{ رغم (الخطيئة) الكبرى التي ارتكبها وفد الحكومة لمفاوضات "أديس أبابا" بتمريره اتفاقية (الحريات الأربع) بين السودان ودولة الجنوب، وما كان مضطراً للموافقة على إقحامها في جدول التفاوض منذ (مارس) الماضي، مما يعد من قبيل (الخفة)، والتكرم على الدول والجماعات بأملاك الشعب السوداني، أراضيه، ومؤسسات الخدمية، مدارسه وجامعاته ومستشفياته، وأسواقه التجارية، ودعوة الآخرين بالملايين لمشاركته في أرزاقه، ووارداته من القمح والدواء والكساء وكافة السلع والمستلزمات المستوردة (بمليارات الدولارات)، وهي أضعاف أضعاف عائدات براميل ال (9) دولارات (الزهيدة جداً).. قيمة مرور وتكرير وتصدير بترول الجنوب، رغم هذه (الجلطة) و(الغلطة) التي ارتكبها وفد الحكومة (المتخفف) - لو كان الدكتور "كمال عبيد" مكانهم لما فعلها - فإن الشعب السوداني الحائر والمغلوب على أمره، قد أجاز هذه الاتفاقيات (التسع) مع دولة الجنوب، قبل أن يجيزها (البرلمان) الذي تعود كثيراً على (التمرير)، وكأنه (لاعب نص) في فريق لكرة القدم، لا (مهاجم) متقدم لإحراز الأهداف!! { جميعنا حكومة، وبرلماناً، وصحافة ورأياً عاماً، بايعناكم، وأيدناكم على اتفاقيتكم (المثقوبة بالحريات الأربع)، أملاً في مستقبل أفضل، وتعاون أجمل بين الدولتين، جمهورية السودان.. وجمهورية جنوب السودان. { ولهذا، ولأننا من أنصار (التعاون الاقتصادي) المثمر والمنتج بين الدولتين، فإننا ندعو رموز وقيادات البلاد السياسية من الأحزاب الأخرى إلى القيام بمبادرات (عملية)، لا (نظرية)، في تقوية وتوطيد علاقات (العمق) السياسي والاقتصادي للربط بين "الخرطوم" و"جوبا" على الصعيد (الإستراتيجي)، بعيداً عن تكتيكات المرحلة، واتفاقيات الحكومات الزائلة. { ولعله من المناسب هنا أن نناشد السيدين الجليلين مولانا "محمد عثمان الميرغني" زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي، والإمام "الصادق المهدي"، الشروع في ترتيبات زيارتين منفصلتين إلى "جوبا" خلال (الأيام)، وليس (الأسابيع) القادمة، لتأكيد رغبة القوى السياسية وقطاعات الشعب المختلفة في دفع اتفاقيات التعاون بين السودان والجنوب إلى الأمام. { الجميع يعلم أن للسيد "محمد عثمان" دعوة (مؤجلة) منذ عامين لزيارة حاضرة الجنوب، وقد حان الآن الوقت للقيام بهذا الواجب الوطني الكبير، وإرسال رسالة مهمة للرئيس "سلفاكير" وحكومته، وحزبه، مفادها أن الأحزاب الكبيرة في السودان تساند مشروع السلام والاستقرار، ونفض الأيادي (الجنوبية) عن دعم (المعارضات المسلحة) في دارفور، وجنوب كردفان. { كذلك فإن الإمام "الصادق المهدي" مطلوب منه وضع "جوبا" في برنامج رحلاته الخارجية مرة، ومرتين وثلاثاً، فليس مفيداً أن نسلم أمرنا في ملف هذه العلاقة لجهة (واحدة)، هي وفد الحكومة للمفاوضات. { وبذات القدر، فإن الشيخ الدكتور "حسن الترابي"، وطبقاً لمشروعه الفكري والدعوي الهادف إلى (الانفتاح جنوباً)، فإن واجب الدعوة ومسؤولية الوطن تستوجب مخاطبته للمسلمين عبر مساجد ومنابر الجنوب، برفقة رجل بقامة وثقل السيد "موسى المك كور"، وفي اعتبارنا (تصويت) كتلة (المؤتمر الشعبي) في البرلمان لصالح اتفاقية التعاون مع الجنوب، ليس سنداً للحكومة، ولكن انطلاقاً من فكرة متقدمة ابتدرها الشيخ "الترابي" في وقت مبكر. { نحن نؤمن بضرورة التعايش وتطبيق (الحريات) بين السودان والجنوب، على (المدى البعيد)، ولكن مطلوبات السياسة والأمن كانت تفرض على الوفد المفاوض (تأجيل) اعتماد هذا الملف لثلاث سنوات ونصف السنة، هي (عمر) هذه الاتفاقية، لتكون حافز (التعاون)، لا شيك على بياض!! { جمعة مباركة.