صرت أستخدم الطائرة في السفر نحو 8 مرات في السنة الواحدة، وشيئا فشيئا لم أعد أتناول المخدرات أو العقاقير المهدئة أو أستخدم البامبرز قبل ركوب الطائرة، كما كنت أفعل على مدى سنوات طويلة، فقد اقتنعت تماما بأن خطر الموت بسبب حادث سيارة عشرة أضعاف احتمالات الموت في حادث طائرة، ولكنني أعترف بأن قشعريرة خفيفة تسري في جسدي عند إقلاع وهبوط الطائرة، لأنها في الحالتين تئن وكأنها في حالة ولادة/ وضع، ولي صديق يخاف من الطائرات أكثر من خوفي من شكل فاروق الفيشاوي. قال لي إنه يحمل مصحفا كلما جلس في طائرة ويبدأ في تلاوة القرآن الكريم بصوت مسموع، ولكن ما ان يسمع دعاء السفر «سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون» حتى يحس بأن بطنه «قلبت»، على حد تعبيره، لأن في ذلك تنبيها لأمر يحاول نسيانه وهو أنه قد ينقلب إلى ربه بانقلاب الطائرة. المهم أنه لم يعد ينتابني الرعب لركوب الطائرة في كل الأحوال، إلا أنني أقرأ بين الحين والآخر عن تصرفات حمقاء يقوم بها قباطنة الطائرات تجعلني أفكر جديا في عدم مغادرة قطر الى السودان حتى في الإجازات إلى أن يتم تشييد جسر عبر البحر الأحمر بين السودان والسعودية حتى يتسنى لي السفر برا بالسيارة أو على ظهر حمار، ففي 12 إبريل المنصرم، كانت طائرة تابعة لشركة إير إنديا (الهندية) في طريقها من بانكوك الى نيودلهي، وبينما الطائرة على ارتفاع 33 ألف قدم (يعني نحو عشرة كيلومترات) فوق سطح الأرض قرر مساعد الطيار رافيندراناث كان مغادرة قمرة القيادة متعللا بالذهاب الى دورة المياه بينما كان هدفه الحقيقي الزوغان ليأخذ تعسيلة في درجة رجال الأعمال، وبعد ذلك بدقائق استدعى الكابتن ب كيه سوني مضيفتين وقال لهما: خلوا بالكم من الطيارة وشرح لهما كيفية عمل أنظمة التشغيل: دا زر الميلان ودا زر الدحرجان ودا زر البطيخ، ثم انضم الى مساعده في درجة رجال الأعمال و«اعطاها نومة»، وخلال تلك الفترة تلاعبت المضيفتان بالأزرار وعطلتا الطيار الآلي «أوتو بايلوت tolip-otua»، فصارت الطائرة على باب الله كما يقول التعبير العامي.. ولم يستيقظ العربجيان إلا بعد أن أحسا بالطائرة تهتز بعنف وعادا الى قمرة القيادة وتداركا الوضع وكتب الله السلامة ل166 راكبا. وفي ضوء هذه الواقعة فإنني أنصح كل من يريد ركوب طائرة أن يتمسك بحقه في إجراء إنترفيو مع الكابتن ومساعديه: متى استيقظت من النوم؟ كم ساعة نمت آخر مرة ومتى كان ذلك؟ ثم تعتذر له عن الأسئلة البايخة وتقول له: هاك بوسة.. هذه البوسة مهمة جدا لأنها تعطيك الفرصة لتشمشم وتعرف ما إذا كانت رائحة الكحول تفوح من أي منهم.. ويا ما هناك طائرات تتبع لشركات كتبلاص يقودها سكرجية بل إن شركة طيران شرق آسيوية اكتشفت أن 12 من طياريها تعلموا الطيران من الانترنت وحصلوا على رخص الطيران من الانترنت. الأمريكان هم من اخترع الطائرة التي تطير بدون طيار «درون enord»، ولكنهم لا يستخدمونها لنقل الناس بل لقتلهم، والكابتن «رفيق» المذكور أعلاه ومساعده من حقهما تسجيل براءة اختراع طائرة ركاب لا تحتاج الى طيار، ويكفيها أن تستمتع بمفاتن المضيفات كي تمشي «دوغري»/سيدا، وليس كل مسار دوغري أو سيدا طريق سلامة. جعفر عباس [email protected]