اتخذت مسألة أوضاع أو وضعية مواطني البلدين في مفاوضات أديس أبابا، مكاناً متقدماً في أولويات وفد التفاوض خلال هذه الجولة الأخيرة، وقد رفضت الاتفاقية الإطارية السابقة التي وقعت في مارس الماضي وعرفت حيئذ بالحريات الأربع، من داخل المؤتمر الوطني وقيادات سياسية وبرلمانية وقطاعات واسعة من الشعب السوداني، وقاد رفضها إلى جدل سياسي ومواجهات كلامية بين الوفد برئاسة إدريس محمد عبد القادر وسيد الخطيب ورافضي تلك الاتفاقية. ظنَّ كثير من الناس أن تصريحات بعض قيادات الدولة والحزب الحاكم حوّل الحريات الأربع قبيل انطلاقة الجولة الأخيرة والفترة التي تلت توقيع الاتفاق الإطاري في مارس الماضي، ستكون عاصماً ومانعاً من إحياء هذه الفكرة ووأدها في مهدها، باعتبار أنها ليست مقدمة على الملف الأمني أو الحدود أو قضية أبيي، ثم أنها تخدم مصلحة الطرف الآخر أكثر من خدمتها مصلحة سودانية، وتحل مشكلة حكومة جنوب السودان التي عجزت عن توفير أبسط مقومات الحياة والخدمات لمواطنيها بعد تحولها لدولة مستقلة وتقف على حافة الانهيار عقب توقف ضخ النفط.. فضلاً عن مخاطرها الأمنية التي لا تخفى على ذي عينين. هذه الاتفاقية التي صِيغت من جديد وجاءت تحت مسمى «الاتفاقية الإطارية حول وضعية مواطني الدولة الأخرى والقضايا ذات الصلة بين جمهورية السودان وجمهورية جنوب السودان» ووقعت في السابع والعشرين من سبتمبر 2012م ، يتحدث الجزء الأول منها على النواحي الإجرائية في تشكيل اللجان المشتركة التي تعتمد الإجراءات المشتركة ذات الصلة بوضعية مواطني البلدين، والضوابط التي تلازم تطبيقها والمدى الزمني للتنفيذ والآليات المساعدة في التطبيق، وأقحمت في هذا الجزء التطبيقي الإجرائي لجان الاتحاد الإفريقي ولجنة أمبيكي وفتح المجال بالاختيار الطوعي لطلب المساعدة الفنية الخارجية في هذا الصدد، وهذا من عيوب هذه الاتفاقية.. أما الجزء الأهم الذي يثور خلاف كبير حوله ويعتبر من أكبر المخاطر التي تواجه أمن البلاد واستقرارها، ما جاء في الجزء الثاني المسمى «حريات مواطني الدول الأخرى» وهي كما جاء في النص من الفقرة الرابعة على النحو التالي: 1 بموجب القوانين واللوائح: مواطنو كل دولة يجب أن يتمتعوا في الدولة الأخرى بالحريات الآتية: أ حرية الإقامة. ب حرية الحركة. ج حرية القيام بالأنشطة الاقتصادية. د حرية الحيازة والتصرُّف في الممتلكات. 2 الشخص الذي يتمتع بأيٍّ من هذه الحريات التي منحتها له الاتفاقية لا يحرم منها نتيجة لتعديلات أو نهاية هذه الاتفاقية. 3 على الطرفين التفاوض بشأن وضع الحريات أعلاه وعلى لجنة الاتحاد الإفريقي أن تضع مشروع نص لأعمال اللجنة. أما الجزء الثالث من هذه الاتفاقية فيتعلق بكيفية تعديلها أو إلغائها وترتيبات الدولتين في كيفية التعديل والإلغاء وإشعار كل طرف الآخر برغبته في ذلك وكيفية حل التنازع في تفسير نصوصها. ما يتوجب علينا نقاشه أن هذه الاتفاقية تتناقض في جوهرها مع الظروف الراهنة المتعلقة بعدم فك الارتباط بين دولة الجنوب وقطاع الشمال سياسياً