارك. نطرح أسئلة مشروعة حول هذه الأزمات المتتالية، أولها هل هذه الأزمات حقيقية أم هي أزمات مفتعلة ومصنوعة.. ثم نطرح سؤالنا الثاني، وهو لماذا تصمت الجهات المختصة هذا الصمت المريب ولا تجيب على ما يتردد في عقول وأفئدة المواطن المسكين المغلوب على أمره، ولماذا لا تكون هناك بيانات لتوضيح الموقف خاصة في مجال تقديم الخدمات، لماذا تصمت هيئة مياه ولاية الخرطوم، ولماذا تصمت وزارة الكهرباء، ولماذا لا تجود علينا إدارة البترول بكلمة مفيدة أو غير مفيدة حتى تشعرنا بأن هذه المؤسسات والجهات وكل الحكومة تهتم بالشأن العام في مجال الخدمات. لا نستطيع أن نحمل الحكومة مسؤولية انفلات الأسعار، لأن قانون العرض والطلب أصبح هو المتحكم في أسعار السلع، خاصة تلك الاستهلاكية التي يمكنك ويمكن لأي مواطن أن يحدد حاجته منها حسب قدرته وإمكاناته، ولكن تحمل الحكومة ومؤسساتها التي أشرنا إليها آنفاً، مسؤولية هذه الأزمات، التي نشكك كثيراً في أنها أزمات حقيقية غير مفتعلة وغير مصنوعة، إذ ما معنى أن يبيت المواطن وهو آمن ومطمئن على وجود الوقود في محطات الخدمة ليصبح وقد وجدها خالية عن أية قطرة بنزين..! صحيح أن الجازولين لم يتأثر بعد، ولكن من يضمن استمرار توفره في ظل المفاجآت المفجعة التي نستيقظ عليها كل صباح. نطالب بالتحقيق الفوري مع كل المسؤولين في هذه المؤسسات والمرافق الخدمية، ونطالب بالمحاسبة دون مراعاة إلى أن فلاناً هذا (أخونا) جاء به التنظيم، أو أنه كادر موثوق به.. أو أو أو، لأن هذا هو الذي قعد بنا وأقعدنا وأقعد الخدمات وفتك بالمرافق والنظم المهنية وإعمال لوائح المحاسبة والعقاب.. فالذي يأمن العقوبة يسيء الأدب ويظل مع من معه في غيهم يعمهون.. حاسبوهم قبل أن يحاسبكم الله.