قبل يومين، شاهدت تقريرا في إحدى الفضائيات عن (الموبايلات) ومخاطرها، وعرفت منه أن الموبايل حين ضياع الشبكة .. يكون أخطر عند حضور تلك الشبكة .. فأدركت السبب في كوارث الصحة وسط السودانيين ! كثير من المصائب تأتينا من الموبايلات، أقلها أنها تلتهم جزءا كبيرا من مدخولنا المادي، حيث تطير الفلوس في الهواء، وكأن الجيوب لا تعاني من الأنيميا المزمنة، وكأن سوقنا هو سوق الخرطوم أيام الفريق إبراهيم عبود ! أخطر ما توقفت عنده، أن الموبايلات (خشوم بيوت) في مخاطرها، بمعنى أن هناك مواصفات معينة يجب توفرها في الموبايل ليكون آمنا، وهي أمور فنية تتعلق بجودة الموبايل، وكلما غابت تلك المواصفات، كانت المخاطر الإشعاعية للجهاز .. كالقنبلة التي نحملها في جيوبنا، نلصقها في آذاننا، ونهمس لها بالكثير من أسرارنا، ولا نعلم أنها قد (تطرشق) فينا بأي لحظة، وهو ما وقع في حالات مرصودة ومثبتة، أو تتغلغل فينا بإشعاعها المميت، فتقتلنا ببطء، ونحن بها فرحون ! سوقنا في مجال الموبايلات، يزخر بكل فيروسات السودان، التي لم تترك مجالا إلا واقتحمته، خصوصا بعد حالة الشلل الاقتصادي التي لم تفلح فيها أخبار البترول الجنوبي العابر، ولم تنفع معها المليارات التي قيل إنه قد تم حقنها في الاقتصاد السوداني .. ولم نعرف مصدرها رسميا، ولا ندري مقدار ما سندفعه لاحقا لسداد تلك المليارات ! في الخليج، هناك مواصفات صارمة للموبايلات، بل ولكل الأجهزة الألكترونية، ولا يمكن السماح بدخول الموبايلات المضروبة، مهما كان بهرجها وجمالها الخارجي، ومهما كانت أصواتها تصم الآذان، دلالة على عافية مغشوشة .. سرعان ما يتحول معها الجهاز إلى خردة .. فيضيع المال .. وتضيع معه الصحة بما بثه من إشعاع . لكن سوقنا، ما شاء الله عليه، يمتلئ بتلك الموبايلات (المواسير)، من جماعتنا الآسيويين الذين نعرفهم، والذين يجدون في السودان، أعظم مناخ لتسويق البائر، والطالح، وبأسعار تبدو رخيصة، رغم أن أثمانها فادحة جدا، إذا قيست بالأضرار التي تسببها ! معظم الأجهزة الألكترونية والكهربائية التي يعج بها السوق، أصبحت أفخاخا يتهدد خطرها عافية الناس قبل جيوبهم،ابتداء من الموبايلات المجلجلة بنغماتها العالية، مرورا بأجهزة الراديو التي يفترشها الباعة ويعرضونها في (الطبليات)، وانتهاء بالتوصيلات والتحويلات الكهربائية الخطيرة، والتي يعرضها الباعة الجائلون في الطرقات، دون أي ضمانات تحمينا من سوء منقلبها ! لا نعرف كيف تدخل هذه المصائب للسودان، لكننا، على أي حال، لا نستغرب دخولها، فكل ما في السودان تكتسحه الفوضى وعدم الاكتراث، فلماذا نستغرب دخولها ؟ لكننا نتساءل، من بعد، عن الرقابة، والمواصفات، وحماية المستهلك، هل تتابع هذه الجهات ما يعج به السوق من سلع، وهل يتم توعية الناس، كأقل جهد، بأن جهاز راديو من النوع المعروض في المفارش السوقية، يمكن أن يكون مصدر خطر على مشتريه، وأن جهاز موبايل .. نقتطع له من مدخولنا المتهالك جنيهات عزيزة، لنشتريه لأن سعره أرخص .. يمكن أن نبيع من جرائه كل ما نملك لاستعادة الصحة التي يتسبب في إتلافها ؟ ثم .. هل تفضلت أي جهة .. بتنبيه الناس بأن التخلص من النفايات الألكترونية، لا بد أن يتم بطرق مختلفة عن مجرد الرمي في (البرميل) ؟ حقا .. الله الحافظ !