في تقريره الذي قدمه لنواب البرلمان (المجهر) تكتشف تضارب في الاعتداء على الأموال العامة في تقريرَيْ المراجع العام ووزارة العدل البرلمان - يوسف بشير ربما يكون ابتدأ المراجع العام تقريره بالآيات القرآنية: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، إشارة لنواب البرلمان لتفعيل دورهم الرقابي في وضع حد للتجاوزات التي أوردها، في تقريره، الخاص بنتائج مراجعة حسابات العام المالي الحالي، الذي قدمه لهم مساء (الثلاثاء). الأمر الذي يجعل الجمهور في حالة ترقب لما ستُسفر عنه الأيام القادمة من إجراءات تطال المتجاوزين مالياً وإدارياً، ومما يرفع سقف طموحهم في محاسبة المتعدين، شروع الحكومة في الإصلاح الشامل، ليضع بذلك، النواب وكذلك وزارة العدل، في محك حقيقي. وقبل أن ننتظر الأيام لنعرف إذا ما حُوسب المعتدون أم لا، نستعرض بعض ما جاء من تجاوزات في تقرير المراجع العام. عودة للوراء في بيانه عن أداء وزارته للعام الحالي وخطة العام الحالي، الذي قدمه لنواب البرلمان، قبل زهاء عشرة أيام، قال وزير العدل د." عوض الحسن" إن الاعتداء على المال العام، الذي ورد بتقرير المراجع العام، للأجهزة القومية، بلغ (33) حالة، بمبلغ يقارب ل (7.555.740) مليون جنيه. قدم بعضها للمحاكمة، والآخر تحت التحري، وقد شطبت النيابة (3) حالات، بعد استرداد مبلغ الاعتداء، البالغ (154.900.9) ألف جنيه. إذاً، المبلغ غير المسترد من جملة مخالفات المال العام، يقارب (7.4) مليون جنيه. ولكن، المراجع العام، قال في تقريره: إن جملة المال، غير المسترد، يبلغ (7.3) مليون جنيه، دعونا نغض الطرف عن التضارب في المبلغ، ونترك للمراجع العام ووزارة العدل الإجابة سؤالين، هما: من أين أتى الفارق، وأين ذهب؟. بادئ ذي بدء قد يكون بداية التقرير بالإيرادات الضريبية، ليؤكد ثقل جبايتها على المواطن، إذ تخصم من قوت يومه لتعود له في شكل خدمات، من بينها توفير الحكومة لأمنه، وتوصيل المياه والكهرباء له في مكانه. جميع دول العالم تتفق على ذلك، ولا ريب، فالضرائب تُعد إحدى أهم وحدة توفر المال للحكومة. ولكن ثمة تجاوزات كبيرة في الضرائب، أبرزها منح شركات إعفاءات طويلة الأجل، لا تستحقها، نظراً لعدم إستراتيجية نشاطها. إضافة لبلوغ الشيكات المرتدة والمتأخرات والفاقد الضريبي (4.1) مليار جنيه، تمثل (23%) من متحصلات الضرائب، ولم ينسٍ المراجع التوصية بالحد من الإعفاءات والاستثناءات من ضريبة أرباح الأعمال. فضلاً عن مخالفات حامي الوارد والصادر.. وبالمضي إلى جزئية الجمارك، نجد إنها تحصلت على (206) مليون جنيه، بطريقة غير مشروعة، لا توجد في ربط موازنتها، شملت رسوم كل من : غرامة موديل، مخالفات، وملاحظة. إضافة لتحصيلها (36.8) مليون جنيه، عبارة عن رسوم، بفئات مختلفة، تورد لبند الأمانات، يُصرف منها، دون إظهار الصرف في الحساب الختامي، شملت رسوم: الأشعة السينية، المعمل الجمركي، الحاسب الآلي، ورسوم الخدمات، وعد ذلك تجنيباً يخالف القانون. فضلاً عن مخالفات بإدارة مكافحة التهريب، التابعة للجمارك، بعقدها (111) مزاداً، بلغت جملة عائداته (90.7) مليون جنيه. ولخص المخالفات في الآتي : بيع عربات نُصفت عائداته بين هيئة الجمارك وأطراف أخرى دون سند قانوني، توزيع النسبة الخاصة بالجمارك في بند المخالفات، بدلاً عن رسم الوارد، تخصيص نسبة (50%) من عائد الجمارك لصندوق مال الخدمات دون وجه حق. حتى وزارة المالية ربما لا يكون القارئ قد رفع حاجب الدهشة لما ورد أعلاه، ولكن، عدم