مع كلّ نهاية سنة ينتابنا الخوف إياه من مواسم البهجة . نرى في كلّ فرحٍ مكيدة ، وفي كلّ هديّةٍ تُزيّنها شرائط العيد ، قنبلة عنقوديّة ستنفجر لاحقاً ، وتتطاير إثرها أحلامنا . هكذا دائماً ، أفراحنا تكيدُ لنا ، تنقلب على قفاها كلّما رأتنا سُعداء ، وإذ لا وجه لها إلاّ الخيبة . لقد تربينا على الخوف من الفرح ، فكبرنا ونحن نحطاطُ من ضحكاتنا ، ونُسيئ الظنَ بغدنا ، ونرشو المستقبل بتشاؤمنا ، عساه يخالف توقّعاتنا . ذلك أنّنا أباً عن جدّ ، ومنذ الأبد ، لا نصدّق وعود السعادة . جميعنا في حالة رعب ، حتى الذين يُشهرون فائض فرحتهم في نهاية السنة ، ويُنفقون في ليلة بين عامين ، ما لا يكسبه غيرهم في عام ، هم كمن يُصفّر في الظلام ، ليُبعد عنه الخوف مما لا يراه في العتمة . إنهم يفعلون ذلك خوف أن تسلبهم الحياة فرحةً ما . فيُقبلون عليها بجشع الجالس إلى مائدة عامرة ، قد تُرفع من أمامه في أيّة لحظة . في قمة سعادتنا ، نبدو كالجالس ضاحكاً على عرش خساراته . لا ندري كيف ندفع عنّا أذى الفرح . هل بمصادقته أم بالكيد له ؟ بالمواظبة على خيانته سراً مع الحزن ؟ أم بالإخلاص له ، والانشقاق عن حزب البائسين والمكتئبين من العرب ؟ . [ يتبع.. الكاتب : أحلام مستغانمي