مازالت الحكاية حية في ذاكرتي، وتتعلق بالمطربة العربية التي اعتقلتها الشرطة في إحدى العواصم «الشقيقة»، لأن زوجها أبلغ عن أنها هربت من بيت وبلد الزوجية بعد ان سرقت منه أكثر من ثلاثمائة ألف دولار!! طبعا لم أتعاطف مع الزوج لأنني لا أتعاطف مع الأغبياء، فلماذا يترك شخص ما مهما كان حجم ثروته مبلغا كهذا في خزانة الملابس في البيت؟!! ثم ان صاحبنا لم يتزوج المطربة بسبب حسن أخلاقها أو عمق ثقافتها أو مهاراتها في الطبخ والغسل والكنس! تزوجها لأنها تحفة (نعم هي جميلة جدا وقد نشرت الصحف صورها وكان واضحا انها ليست بحاجة إلى فيديو كليب لتثبت كفاءتها.. أنت فاهم وأنا فاهم حكاية الكفاءة هذه!).. المهم ان المسكينة بقيت في الحبس لبعض الوقت ولكن ولأنها ثروة قومية (وصورتها تؤكد ذلك وتؤكد أنها وحدها قادرة على اكتساب عضوية منظمة التجارة العالمية لأنها ملتزمة بشروط العولمة والعوالم).. لأنها كذلك فقد تحرك سفير بلادها وأخرجها من الحبس بضمان!! ولأن الإعلام العربي يتحلى باليقظة ولا تفوته شاردة او واردة في دنيا التفاهة، فقد تبارى الصحفيون لاستنطاق المطربة وللاستماع إلى دفاعها عن نفسها إزاء تهمة كبيرة لا تليق بمطربة صدرها رحب كبير!! وبصراحة فقد أعجبت بالمطربة وهي تنفي التهمة بشكل حاسم ومقنع، قالت إنها ليست زوجة الرجل الذي زعم انه زوجها، وأنها سرقت نقوده من بيت الزوجية! طبعا من الوارد ان يكون الرجل زوجها بالفعل ولكن جلّ من لا ينسى يا جماعة.. يعني من الوارد أي يمر أي واحد منا بموقف مماثل: تكون مسافرا مع عائلتك وفي أحد المطارات، يسألك مسؤول الجوازات مشيرا إلى السيدة أم كرش التي تقف وراءك: هل هذه زوجتك؟ فتتلعثم: آآآآآ، جائز... بصراحة مش متأكد.. ربما زوجتي وربما حماتي!! حدث لي أمر مشابه بعد ايام قليلة من زواجنا، فقد كنا ذات مساء في زيارة شقيقتي، وجلست في غرفة ألاعب ابنتها التي كنت لها الأم والأب قبل الزواج، والتي كانت تكره زوجتي لأنها خطفتني منها، وبعد ان تعبت الصغيرة وتعبت منها نجحت في تنويمها، ثم غادرت البيت.. يعني نسيت انني متزوج ونسيت انني تركت زوجتي في بيت أختي.. وذهبت إلى بيت أحد الأصدقاء حيث قضيت معه وقتا طويلا، ولأنني من عائلة محافظة فقد عدت إلى البيت في نحو العاشرة مساء لأجد زوجتي وقد أمتد بوزها حتى حسبت ان محمد علي كلاي صرعها بضربة خطافية، وقلت لها: هل هذه طريقة تستقبلين بها عريس «الهنا»؟ ولكنني لم أتلق إجابة بل لمحت الشر في عينيها،.. وبكل صدق اقتربت منها لمواساتها لأنني حسبت أن هناك أمرا خطيرا أغضبها وأحزنها، وإلى يومنا هذا لن أنسى تلك الصرخة المزمجرة التي انطلقت من فمها: روح محل ما كنت!! وشيئا فشيئا فهمت سر غضبها، ولو قلت لها انني «نسيتها»، أو نسيت لبعض الوقت أنني متزوج لخلعتني في الحال بدون اللجوء إلى القضاء!! ولكن حاشا ان اكون مثل تلك المطربة التي ليست متأكدة من انها متزوجة من الرجل الذي كانت تقيم في بيته ويتهمها بسرقة نقوده... شكرا لها فقد أخرست الغربيين الذي يزعمون ان العرب «غير متحضرين». جعفر عباس [email protected]