!! * من حين الى آخر تطل برأسها مشكلة (كهرباء المساجد) ويخرج علينا أحد الوزراء أو المسؤولين بتصريح من العيار الثقيل يجد طريقه الى نشرات الاخبار وصفحات الصحف الاولى، بحل المشكلة أو( قرب) حل المشكلة، ولكن ما ان تمض بضعة أيام واسابيع حتى يكتشف الجميع أن الحل تحول الى (خل) ولا يوجد حل ولا غيره، وأن بيوت الله تغرق فى الظلام، ويغرق الذين يعمرونها بالصلاة والدعوات المباركات فى العرق والاحزان بسبب ما آلت اليه فى زمن الجمرة الخبيثة التى لا تفرق بين دارعبادة ومحل لبيع الخردوات، ولا بين من يأتى للصلاة ومن يأتى للحلاقة، كلهم فى نظر الدفع المقدم (فواتير مستحقة الدفع مقدماً) حسب القانون واللوائح والنظم المالية التى خطها البشر لتسري على بيوت الله مثلما تسري على دكاكين الحلاقة ومحلات بيع الآيس كريم، مع عظيم تقديرنا واحترامنا للخدمات الجليلة التى تقدمها هذه المحلات!! * وزارة الشؤون الدينية والاوقاف الاتحادية تبرأت من المسؤولية بأنها ليست الجهة المسؤولة حسب القانون من تسديد فواتير الكهرباء، جاء ذلك فى تصريحات واضحة وصريحة على لسان الوزير الاتحادى الدكتور أزهرى التجاني في تحقيق أجرته الزميلة (الرأى العام) قبل حوالى شهرين أعلن فيه براءته أمام الله والناس من هذه المسؤولية، ووضعها على عاتق الحكومات الولائية!! * أين تذهب إذن أموال الاوقاف ورسوم الحجاج والمعتمرين؟ وما هو دور الوزارة الاتحادية فى وضع السياسات العامة التى تتحجج بها كلما سئلت عن (كهرباء المساجد ومعاناة المصلين والمتعبدين) لحل هذه المشكلة العويصة بالتنسيق مع وزارة المالية والهيئة القومية للكهرباء التى تبرأ أيضا مديرها العام المهندس مكاوي (فى نفس ذلك التحقيق) من المسؤولية ووضعها على عاتق وزارة المالية الاتحادية، التي ( والكلام من عندي) تلتزم الصمت الكامل إزاء ما يحدث للمساجد والذين يعمرونها، وكأنها لم تقرأ كلام الله بأن( المساجد لله) و(إنما يعْمُرُ مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر) صدق الله العظيم، فكيف تطيق وزارة المالية كل هذا الصمت؟ وكيف تدعي وزارة الاوقاف بأنها غير مسئولة وكذلك الهيئة القومية للكهرباء؟! * كلهم تبرأوا من المسئولية ووضعوها على عاتق الحكومات المحلية التى ( لا خيل عندها ولا مال)، أم تريدونها أن تقلع (حق الصلاة) مثما تقلع حق الكتب المدرسية والادراج والمرتبات والخدمات الاخرى تحت مسميات مختلفة تتحايل بها على القوانين والاوامر التى تمنع ذلك؟ ولماذا لا تأخذ منها الهيئة القومية للكهرباء الخبرة فى التحايل على القوانين التى تمنعها من تخفيض رسوم كهرباء المساجد التى تشهد كل يوم تخفيضاً للكمية التى يشملها الدعم حتى صارت لا تكفى إلا بضعة أيام في الشهر، بينما يغرق المسجد معظم أيام الشهر في الظلام وعرق المصلين وليس ببعيد ما حدث لمسجد الشيخ قريب الله بحى ودنوباوى بأم درمان الذى ظل غارقا فى الظلام أكثر من اسبوعين كاملين ولم تحرك الهيئة القومية ساكناً برغم الخدمات الجليلة والكريمة التى يقدمها المسجد والخلاوى الملحقة به، وهى خدمات تعجز عنها عشرات المدارس والمؤسسات، فآية واحدة يحفظها طالب علم، أو فضيلة واحدة يتعلمها إنسان من ارتياد المسجد افضل من الدنيا وما فيها إذا صدقها العمل، لأنها تعنى الايمان الذى هو ما وقر فى القلب وصدقه العمل. * كهرباء المساجد ودور العبادة الاخرى مسئولية إيمانية وقرآنية قبل أن تكون محلا للنزاع والجدل والتواكل بين مؤسسات الدولة الواحدة التى تطلق على نفسها دولة الشريعة، ولا بد أن تجد حظها من النقاش العميق على أعلى المستويات والحلول العملية التى تتيح للمصلين والمؤمنين ارتياد دور العبادة والتعبد باطمئنان وبدون مضايقات، خاصة وشهر رمضان الكريم الذى يكثر فيه إرتياد المساجد على الابواب، وسيبونا بالله من حكاية المحليات والمعتمديات، إلا إذا كنتم تريدون ان تروا لافتاتها معلقة على أبواب المساجد .. ( الصلاة بي جنيه)!! مناظير [email protected] جريدة السودانى، 14 أغسطس ، 2009