لا يزال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في تعاطيه مع الأزمة السياسية الراهنة يعاني من غياب حكمة رجل الدولة في تعامل مع هذه الأزمات، حيث جدد أروغان الذي تواجه حكومته قضية فساد واسعة، اتهامه قوى داخلية وخارجية ب (التآمر على مستقبل تركيا واستقرارها)، متعهداً (التغلب على الصعوبات). واعتبر أن الانتخابات البلدية المقررة نهاية مارس المقبل ستختبر النظام الذي يستعد للانتخابات الرئاسية في أغسطس. لو أن أردوغان تعامل منذ البدء مع هذه المعركة على أن ساحات حسمها هي القضاء وصناديق الانتخابات لحمى ظهره من سهام خصومه الذين وفر لهم أردوغان نفسه أكثر من سبب لانتقاده، وأشرنا منذ اندلاع الأزمة أن تعامل أروغان كان معها لم يكن تعاملا سياسيا بامتياز، فتكرار الحديث على أنها مؤامرة داخلية وخارجية يفقد أردوغان الكثير لأن هذه الاتهامات المكرورة والجاهزة تضعه في خانة واحدة مع بشار الأسد في سوريا، والكثيرون من الزعماء الذين يواجهون أي حديث عن الإصلاح أو محاربة الفساد على أنه مؤامرة، يحسبون كل صيحة عليهم، الحديث عن الفساد وكشف الفساد من المسائل التي يجب أن تجد الترحيب من أردوغان لأن القضاء حينما يفصل في هذه الأزمة وتظهر براءة المتهمين من أنصار حكومة أردوغان فإن ذلك سوف يسهم في شعبيية حزب العدالة وهو يستعد لانتخابات مارس المقبل، اتهامات الفساد هي من قبيل ما لم يقتلك يقويك بل إن الحديث عن الفساد والتعامل معه بحسم وحزم عبر القضاء يؤكد أن تركيا تمضي في مسار الإصلاحات السياسية المطلوبة لتنال عضوية الاتحاد الأوروبي التي تسعى إليها أنقرة. إصرار أردوغان على توصيف ما يجري في تركيا من اتهامات بالفساد وملاحقات قضائية لوزراء ومسؤولين على أنها مؤامرة وانقلاب قضائي في تركيا هذا من شأنه تعقيد الأزمة، ولف الحبل على عنق حكومة أروغان الإسلامية التي تتولى مقاليد البلاد من العام 2002، وتتهم حكومة أردوغان موالين لرجل الدين فتح الله غولن الذي غادر تركيا إلى الولاياتالمتحدة عام 1999 ويحظى بنفوذ في أجهزة الشرطة والقضاء، بالتحريض على التحقيقات في فضيحة الفساد التي أدت إلى اعتقال حلفاء رئيسيين لرئيس الوزراء، بينهم رجال أعمال وأبناء وزراء استقالوا لاحقاً، ما اضطر أردوغان لإعادة تشكيل حكومته. وكشف أردوغان عن وساطات ومفاوضات جرت مع فتح الله غولان بعد الأزمة الأخيرة بين الطرفين حسبما ذكرت صحيفة (راديكال) اليسارية المعارضة، هذه الخطوة وجدت انتقادات واسعة من وسائل الإعلام التركية باعتبارها محاولة من أردوغان لطي ملفات الفساد من خلال تجاوز الخلافات مع مجموعة غولن وكأنما الصراع بين أردوغان وغولان، وليس حول اتهامات حقيقية بالفساد يجب محاكمة المسؤولين عنها. العالم الآن - صحيفة اليوم التالي