(1) لا يجب أن تقام العلاقات مع الدول خاصة العلاقات الاستراتيجية نتيجة لحظات انفعالية دون روية وتمعن. قصف (إسرائيل) لمصنع (اليرموك) أثار ضباباً حول الرؤية المستقبلية لعلاقات السودان الخارجية، بطريقة انفعالية ذهبت أشواق البعض لتحالفات استراتيجية للسودان، وهذا ما يفتقده بالفعل في هذه الفترة صوب (إيران)، لكن التحالف مع (طهران) على هذا النحو غير المستند إلى رؤية استراتيجية تكتنفه الكثير من الاحترازات. ظلت (إيران) دولة مثيرة للجدل و(الشكوك) منذ أن جاء النظام الإسلامي بقيادة "آية الله الخميني" في العام 1979م، حيث تمت الإطاحة بالنظام الملكي وعلى رأسه الشاه "محمد رضا بهلوي"، منذ ذلك الوقت و(إيران) تعاني من عزلة في محيطها الحيوي وهو العالم الإسلامي بما في ذلك الوطن العربي. بُعيد انتخاب "مرسي" نفت مصادر إعلامية مصرية رسمية أن يكون الرئيس المنتخب "مرسي" قد أجرى أية مقابلات صحفية مع وكالة الأنباء الإيرانية (فارس)، التي كانت قد ذكرت أن "مرسي" عبر في مقابلة معها عن رغبته في استئناف العلاقات مع (طهران) لتحقيق (توازن إستراتيجي) في المنطقة، إيران (مستعجلة)، بيد أن مرسي (متمهل) وما زال يتحسس طريقه وسط تعقيدات سياسية داخلياً وإقليمياً ودولياً. أشرت من قبل أنه في منتصف التسعينيات كنت قد أجريت حوارا صحفياً مع الأستاذ "علي عثمان" النائب الأول لرئيس الجمهورية في (الدوحة)، وكان وقتها وزيراً للخارجية، سألته حينها عن علاقة السودان ب(طهران)، وأوردت له الاتهامات الغربية للسودان بسبب هذه العلاقات، سريعاً نقلت إليَّ تعابير وجه "طه" (ضيقاً) و(عدم ارتياح)، ربما لحساسية الملف، إذن فإن الاقتراب من (إيران) له كلفة سياسية كبيرة جداً، وفي المقابل فإن التجارب تحدثنا أن (إيران) ضنينة بتقديم أي دعم اقتصادي أو حتى فني ذي بال يوازي تلك الكلفة العالية، فضلاً عن أن الخلاف المذهبي معها يقف عائقاً آخر أمام أي توافق أو انسجام سياسي. لاشك أن (إيران) قوة اقتصادية ضخمة قائمة على موارد طبيعية وكوادر بشرية ماهرة، ومع ذلك فإن العلاقات التجارية بين البلدين لا تتناسب مع مستوى تطور العلاقات السياسية بينهما، إذ يقال أن حجم التبادل التجاري بينهما لا يتعدى (150) مليون دولار سنوياً، وقيل أن (إيران) سبق أن منحت السودان قرضاً يبلغ (70) مليون دولار، لكن فوائده تفاقمت حتى وصلت إلى (400) مليون دولار، ولا يزال السودان عاكفاً على سداده. (2) لن يكون مجتمع الليبرالية الغربي بمنأى عن واقعه الحضيضي المعاش، حيث تفشي ظواهر صارخة في السلبية والتدهور الأخلاقي والاجتماعي. سقوط مفاجئ للرئيس المستقيل لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "ديفيد بترايوس"، انهارت الحياة المهنية الوظيفية ل"بترايوس" عندما قامت المرأة التي كان على علاقة غرامية بها، بإرسال رسائل تهديد إلى امرأة أخرى قريبة منه، السيدة التي تلقت رسائل التهديد قد أصابها الجزع مما جعلها تتوجه إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي لحمايتها ومساعدتها على تعقب المرسل، وهي "بولا برودويل"، وهي ضابط عسكري سابق وكاتبة السيرة الذاتية للجنرال "بترايوس"، كما كشفت عن رسائل فاضحة بين الاثنين. الهجمة على "بترايوس" والحرج الذي وقع فيه ليس لأنه ارتكب عيباً وعملاً ضد أخلاقيات المجتمع، لكن لأن العلاقات الغرامية خارج نطاق الزواج من الأمور التي لها حساسية خاصة لمن يعملون في مجال الاستخبارات من الذين يشغلون مناصب حساسة، ليس "بترايوس" وحده الذي انغمس في وحل الممارسات غير الأخلاقية في مجتمع الحضارة الغربية فقد سبقه آخرون كثر، منهم رئيس البنك الدولي "دومينيك ستراوس" الذي كان مرشحاً لانتخابات الرئاسة الفرنسية بتهمة تحرش جنسي بخادمة تعمل في أحد الفنادق في (نيويورك) العام الماضي. الولاياتالمتحدةالأمريكية الدولة القائدة للحضارة الغربية تقول الإحصاءات أن (31%) من الأمريكيين كانوا أو لا يزالون مرتبطين بعلاقات جنسية غير شرعية، و(62%) يعتقدون أن العلاقة الجنسية مع شخص آخر غير الزوج أو الزوجة جائزة ومباحة، و(70%) من الأمريكيين يعتقدون بأنه لا يوجد هناك قائد مثالي أو قدوة في المجتمع. • آخر الكلام: ما زلنا نهدر مزيداً من الوقت، وقطار اليقظة لم يتحرك من محطة الصمت.