معظم الصحف نامت في العيد، فارتاح الصحفيون من الماراثون الذي لا ينتهي، وارتاح القراء من الصحفيين وأنوفهم التي يدسونها في كل شيء ! شخصيا لم أعش إجازة حقيقية، فقد تواصلت مع كثير من الأحداث، كما تابعت أخبار خروف الضحية على مدار الساعة، وتواصلت مع بعض أصدقاء الغيم .. خصوصا أولئك الذين كانوا يسألون بإلحاح عن ثمن الخروف الذي حصلت عليه بشق الأنفس ! والصحف حين تمارس النوم في الأعياد، فإن لها حساباتها الخاصة، فهي لا تصدر في غياب عناصر التوزيع والنقل، وكلنا نعرف أن نقاط التوزيع تمارس النوم في العيد، فلماذا لا تغط معظم الصحف في النوم أيضا ؟ كما أن القارئ في ظني يحتاج لبعض الراحة من الصحف في العيد، فلماذا يرفع ضغطه بأخبار الحروبات والصراعات والتفجيرات، ولماذا يصيب قلبه بالوجع وأمثال شاطرابي قد جعلوا من الخروف بطلا للساحة .. ولماذا ينفعل بأخبار العالم التي لا تحمل سوى الأوجاع ومثيرات القولون العصبي ؟! طبعا كلامي ليس منزها، فهناك من يرى أن القارئ يحتاج أكثر للصحيفة في إجازاته، لأن وقته يكون أكثر رحابة، حيث يوفر الساعات الطويلة التي يهدرها في المواصلات، وفي العمل، وفي متابعة السياسيين الذين لا يعرف صدقهم من كذبهم ! لذلك، فالصحف إذا صدرت في الأعياد، فإن جرعات السياسة تكون صغيرة في محتوياتها، وتفرد صفحاتها لمواد المنوعات، وتجعل للصورة مكانة أكبر من المعتاد، وتكثر فيها الحوارات والدردشات الخفيفة، والتي تزيد من متعة القراءة في إجازة العيد . وصويحبكم من الذين لم يعتادوا قط على إجازة العيد، فقد قضيت سنوات طويلة وأنا ألهث في صحافة المهجر عند كل عيد، حيث لا تغيب الصحف هناك عن الصدور، وتكون كل وسائل النقل والتوزيع ومنافذ البيع متوفرة على مدى أيام الإجازة، ومبيعات الصحف تزداد مع الأعياد، كما أن المواد الإعلانية تزيد هي الأخرى بل تنهمر على الصحف، فتكون المناسبة موردا جيدا لجني المزيد من الأرباح. وعلى الرغم من أن العمل في الأعياد يحرم من التواصل الأسري في بعض ساعات اليوم، لكنه ليس شيئا كئيبا في كل الأحوال، فأجواء العمل لا تخلو من الدفء والحميمية بين الزملاء، كما أن ساعات العمل تكون في العادة محدودة وتتيح فسحة من الوقت للأمور الشخصية، وفوق كل ذلك، فإن الصحف العربية تعطي مردودا ماديا مجزيا لمحرريها والعاملين فيها خلال العيد، ما يحفز على العمل، ويعوض بعض الغياب عن طقس العيد. نعود اليوم للإطلالة على القارئ، فمن ارتاح من كلامنا الكثير فلا بد أنه سيعود أكثر صبرا على تحملنا، ومن افتقد كتاباتنا أثناء الإجازة فسيعود أكثر شوقا .. إذ لا يعرف الشوق إلا من يكابده، ولا الصبابة إلا من يعانيها ! لكن ثمة أمرا أحب قوله، وهو خاص بمحبي الاستطلاع عما فعل صويحبكم بشأن الخروف، فقد اشتريته بتسعمائة وخمسين جنيها، وغيري اشترى بأقل قليلا أو أكثر قليلا، وقد سجل الخروف أعلى معدل اهتمام به هذا العام، وشاهدت شخصيا خروفا هاربا من صاحبه صباح العيد، ورأيت كيف أن كل الحاضرين قد شاركوا في المطاردة .. اهتماما بالعريس .. الضحية . عيد سعيد .. وكل سنة وأنتم بألف خير