(1 ( يُطلق المثل المصري الشعبي (أبقوا قابلوني) لتبيان استحالة حدوث شيء ما، على سبيل المثال أطلق المعارضون في مصر للرئيس "محمد مرسي" أحاديث للحيلولة دون تصويت المصريين له عندما أحسوا بزيادة حظوظ فوزه بالرئاسة.. قال المعارضون أو المناوئون ل"مرسي" والانتخابات على الأبواب والصراع على كرسي الرئاسة على أشدّه: (لو فاز مرسي.. أبقوا قابلوني لو فيه انتخابات رئاسية تاني).. أي أن "مرسي" لو فاز، فالسلام على الديقراطية لأنه سيكون رئيس دكتاتوري!.. ونحن سنستلف هذا المثل العميق الدلالة ونقول: (أبقوا قابلوني) لو أن السودان توصل إلى تفاهم واتفاق دولة الجنوب في ظل سيطرة الحركة الشعبية على مقاليد الأمور وفي ظل رئاسة "سلفا كير" المضطرب والمهزوز.. رغم نبرة التفاؤل التي تحدث بها وفد التفاوض بعد عودته عقب القمة التي التأمت قبل يومين في أديس أبابا بين الرئيسين "البشير" و"سلفا" إلا أن النتيجة صفر كبير، بل إنها معروفة سلفاً حتى قبل انعقاد القمة.. السودان جاد في إقامة سلام مع جوبا بل تأسيس علاقة إستراتيجية قائمة على المصالح المشتركة، مصالح تستوعب ما بين البلدين من روابط وتداخل وجوار أبدي، ولذلك لا يمكن أن تفكر الخرطوم إطلاقاً في غير ذلك، فلا المنطق السديد ولا العقل الرشيد ينسجمان مع موافقة الخرطوم على حق تقرير المصرير وتسهيل إجراءات الاستفتاء وهي تعلم بحجم التزوير الخطير، لتنشأ دولة معادية ومناكفة.. سنتحاشى الدخول في جدل حول ما إذا كانت الخرطوم (ساذجة) وتعاملت مع الأمر مثل طفل غرير.. قلنا إن الخرطوم جادة في السلام، لكن جوبا تتجاذبها (الأرواح الشريرة)، فهي تريد أن يمر نفطها وفي نفس الوقت تدعم الحرب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق عبر الارتباط بما يسمى بقطاع الشمال.. جوبا تماطل في تنفيذ اتفاق التعاون المشترك لأن عينها على نقل الملفات العالقة إلى مجلس الأمن حيث الملاذ الآمن وحيث تتربص هناك المندوبة الأمريكية الحاقدة "سوزان رايس".. "ثابو أمبيكي" الوسيط غير المحايد ورئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى، لوّح عقب القمة بعصا مجلس الأمن قائلاً: (يجب مراقبة أعمال التطبيق عبر مراقبين دوليين، وربما نلجأ لمجلس الأمن الدولي في هذا الشأن)؟!.. فأر جبل القمة تحدث عن (الاتفاق على مبادئ عامة) لتنفيذ اتفاق التعاون المشترك الراقد في غرفة العناية المركزة تحيط به أجهزة التنفس الصناعي والتغذية الوريدية، وينتظر الرئيسان كتابة مصفوفة التنفيذ ثم ترفع لهما لاحقاً لإجازتها؟!.. هل اللجنة السياسية الأمنية المشتركة التي فشلت في (3) اجتماعات بمعدل اجتماع واحد كل شهر قادرة على إعداد تلك المصفوفة أم أن القصة كلها محاولة من جوبا بمساعدة وساطة "أمبيكي" لشراء الوقت حتى تصل الملفات المختلف عليها إلى مجلس الأمن.. لأجل ماذا يتفاءل مفاوضونا؟، لماذا تقرع طبول الفرح الكاذب؟.. للتذكير فقط، نشير إلى أن "سلفا" أمر قبيل حضوره إلى القمة التي تأجلت يوم بسبب الأجندة، قوات الأمن والشرطة والقوات العسكرية بالبقاء على أهبة الاستعداد من أجل الدفاع عما سمَّاه ب(العدوان السوداني)؟!!. (2 ( ما زالت الصحف توالي نشر غسيل الفساد الرسمي الذي وثّق له ديوان المراجع العام في تقريره الأخير.. بعد فساد الوزارات ومن بينها وزرات مهمة مثل الدفاع والداخلية ومؤسسات مثل هيئة مياه شرب ولاية الخرطوم التي لا تبالي أن يتسمم المواطنون باستيراد مواد تنقية لا تصلح للاستخدام الآدمي، فقد أشار التقرير إلى أن جهات حكومية أهملت في استرداد مبالغ مالية تخص الدولة (شيكات مرتدة).. وبلغ إجمالي قيمة الشيكات المرتدة والمتأخرات طرف الجمارك والضرائب (44) مليون دولار.. نعم (جلدا ما جلدك جر فيهو الشوك)، فالمال العام مستباح إما بسرقته أو تركه لقمة سائغة لدى الشركات الأجنبية وهي ضحكت على الدول بتقديم شيكات مرتدة. • آخر الكلام: عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت) رواه البخاري.. الحياء زينة النفس البشرية، وتاج الأخلاق بلا منازع، وهو البرهان الساطع على عفّة صاحبه وطهارة روحه.