.. وسلطان كل جزيرة من جزر الخدمة المدنية.. والوزراء يفعل ما يشاء .. مطمئناً إلى أنه : لا أحد يحاسب أحداً. والدولة لا تحاسب أحداً.. مطمئنة إلى أنه لا أحد يحاسب الدولة. لكن الدولة سوف تبدأ الجري غداً. تجري بجنون هرباً من غضبة هائلة. ومن يطارد الدولة يومئذٍ هم الحجاج.. فالطيران السوداني = الذي استلم كل ما يطلب من الأموال = يعجز الآن عن استئجار طائرة واحدة لنقل حجيج هذا العام. .. والعجز هذا، ما يجعله مخيفاً هو أن الأموال المخصصة للإيجار هذا .. تختفي. .. وما تخبر به المجالس حتى الآن هو أن : وزارة المالية تعجز لشهر وشهر وشهر عن دفع مرتبات العاملين لجهة ما. والجهة هذه تضع أيديها على أموال الحجيج .. وتصرف كافة مستحقاتها.. بشريعة مفهومة.. شريعة موظف في الدولة يعمل ويستحق. .. ووزارة المالية سوف تنكر. والطيران سوف ينكر. والحجاج سوف يتجهون إلى الإبل. .. آخرون منهم سوف يتجهون إلى الطوب والعصي. (2) .. وفي زمان الإنترنت حيث تتجاذب أطراف الحديث من غرفتك في الخرطوم مع آخر في هولندا، وثالث في زنزبار تتجاذب السفارات الآن حديثاً غريباً.. فأمريكا تعلن أمس الأول عزمها على فتح تحقيق في مقتل سفيرها في ليبيا. وأنس السفارات يقول إن من قتل سفير أمريكا هو .. أمريكا ..!! وبدقة .. وأنس الإنترنت يقول إن المخابرات الليبية قامت بتحذير السفارة الأمريكية .. وبتحذير مخابرات أمريكا من أن خطراً يهدد السفارة. .. وتحدّد مصدر الخطر هذا.. وأمريكا لحسابات عندها تستغل (الخطر) هذا لقتل سفيرها.. سعياً إلى شيء وراء ذلك.. وبدقة وأسلوب قديم عندها. والأنس يورد الشواهد والسوابق ويقص كيف أن أمريكا ما تزال متهمة بأنها هي من قتلت سفيرها في الباكستان أيام ضياء الحق.. لهدف مشابه.. ونموذج .. ونموذج. وما يتجاوز الظن إلى المعلوم صراحة الآن هو أن المخابرات الأمريكية أيام كوبا كانت تعرض على الرئيس كيندي أن: (يقدم جنود أمريكيون يرتدون أزياء الجيش الكوبي بالهجوم على قاعدة أمريكية وقتل عدد من الجنود الأمريكيين حتى تجعل أمريكا الهجوم هذا ذريعة لغزو كوبا).. والخطوات التي تعدها أمريكا الآن للمنطقة لعلها تصبح أكثر فصاحة. وأمريكا = التي تغطي اغتيال سفيرها = تغطي وجهها هذا من (الناخب) الأمريكي. بينما أمريكا تكشف وجهها الحقيقي ببرود للعالم. وأمس الأحد سلمان رشدي في محطة ال ((CNN يلوم المحطة هذه على أنها لم تنشر الفيلم المسئ. وكلنتون في المحطة ذاتها يقول إن (غضبة العالم الإسلامي ليست ضدنا .. إنها ضد عجزهم هم). .. والكتب التي تتدفق الآن عن أفق العالم الجديد تنقل عن مفكرين أمريكيين منهم سكينز وبيرسي وطومسون = ورؤساء أمريكا يتبنون آراءهم = أنهم يقولون = أسياد العالم .. نحن فقط وكلنتون الذي يجلس في محطة ال (CNN) أمس كان هو من يقول: نمضي لتحقيق الحلم العظيم الذي هو (أمركة) العالم طاعة أو قسراً. وعن الحرية قال بفصاحة بديعة : الحرية هي حريتي أنا.. والمنفعة هي منفعتي أنا.. أما حرية الآخرين فلا شأن لنا بها.. قال: والحق هو ما نستطيع انتزاعه .. فقط واسكينز الذي هو أكثر وضوحاً يقول : الآن.. من حقنا أن نقول للإنسانية.. مع السلامة.. وليخلصنا الله منك.. والعقل أيضاً نقول له مع السلامة. (3) ومفاوضاتنا تقدم (السبت) لأمريكا لتحصل على (الأحد). لكن أضخم صفقة تجارية (طرد السوڤييت من مصر.. يطردهم السادات للحصول على دعم من كيسنجر). المشروع هذا حين يقوم به السادات ويلتفت ليحصل على الثمن يجد كيسنجر يقول ساخراً : لماذا ندفع ثمن وجبة دخلت معدتنا بالفعل؟؟ وفي الحكاية السودانية الفتاة الساذجة التي ترعى الأغنام والتي تسمع أن زواجها يوم الخميس تذهب إلى جدها العجوز وتسأله : جدي.. الخميس يجي متين؟ والرجل يمسك بلحيته ليقول لها : عيب جدك.. كان السنة دي .. فيها خميس. .. ومفاوضونا يعطون وينتظرون الخميس.. وينتظرون أمريكا. إسحاق احمد فضل الله - آخر الليل صحيفة الإنتباهة