** الرهان على جامعة الدول العربية في حل أزمة لاهاي ، كما الرهان على فرس أعرج في سباق خيول حرة .. عفوا .. ليس الرهان على تلك الجامعة فقط ، بل الرهان على كل شئ عربي ، منظمة كانت أو نظاما ، ليس إلا رهانا خاسرا ..هؤلاء ، كما تعلم صديقي القارئ ، لايتقنون إلا : الشجب بحياء ، الادانة سرا ، الاستنكار بخفاء .. وهم كما ذاك القوم سابقا ، ومنهم توارثوا مواقفهم في الشدائد ، فهل تذكر ذاك القوم ومواقفهم .؟..نعم ، قوم كانت قلوبهم مع علي نهارا ، بيد أن سيوفهم لم تبارح أغمادها يد معاوية حين يحل المساء ثم ظلاما يصلح فيه فن « الطبخ »..يطبخون مواقفهم - عند كل أزمة عربية - كما تشتهي أعمار أنظمتهم أولا، ثم مصالح شعوبهم أخيرا ، وليس هناك موقف ما بين الأول والأخير تشتهيه تلك ..« الأزمة العربية » ..!! ** فالعاقل يتعظ من تجارب غيره ويسأل ذاته بكل وضوح : ماذا فعلت الجامعة وأنظمتها لفلسطين وقدسها فى الستين سنة الفائتة ، وبم خدمت قضية شعبها ورئيسهم الذي عاش محاصرا في غزة ، ولم يجد من يجد حصاره إلا بمكرمة إسرائيلية منحته إذنا مؤقتا للسفر بغرض العلاج الأخير ..؟..وماذا فعلت تلك الجامعة وأنظمتها عندما تناثرت أشلاء أحمد يس وكرسيه في ذاك الفجر تحت سمع وبصر الضمير الإنساني الذي تتحداه صواريخ إسرائيل بيانا بالعمل ، على مدار اليوم ، كل عام ..؟..وماذا فعلت الجامعة وأنظمتها عندما بحثت رجامات السيدة أمريكا عن أسلحة دمار شامل من صنع خيال بوش في مدائن العراق وأزقة حواريه ، وهى لا تميز الرضيع عن أمه قتلا ،ولا الشيخ عن زوجته تمزيقا ، وكل ذلك باسم الحرية و..« السلام العالمي »..؟ ** تلك شواهد بلا تفاصيل ، أدخنتها لم تنخفض ، وكذلك لهيبها لم يخمد..وجامعة الدول العربية وأنظمتها شاهدة عليها ، بل موقعة على عقد استمراها بذات الدمار والدم والدموع ،وكأنها جامعة جمعت عضويتها فقط لتتعاقد مع الغرب وسيدة الغرب أن لا ينام المواطن العربي - من المحيط إلي الخليج- مطمئنا ، وألا يعيش سعيدا يوما في عمره ..وبعد كل هذه المآسي الدامية والتجارب الفاشلة والشواهد العارية ، وكأن هذا السودان في كوكب آخر لا يعرف شعبه مايحدث فى كوكب الأرض ، هنا من يحدثك بثقة عن جامعة الدول العربية وجهودها المبذولة لحل أزمات السودان والتى منها أزمة لاهاي ..هكذا يحدثك بثقة ويرهق لسانه لإقناعك بتلك الجهود المبذولة من تلك الجامعة وامينها العام ودول الأعضاء في سبيل سلام وأمان المواطن السوداني و ..« عيونه العسلية » ..!! ** وفكرة المؤتمر الدولي التي تسوقها جامعة الدول العربية بعد أن طبختها إحدى دولها ، فكرة مريبة وتناقض نفسها بنفسها ، ثم أنها « سم في دسم » .. فالفكرة ، كما جاءت على ألسنة مفكريها ، تجمع الحكومة ، الحركات ، الاتحاد الافريقي ، الجامعة العربية و الاممالمتحدة على مائدة دولية لتسوية شاملة لكل بؤر التوتر بالسودان ، جنوبا وغربا ، مع إلزام كل الأطراف بتنفيذ توصيات هذا المؤتمر الدولي ، أو هكذا ملخص الفكرة التي بدأت تروجها الصحف العربية منذ البارحة .. والمتأمل فيها يجد الجنوب بجانب الغرب في التسوية المرتجاة ، وكأن اتفاقية نيفاشا - التى وقعت عليها أقوى أطراف المجتمع الدولى شهودا - لم تصل قبل ثلاث سنوات إلي تسوية هم يسعون للوصول إليها فى « مؤتمرهم الدولي » ..وكذلك فكرة المؤتمر الدولى كأنها لم تسمع بأبوجا التي صاغتها ووقع عليها أقوى أركان المجتمع الدولي ، ثم الدوحة المرتقبة ، وهنا مربط ..« الصراع العربي » ..!! ** نعم ، دول عربية لايسعدها الجهد القطرى المبذول تجاه أزمة دارفور ، ولن يسعدها أي نجاح يتحقق في هذا المسعى ..دارفور لم تعد ميدان حرب بين الحكومة والحركات فقط ، ولا أرض صراع دولى بين أمريكا ورفيقاتها فقط ، بل هي أصبحت سوح نزال عربي أيضا .. والتناطح لم يعد خافيا بين رأسي « مفاوضات الدوحة » و« المؤتمر الدولي » ..ونحن ، وطن وشعب ، سندفع الثمن ..« ثمن التناطح » .. هذا ما لم تنتبه الحكومة ، وتراهن على الجبهة الداخلية ، بالتصالح معها .. كيف ..؟... « هي تعلم » ..!! إليكم - الصحافة –الاثنين 16/03/2009 .العدد 5645