لم يدخل صوت الخروف ضمن نغمات الموبايل، ولا أدري السبب، رغم أن أجمل صوت يمكن أن يسمعه الشخص، منذ الآن وحتى العيد، هو صوت الخروف دون منازع ! طبعا .. يذكر بعض القراء أنني قلت لهم قبل أيام إن الخروف سيصبح بطلا للساحة، وحدتثهم لاحقا عن الخروف الباكستاني العاتي الذي بلغ وزنه أكثر من 280 كيلوغراما، وكيف أصبح صاحبه من المبحبحين، حيث نال جائزة فورية مقدارها ألف دولار، فضلا عن السعر الذي سيحظى به ثمنا لخروفه الثمين السمين ! بالأمس، داهمتني ابتسامة عريضة وأنا أطالع كاريكاتير الزميل (صديق الطاهر) بهذه الصحيفة، فقد رسم رجلا تبدو عليه علامات الشرود وعدم التركيز، وكان يصيح (بااااع .. بااااع)، فإذا بزوجته تصيح بفزع : (سجمي الراجل جاهو انفصام شخصية) ! والخروف، بالمناسبة، يمكن ان يصيب الكثيرين بانفصام الشخصية، والذهول، والزهايمر، خصوصا أولئك الذين يسمعون بالأرقام الفلكية التي يتم الحديث عنها لأجل عيون الخرفان، فالناس لا قبل لها بهذه الأسعار. وبصراحة .. كانت قناعتي الدائمة أن الخروف كائن مسالم، يتم سوقه للذبح دون أن ينبس ببنت شفة، ولا يمكن أن يكون عدوانيا، إلى أن عرفت بالأمس أنه يمكن (تحريشه) وبث العدوانية في سلوكه، بل والتنافس به في مجال مصارعة خاصة بالخراف دون غيرها! الخبر الذي تداولته المواقع الإعلامية .. ونشرته هذه الصحيفة أمس، يقول إن الشباب والأطفال في الجزائر يزداد ولعهم بالكباش المدربة والمخصصة للتناطح !! والتناطح المذكور لا يكون عشوائيا، فهناك مباريات جادة يتم إقامتها، يبرز فيها نجوم، وتندحر فيها كباش، ولذلك فإن الإعداد لمباريات النطح يخضع لمراسم، حيث يودع الكبش المناطح في غرفة منعزلة، بعيدا عن رؤية أي كبش آخر، ويتم ربطه بحزام وسلسلة حديدية حتى لا يتحرك كثيرا، فالمحافظة على اللياقة جزء من الاستعداد، فضلا عن أن الكبش يتلقى تغذية جيدة ويتم إعداده لمدة قد تصل لأربع سنوات، يكون بعدها جاهزا للميدان ! طبعا الخبر أشار أيضا إلى أن المناطحات تقام بنظام التنافس المتدرج، فهناك تصفيات تمهيدية، ثم ترتفع التصفيات لما يشبه دور ال 16 ودور الأربعة في كرة القدم، ليتم أخيرا التنافس على لقب البطل في مباراة ختامية. والمناطحة بين الكباش، كما يعرف الكثيرون، ليست مزاحا، ولكنها ذات صوت كصوت الاصطدام بين سيارتين، وسبق أن كتبت قبل سنوات عن مناطحة شاهدتها بين كبشين (فحلين) .. ووصفت فيها الشراسة التي يتقاتل بها الكباش، حيث يتراجع كل خروف إلى الخلف قبل الهجوم، ثم ينطلق الغريمان كصاروخين صوب بعضهما البعض .. ليتم الارتطام الهائل بين الدماغين المتناطحين دون رأفة . ولحسن الحظ، أن كباشنا مسالمة في معظمها، وإلا لكانت قد قضت على بعضها البعض .. مثلما يحدث بين البشر السودانيين وهم يتقاتلون في أكثر من موقع .. بل ويجعلون من قتل بعضهم البعض .. مجالا للمباهاة والإعلان عن (ضحايا العدو) في الطرف الآخر من النزاع ! المهم أن صوت الخروف لم يدخل بعد في نغمات الموبايل، وأظنه مرشح للدخول بقوة خلال ساعات، فالناس تفضل سماع الأصوات المحببة لديها، ولا أظن صوتا يفوق صوت الخروف دفئا وحميمية .. أكثر من صوت خروفنا العزيز .. في هذه الأيام !