في سنغافورة حذّرني مرافقي من ارتكاب حماقة رمي أي مخلفات على الطريق حتى لا يتم ضبطي متلبساً بجرم تلويث البيئة، وتغريمي بضعة دولارات، وبعدين يقع صاحبكم في (حيص بيص).. أما نحن وما أدراك ما نحن، فالمسألة (هردبيس)، والبيئة ليس لها بند في السودان على الإطلاق، ويقال إن هناك وزارة للسياحة والبيئة.. شيء مضحك.. سياحة ليس لدينا سياحة، بيئة حدث ولا حرج، نحن بصراحة عدييييل كده بحاجة إلى تطبيق قوانين رادعة ضد رمي المخلفات لأننا لا نمنح الطريق حقه، فالجميع أنا وأنت، و"ست أبوها"، و"عشوشة" و"أم بختين" و"آدم" و"عثمان" و"ستوتة العمشانة" و(الحنكوشة) "تهاني" و"سحر" و"توتا" والذي منه، لا نعرف أن للطريق حرمته، فالرجل الذي يصطحب أسرته إلى الحديقة (الفلانية) يجلس وينبسط أربعة وعشرين قيراط ويغادر المكان وهو (يملِّس) بطنه، بعد أن يحوله هو وأسرته إلى مزبلة - أعزكم الله - وصاحب السيارة (الكشخة) ينطلق في شوارع العاصفة القومية - أقصد العاصمة - ويرمي مخلفاته على عينك يا تاجر، وربما يفتخر في قرارة نفسه بأن مخلفاته لا تشبه مخلفات (الغلابة) من خلق الله، و(سيد الكارو) ربما ينبسط حينما يخرج الحصان التعبان مخلفاته في وسط السوق.. لكن هل يأتي اليوم الذي نشاهد فيه تطبيق مثل هذه القوانين في السودان؟ أم أن صاحبكم العبد لله يحلم أحلام (ظلوط)؟! ربما يقول أحدكم (اسكت يا زول وخليك من هذه التخاريف)، فقبل أن نطالب بنظافة الشوارع علينا نظافة النفوس.. طبعاً نظافة النفوس من الأهمية بمكان في زمن أصبح فيه كل شيء مليئاً بالغبار والأوساخ، فنفوس البشر تغيرت ولم يعد الإنسان السوداني مثل الجنيه الذهب كما كان في الماضي.. أبصم بالعشرة والعشرين هناك آلاف القصص عن غياب الشهامة.. كلنا بحاجة إلى تنظيف قلوبنا من أوساخ الحياة، فالشهامة التي كانت ترفرف بأجنحتها في فضاءاتنا، خرجت ولم تعد.. لكن السؤال المشكلة هل هناك صابون لتطهير القلوب؟! اعتقد أن أعتى المصانع لا يمكنها إنتاج صابون القلوب.. بعض الشعوب العربية تردد مقولة (العتاب صابون القلوب)، لكن لا أتصور أن العتاب ينفع مع أصحاب القلوب المليئة بالطمع وأوساخ الدنيا.. إذن تعالوا ننظف قلوبنا أولاً، وفي تصوري أننا بحاجة إلى سنوات طويلة لنظافتها، وبعدين نلتفت إلى شوارعنا.