# على غرار المصطلحات التعريفية التي انتظمت البشرية منذ أمد بعيد.. مثل (الإسلامية).. (المسيحية).. (الصهيونية).. مروراً ب(الماركسية) و(الاشتراكية) و(الليبرالية) و(العلمانية) و(الدكتاتورية) و(البيروقراطية)، وكل الذي نعرفه ولا نعرفه من تلك التعريفات التي يمكنكم إحصاء المزيد منها.. برزت مؤخراً جماعة جديدة وقيادية في مجتمعنا السوداني يحلو لي أن أسميها (الماسورية)!! وللأمانة فقد سمعت المصطلح من الزميل الإعلامي (ماهر عبد الرحيم) مخرج قناة النيل الأزرق يوماً.. وكنا نتحدث عن أزمة المبدع السوداني الداخلية وضيق الفرص حتى تسلل بنا الحديث إلى أزمة عموم المجتمع مع الخذلان والتردي الأخلاقي والنفاق والأنانية. والمتأمل للواقع من حوله سواءاً على صعيد المناصب أو الأفراد سيكتشف أن العديد من الأسماء البراقة في حياتنا لا تعدو كونها (مواسير)!! وبغض النظر عما يتم تداوله عن أصل الصفة وحكايتها الأصلية فإن الثابت أن كلمة (يا ماسورة) أصبحت جزءاً من قاموسنا اللغوي الدارجي اليومي والمقصود منها دائماً وصم المنادي بالتخاذل واللامبالاة وكونه ليس على ما يبدو عليه. # نتداول الكلمة من باب المزاح اللطيف عندما يتخلف أحدهم عن موعد مضروب أو وعد متفق على إنجازه.. وأحياناً نطلقها لمن يجيء أداؤهم في ما أوكل لهم دون المستوى والتوقعات. بهذا التوضيح تصلح الكلمة إذن للإطلاق على الغالبية العظمى من أصحاب الكراسي والقرارات والمسؤوليات في بلادنا على الأصعدة كافة. فكل (موسى) نظنه منهم لا نلبث أن نكتشف أنه (فرعون) يتفرعن فينا كما شاء لأننا لا نردعه، ويمضي في إنفاذ أجندته الشخصية التي لا تمت للمصلحة العامة بأدنى صلة!! # لم يعد هناك من يتقي فينا الله، فينجز العمل المنوط به بجدية وضمير ويصدق وعوده الخضراء.. الخدمة العامة متردية.. والبنى التحتية متهالكة.. والتكاليف الوزارية والولائية والتعليمية والصحية والمعيشية وحتى الإعلامية تحركها زمرة من المواسير يشكلون (لوبياً) متنامياً يضم في عضويته المزيد كل صباح. فلماذا يمضون في اعتناق هذه (الماسورية) حالما احتوتهم المكاتب الفخمة والسيارات الفارهة المكيفة؟ لماذا يتناسون بغتة أوجاعنا وهمومنا وآمالنا وطموحاتنا المعلقة ويلتفتون لقضاء حوائجهم وحوائج ذوي القربى منهم معرضين عنا؟ ولماذا انتقل هذا الوباء إلى قاعدتنا العريضة فبدأنا نفقد معاني التراحم وكل منا (يتموسر) علي الآخر؟.. طال الأمر الصداقة والحب والزواج ومختلف أشكال العلاقات الإنسانية فطفا الجحود ونكران الجميل والإستغلال على السطح، وأصبح معظمنا يبرع في النصب والاحتيال على أقرب الأقربين له ويبذل لهم الوعود الوردية بحماس شديد ويعاهدهم بقسم مغلظ على البذل والوفاء والعطاء، ثم لا يلبس أن يتحول كل ذلك إلى (ماسورة) في يد كل منهم يتشبث بها في أمل ورجاء عسى ولعل.. ثم يكتشف شيئاً فشيئاً أنه أضاع وقته وربما ماله في انتظار وعد مزيف! # الحقيقة أنني أصبحت – من هول تجاربي- أتوجس من الجميع ولا أتفاءل إلا بعد أن تظهر بشريات طيبات على أحدهم، وإن كانت أيضاً غير كافية لإثبات التزامة ونبله ما لم تتجاوز مرحلة الخطر.. وهذه أيضاً لا يمكن تحديدها بزمن معلوم لأن البعض يكون من أصحاب البال الطويل، وهم من تأتي (مواسيرهم) بمقاسات كبيرة لأن ضربتهم تكون قاضية، ولا تملك بعدها إلا أن تهز رأسك باستمرار في تعبير ملازم عن الأسف والإحباط، وتجد نفسك تلقائياً تكثر من ترديد كلمة (ماسورة) ويستهويك التسكع على أعتاب (المغالق) حتى تجد نفسك برغمك متورطاً في اعتناق (الماسورية) على اعتبار أنها حالة عاااااامة!! #تلويح: اللهم جنبنا (المواسير).. ما ظهر منها وما بطن.. (آمييييين) إندياح - صحيفة اليوم التالي