وعسكرياً، وتتعارض مع المهددات الأمنية الناتجة من فقدان الثقة بين البلدين، وتأثير تطبيق الاتفاقية على الأمن السياسي والاجتماعي والقومي وما يشهده السودان من حالات تفلُّت هنا وهناك ومحاولات تهريب سلاح داخل الخرطوم والتوترات الأمنية الكثيرة في مناطق مختلفة مثل دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق. وما يضعف من فرص نجاح هذه الاتفاقية التي تجاهلت جوانب كثيرة في كيفية ضبطها، أن الرأي العام بشكل كاسح يرفضها ولا يرغب في إعادة عقارب الساعة للوراء، فالتعايش السلمي وحسن الجوار ليس من شروط صحته الحريات الأربع، ولا من شروط وجوبه ما ورد في ديباجة ومقدمة الاتفاقية، وعلى الحكومة التفكير بعمق في اتجاهات الرأي العام وتحسس واستبيان ما يقوله الشارع وأحاديث المجالس وشعور المواطنين العفوي التلقائي حول هذه الاتفاقية ومبررات الرفض لها. ويتعين في هذه الحالة بعد توقيع مثل هذه الاتفاقية بنصها الذي أدخل علينا حتى لجان الاتحاد الإفريقي للتدخل في من يدخل بيوتنا ويعيش بيننا ويتملّك ويتاجر ويتصرّف بحرية في حيازاته بأرضنا. ---- الرجاء إرسال التعليقات علي البريد الإلكتروني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. ---------- إخوتي في الانتباهة وقبل فوات الاوان وقبل ما مالفاس يقع في الراس بحثت كثيرا عن من هم اشد اهتماماً وقلقاً على سوداننا الحبيب فلم اجد من هو اشد منكم رعبا من تلك الحريات الاربعة وجدت تساؤلاتكم :: لماذا يطلب الجنوبيين الحريات الاربعة في السودان وهم من اراد الانفصال منه؟؟؟ حقيقة سؤال محير ولا توجد له إجابة مقتعة افجرها لكم داوية لي أخ من الجنوبيين وربما يكون يتميز بروح السودنة والحب لبلاده أكثر من بعض الشماليين .. حدثني قائلاً إن اسرائيل تريد شراء اراضي في الحدود السودانية في الجنوب عن طريق الجنوبيين من بعد إجازة تلك الحريات الاربعة ومن بينها (حرية التملك ) على ان تكون الأراضي واسعة وشاسعة في أقصى جنوب السودان في احدود مع دولة جنوب السودان .. حقيقة وقفت على هذا الحديث كثيراً وبحثت فيه من جميع اركانه فلم أجد مبرر لهذه الحريات سوى هذه النقطة ..... واعتبر ان هذا هو الخطر الكبير والمهدد الذي ليس بعده سوى الخراب والدمار لبلادنا الحبيبة..... اعتذر عن عدم صياغة الكلام بالطريقة المثلى ولكن أردت ان اوصل لكم هذه المعلومة (ان اسرائيل تريد امتلاك أراضي في السودان عن طريق الجنوبيين على ان يكون معبرهم الوحيد لذلك هو الحريات الاربعة ومن بينها حرية التملك) استحلفكم بالله ان توصلو هذه المعلومة للبرلمان ---- الاخ الاستاذ الرزيقي السلام عليكم اقرأ مقالك ومقال الاخ اسحق يوميا وتمتلئ بطني بالهواء الساخن وافكر جديا في ترك البلد والهجرة الي الحبشة او حتى الصومال واعتقد ان صعوبة المعيشة في هاتين الدولتين اهون عندي من ان ارى بلدي تساق كالبهيمة الي المذبحة في عز النهار وبامضاء سودانيين مسلمين. لقد صدق فيهم قول القائل اننا لا نقرأ واذا قرأنا لا نفهم واذا فهمنا لا نعمل.