(1) قال الزميل الكاتب الصحفي ب(المجهر)، "يوسف عبد المنان": (إن مروءة السودانيين سقطت في رابعة النهار)!.. ما أغضب "يوسف" أغضبنا كثيراً.. "مروة" ذات الأربع سنوات وأمها سقطتا، والأولى في حضن الثانية بمنطقة (حجير الدوم) بمحلية قدير بولاية جنوب كردفان برصاص مصاصي الدماء الذين طبعهم الغدر والخيانة.. "يوسف" قال إن الخرطوم لم تذرف دمعة واحدة أو تنفعل بما حدث في تلك المنطقة التي أصبح قدرها أن تكون في مرمى نيران المتمردين (الجبهة الثورية وقطاع الشمال) وحاضنتهم الحركة الشعبية.. الذين يدعوننا للتفاوض والتفاوض حتى آخر قطرة ماء وجه هم الذين سقطت مروءتهم في رابعة النهار.. الذين (يسمكرون) القرارت الأممية ويزينونها تحت دعاوى (الواقعية) و(العقلانية) هم الذين يتحملون مسؤولية دماء تلك الطفلة البريئة ومعها أمها و(52) من سكان (حجير الدوم) يا أسفي عليهم جميعاً.. المتحذلقون والمتأنقون أصحاب الياقات البيضاء لا يهمهم أن يبقى مواطنو (حجير الدوم) بين الأباطح يغشاهم الغدر.. ليس مواطنو (حجير الدوم) وحدهم؛ بل كل المواطنين على طول الحدود مع تلك الدولة السرطانية، في طروجي، بحيرة الأبيض، القردود، هجليج، الخرصانة، الميرم، سماحة، أبيي، كاكا، المقينص، جودة، وحرفة النحاس وهلمّ جرا.. أرجو أن يتحول غضب "يوسف" لمساندة القوات المسلحة، لن نقول لك ولأولئك أن تسقطوا الحوار والتفاوض من الحسابات تماماً، ولكن ندعو لأن ترفع الحكومة السلاح بيد وغصن الزيتون باليد الأخرى على أقل تقدير.. البعض يدعو الحكومة لترفع الراية البيضاء بيد وغصن الزيتون باليد الأخرى.. وهذا للأسف ما يحدث الآن، وجراء هذا الهوان تقتل الحركة الشعبية وأذنابها "مروة" ووالدتها "دار السلام" بدم بارد.. بينما كنا ندعو لأن يخلع وزير الدفاع (البدلة والكرفتة) ويعود من أديس أبابا ويرتدي لبس (خمسة) ويدير العمليات الحربية مع جنوده ولا شأن له بالتفاوض، كان البعض يصرّ على أن يقود الرجل تلك المفاوضات العبثية.. (الفارغة) لا يجب أن يشتغل بها وزير الدفاع وهو الذي يدير ثالث أكبر جيش في إفريقيا.. وجود وزير الدفاع بين جنوده فيه رسالة قوية إلى الجبناء الذين لا يثيبون إلى رشدهم إلا ب(العين الحمرة). (2) إن كان من حديث عن المؤسسات السيادية، فلابد أن تكون القوات المسلحة السودانية هي المؤسسة السيادية رقم واحد.. كانت هذه المؤسسة عبر تاريخ السودان محور الاستقرار السياسي والراعي لقومية وتماسك الإطار الجيوسياسي للدولة.. طالما لا نأمنن من الزمان تقلباً، فإن القوات المسلحة تظل الدرع الواقي من تقلبات السياسة والسياسيين وهمزات الأعداء.. إن كانت الإستراتيجية أمراً عظيماً وشمولياً، فإن القوات المسلحة هي مسألة إستراتيجية.. الإستراتيجية تقوم بخدمة السياسة.. والإستراتيجية عموماً، هي فكرة تربط ما بين الوسائل والأهداف. فكلما كبرت الأهداف السياسية، تطلب الأمر إستراتيجية راسخة.. (58) عاماً عمر قواتنا المسلحة تحملت خلاله بمسؤولية وإقدام عظائم الأمور.. أطول وأعنف حرب في إفريقيا على الأقل خاضتها القوات المسلحة بشرف وعزيمة وفداء.. البعض أطلق عليها مصطلح (حرب أهلية) لكن البعد الدولي والإقليمي الذي كان حاضراً بقوة جعل منها حرباً بمواصفات دولية فتخطت كثيراً مفهوم الحرب الأهلية.. أهم التعديلات والتغييرات التي طالت القوات المسلحة في 2006م جاءت من أجل توسيع صلاحيات وزارة الدفاع لتصبح مسؤولة عن التخطيط الإستراتيجى للسياسة الدفاعية للدولة، والشؤون المالية، والإمداد اللوجستي، والإشراف العام على أداء القوات المسلحة. (3) إذا أردت أن تفسد أمراً قبل أن يُنجز، فأصدع به وحدّث به وخالف الحكمة النبوية (استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان).. الإخلاص وجدية التغيير في المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية تقتضي أن يكون الأمر طي الأطر التنظيمية والمؤسسية حتى لا يخوض فيه الخائضون.. الحديث المكشوف عن التغيير إن كان مقصوداً ومتعمداً، فإنه يشير إلى خطة (جهنمية) تقوم على منهج الإشغال وشراء الوقت حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً. • آخر الكلام: مررت على المروءة وهي تبكي ** فقلت علام تنتحب الفتاة