فاوضني بلا زعل (٢ قبل بضع سنوات وبينما كنت أتوجه نحو بوابة مجمع الطالبات الجامعي نادتني احدى الطالبات: يا هناية .. أقيفي دقيقة ! التفت إليها وسألتها بدهشة: قاصداني أنا ؟! فأجابتني بأن (آآي) .. انتظرتها حتى اقتربت مني وقد دخلت هيبة استاذيتي (في أمرا ضيق) لمناداتي من طالبة ب (هناية)، ولكن خفف (الضيق) عنها، تيقني من أن الطالبة ليست من بنات علوم اللاتي أدرس لهن .. طمأنت نفسي ب (الما بعرفك يجهلك)، فشكلي كان لا يختلف عن بقية الطالبات – وقتها – لبسا و(حجما) ! ولكن ما أكد ظني بعدم معرفتها لي أنها ناولتني حقيبة كتبها بعد أن أخرجت منها (طرحة) وبعض الدبابيس وقالت: أمسكي لي الشنطة دي دقيقة النربط الطرحة. أمسكت الحقيبة وانتظرت في صمت حتى أحكمت رباط خمارها، ثم أنزلت أكمام قميصها المشمرة ونفضّتها، ثم عمدت إلى تنورتها (الإسكيرت) وكان مفتوحا من الخلف فلفته وحولت فتحته للجهة اليمنى - لأن مقاعد حارسات البوابة كان على اليسار - حتى لا يتمكن من رؤية (الفتحة) عند مرورها بين أيديهن !! فعلت كل ذلك وأنا أراقبها باسمة، وبعد أن انتهت مدت يدها وتناولت مني الحقيبة وهي تنظر لهيئة ملابسي وعندما اطمأنت على مطابقتها لمواصفات (الهيئة ) قالت مع اشارة بعينيها نحو الحارسات: يعني تعالي ندخل سوا .. عشان الجماعة ديل ما يركّزوا علي ! وافقتها وجعلتها تسير عن يميني حتى عبرنا البوابة معا تحت نظرات الحارسات المتفحصة، ولكن ما أن وصلنا للداخل حتى صادفت مجموعة من طالباتي فأسرعن نحوي للسلام: كيفيك يا أستاذة منى ؟ توقفت لرد السلام وعيني على (زولتي) التي لاذت بالفرار رعبا، عندما تنبهت بأنها كانت كالحرامي الذي استعان بشرطي كي يهرب من موقع الجريمة. ما قصدته من وراء سرد تلك الواقعة الطريفة هو التدليل على أن الرقابة الذاتية من الطالبة على نفسها الناتجة من حسن التربية وغرس القيم الطيبة في دواخلها، أجدى من وضعها تحت الرقابة البوليسية فبنات الزمن ده أحرف من حرامي الزفّة –كما ذكرت في مادة سابقة، فهن يجدن فن الزوغان من الرقابة والتحايل على القوانين مهما اجتهدت في وضعها الأسرة أو الجامعة، ولذلك فان مصادقتهن والاستماع إلى أفكارهن ومجادلتهن بالحسنى، أوفق من فرض الأوامر عليهن فرضا، فكما جعلت عنوان المادة (فاوضني بلا زعل) كنت أتمنى أن يتسع صدر ادارة جامعة الخرطوم للاستماع لوجهة نظر الطالبات ومراضاتهن، خاصة في حكاية سؤء معاملة الحرس الجامعي، فقد عملت في العديد من الجامعات وكنت اتابع عن قرب طريقة تعامل المرابطات أو الحارسات - ايا كانت مسمياتهن - مع الطالبات أثناء دخولي أو خروجي من الجامعة بل تعرضت – في بت أم روحي – غير مرة لمساخاتهن عندما يلتبس عليهن الأمر أحيانا ويحسبني واحدة من الطالبات. أما بناتي الطالبات – عجبتكم؟ – فعليهن أن يعلمن بتفهمنا لتغير زمنّا عن زمانهن ونوافقهن على مطالبتهن بمساحة أوسع من الحرية شريطة أن يحسن استخدامها، ودون مبالغة .. فان شئتن ضرب المثل للحرية المكفولة للطلبة، ففي جامعات مصر القريبة (طلقيبة) حيث لا توجد أي قوانين تلزم الطالبات بلبس معين والحرس فيها (فلاحتو بس في السياسة والسياسين)، ورغم ذلك وطوال سنين دراستي في جامعة اسكندرية وكل الجامعات التي زرتها، لم أصادف (ولو بالغلط) طالبة تلبس بصورة شاذة أو تضع مساحيق تجميل بالصورة التي تضعها بناتنا للجامعة. وإن شئتن النظر ل (الكبت المصلح) فعندما تباسطت مع ابن شقيقتي الذي يدرس في احدى جامعات الامارات وسألته: (الجكس المعاكم كيف؟) أجابني: (يعمينا فيهن !!) ف الجامعات الخليجية فارزة عيشة البنات تماما – مش تقولوا لي بعد ستة مساء – فالحرم الجامعي البناتي (سجن عديل) مغلق وحصري عليهن لا يدخله سوى الاساتذة والعاملين عليه، وعندما تحضر الطالبة للداخلية التي تقع ضمن الحرم يتم استلامها من ولي أمرها بعد تجريدها من الهواتف المزودة بالكاميرا، ولا تغادره إلا عندما يحضر لتسلمها تسليم اليد لليد !! وبعد ده عاملات لي مظاهرات وتي شيرتات يا بناتي .. بدل تبوسوا ايدينكم قلبه وعدله ؟؟!! لطائف - صحيفة حكايات [email protected]