يبدو أن المصافحة التاريخية والعابرة للرئيسين الأمريكي باراك أوباما والكوبي راؤول كاسترو في جنازة الزعيم نيسلون مانديلا بدأت تؤتي أكلها، رغم أنها كانت عابرة وأحد تجليات المناسبة نفسها حيث حرص أوباما على تجسيد قيم مانديلا في المصالحة والصفح عن خصومه، ولكن المصافحة العابرة في طريقها إلى أن تتطور إلى حالة من الحوار بين أكبر خصمين في تاريخ السياسة الدولية الحديثة، فأمس الأحد صرح الرئيس الكوبي راؤول كاسترو بأنه "مستعد لمحاورة الولاياتالمتحدة إذا احترمت استقلال كوبا ونظامها السياسي". وأوضح كاسترو "إذا كنا نرغب فعلا في دفع العلاقات الثنائية قدما، علينا أن نتعلم الاحترام المتبادل للاختلافات بيننا، والتعود على العيش بشكل سلمي معها". وأضاف "وإذا حدث العكس، فنحن مستعدون لتحمل 55 سنة أخرى من الحصار في الوضع نفسه". الولاياتالمتحدة التي تجاوزت لإيران الخصومة الطويلة ومهدت لعودة إيران إلى المجمتع الدولي من خلال الاتفاق على برنامجها النووي، يمكنها أن تجسر الهوة مع كوبا وإن بحماس أقل لغياب المصالح المباشرة في الحالة الكوبية. النموذج الإيراني الذي يجب أن يحتذى في الحالة الكوبية لم يقتصر فقط على صفقة الاتفاق النووي ولكن باتت واضحة الرغبة لدى إيران والغرب معا في طي صفحة الماضي فأمس زارت وزيرة الخارجية الإيطالية إيما بونينو كأرفع مسؤولة أوروبية تزور طهران بعد الاتفاق النووي وأشارت الوزيرة الإيطالية إلى أن "الطريق في بدايته لتنمية العلاقات بين إيران والغرب"، مشيرة إلى أن "طهران تستطيع أن تؤدي دورا أساسياً في كثير من القضايا، منها الوضع في أفغانستان، بالإضافة إلى دورها المهم في إيجاد حل سياسي للأزمة السورية". الرئيس كاسترو كشف أمس من جانبه الاستعداد لحوار محترم مع الولاياتالمتحدة، من الند للند بدون المساس باستقلال الأمة وسيادتها، وأضاف "نحن لا نطلب من الولاياتالمتحدة تغيير نظامها السياسي أو الاجتماعي، ولا نقبل بأن يتم التفاوض على نظامنا". ما قدمه كاسترو يصلح أن يكون أرضية جيدة لإجراء حوار بين البلدين قائم على الاحترام المتبادل وأتمنى أن لا يفوت الرئيس باراك أوباما هذه الفرصة ليسجل موقفا تاريخيا في ولايته الثانية كأول رئيس أمريكي يمد يده بيضاء إلى جارته كوبا بعد أكثر من نصف قرن من الخصومة التي كانت في الماضي مبررة أيام الحرب بين المعسكرين الشرقي والغربي، وإذا كانت علاقات واشنطون جيدة مع موسكو وبكين فما الذي يمنعها من التواصل مع جيرانها الشيوعيين في كوبا وفنزويلا مثلا من أجل تكريس الاستقرار في الأمريكتين الذي سينعكس إيجابا على مناطق أخرى في العالم كالقارة الأفريقية العالم الآن - صحيفة اليوم التالي