إظهار وزارة المالية ل (33.4) مليار جنيه، في حسابها الختامي، لعام 2015م، الذي قدمته للمراجع العام، يستحق الوقوف عنده كثيراً. وبحسب التقرير، نجد أن عدم الإظهار ارتفع لمبلغ (2.6) مليار جنيه، مقارنة بالعام قبل السابق. وهذه المبالغ المليارية بالعملة الجديدة عبارة عن التزامات، لم يفصح عنها المراجع العام، الذي قطع بوجود فروقات في عدم مطابقتها للحساب الختامي، لهذا العام، تفصيلها كما يلي: فروقات إيرادات (10.0) مليار جنيه + (208) مليون دولار، فروقات مصروفات (15.1) مليار جنيه، فروقات الأوراق المالية (6.1) مليار جنيه، وفروقات أسهم وحصص رأس المال بمبلغ (600) مليون جنيه. وقال "الطاهر عبد القيوم"، المراجع العام، إنه أصدر خطاباً بتاريخ 16/10/2016م، حول هذه الفروقات، وقد اجتمع بعد يومين بمكتبه مع المراجع العام، ثم اجتماع آخر، بعد أسبوعين، بوزارة المالية، أثمر عن تقديم رد، ليتم تقديم الحساب الختامي، مرة أخرى، بعد إجراء الوزارة لبعض التسويات. وتحفظ المراجع العام على معالجات تمت في هذا العام، وهي: عدم الإفصاح عن قروض شركات البترول (CNPC) وبتروناس الماليزية، وعدم إثبات الالتزامات الواردة في الحسابات الوسيطة ببنك السودان. فيما المعالجات، التي سوف تتم في العام القادم، هي: عدم إثبات بعض إيرادات الوحدات ومصروفاتها، لوجود استثناءات ممنوحة لها، وفرض رسوم وصرفها بدون موافقة وزارة المالية، لم ترصد في الحسابات. أموال الفقراء فيما يختص بالزكاة، قال المراجع العام: إن قوائم الديوان المالية أظهرت مبلغ (25.8) مليون جنيه، كأصول مشروعات، بينما هي في الواقع أصول ثابتة. وأسقطت أراضي بلغت قيمتها (2.9) مليون جنيه، من قيمة الأصول، قاطعاً بأنه يخالف لائحة الإجراءات المحاسبية والمالية. وأضاف: إن الديوان ورد ما جملته (6.9) مليون جنيه، من عائدات الاستثمار كأمانات، وصرف على أفراد تحت بند الغارمين، بدون مستندات مؤيدة، ولم يفعل اللائحة الداخلية المنظمة لعمل المراجعة الداخلية. لمن استطاع إليه سبيلا أما ميزانية الحج للعام 1436ه، فقد تصرفت في أمانات حجاج، لم تسترد لهم، وهي : (2.025.632) جنيه، لقطاع حج الخدمات الخاصة، (1.903.984) لقطاع المؤسسات، (416.238) ريالاً، لقطاع الخرطوم، و(132.000) ريال سعودي، لقطاع دارفور. إضافة لتحصيلها مبلغ (100) ريال سعودي، من كل حاج، لمقابلة احتياطي مصروفات، دون تقديم سند قانوني. بجانب صرفها ل (5.8) ريال سعودي، حوافز ونثريات لأعضاء البعثة، بنسبة (62%) من جملة تسيير محور السعودية. وذكر إنها فرضت رسوماً إدارية، بدون وجه حق، لبعض القطاعات، بلغت (2.444) جنيهاً. كما أنها لم تفصح عن صرفها، دون وجه حق، ل (3.5) مليون ريال سعودي، عبارة عن مصروفات. نماذج أخرى إلى جانب عدم تمكنه من مراجعة الإدارة العامة للرقابة المصرفية، ببنك السودان المركزي، لأدائها، بسبب امتناعها عن تقديم مستنداتها للمراجعة، وجد المراجع العام (104) شركات، مدرجة ضمن إدارة الهيئات والشركات بوزارة المالية، لم تحصل منها إيرادات. وقطع بعدم إيراد اللجنة الفنية للتخلص من القطاع العام، عائداتها البالغة (172) مليون جنيه، بالحساب الختامي، وقد أظهرت بحساب الأمانات. ومضى "عبد القيوم" إلى وجود (10) حسابات مفتوحة، باسم الدورة المدرسية السابقة، لم تقدم للمراجعة. ما ذكر أعلاه، بعض من التجاوزات المالية، التي وردت في تقرير المراجع العام. وغير التعدي المالي، ثمة تجاوزت إدارية، نستعرضها خلال الأيام القادمة.