أحد التنفيذيين السابقين بولاية نهر النيل استقبلني أمس في مكتبه بالخرطوم بسؤال مقلق.. إن كان صحيح ما رُشِّح بأن المركز يفكر بدفع جنرال جديد للولاية خلفا للجنرال الهادي عبدالله ! فقلت له مباشرة.. جنرال واحد يكفي.. ولا أعرف لماذا تداعت لي مباشرة رباعية عكير الدامر في رثاء صديقه الشيخ الكباشي: صفتن البقت للأكرمين صفاية ما كفاها أحمد كوكب الحلفاية للكباشي جات بعمرتها الكفاية كايسة الجيلي عرقانة ورجولة حفاية الذي لا تنتطح عليه عنزان هو أن شمس الجنرال الهادي عبدالله في دامر المجذوب قد غربت.. وإن رجل الموسياب صاحب السيرة الجهيرة غير مطالب بولاية ثانية لم يطلبها هو شخصيا ولم يطلبها منه أحد.. سيرحل لا محالة مخلفا وراءه جدلا كثيرا بين مثمن لجهوده ومعترض أصلا على بعثته وإرساله للولاية، كمكافأة لخدماته الجليلة التي بذلها لثلاثين يونيو و.. و... ولا أعرف إن كان الأجدر القول بأن الولاية قد حظيت عبر تاريخها بمجموعة جنرالات.. أم الأجدر القول بأنها قد ابتليت بهولاء الجنرالات.. والرحلة طويلة تبدأ بأول حاكم عسكري على سني الإنقاذ الأولى مرورا بالوالي العقيد الجيلي ثم الفريق عبدالرحمن سر الختم الذي ازدهرت في عهده الرياضة.. وصولا لسعادة الفريق الهادي عبدالله.. ويذكر أيضا في هذا السياق أن ولاية نهر النيل قد خضعت لواليين من أساتذة الجامعات، هما بروف قنيف وأحمد مجذوب.. ثم كادران حزبيان هما حسن رزق وغلام الدين عثمان.. ثم خاضت الولاية تجربة واحدة لرجل من غير الحزب الحاكم ومن قلب دارفور وهو رجل الرزيقات القوي المهندس عبدالله مسار الذي ترك انطباعا جيدا.. ومن الملاحظات أيضا التي ربما صنعتها الصدف هي أن ثلاثة ولاة ينتمون لثلاث قرى متجاورة.. هي المكايلاب أحمد مجذوب وكنور رزق ودار مالي غلام الدين عثمان.. وإذا أضفنا قرية جادالله التي بنتمي إليها بروف قنيف سنتحدث هنا عن أربعة ولاة من محلية بربر.. والوالي المهندس إبراهيم محمود يصلح أن ينتمي لقائمة قنيف الزراعية، ومن جهة لقائمة مسار الهندسية التي من خارج الولاية.. فبكل تداوينا ولم يشف ما بنا على أن قرب الدار خير من البعد.. على أن قرب الدار ليس بنافع إن كنت من تهواه ليس بذي عهد ... ولو أن جهة بحثية نهضت بعمليات استبيان عن الولاة الذين تركوا أثرا وبعض مكتسبات.. ستجد لا محالة غلام الدين وأحمد مجذوب ومسار على صدر القائمة.. وفي المقابل لك أن تغني مع حمد الريح.. أحبابنا أهل الهوى رحلوا وما تركوا خبر.. بالله يا طير المشارق هل عرفت لهم أثر؟! يجدر بنا هذه المرة أن نكون مثل النجار الذي يقيس سبع مرات ثم يقطع مرة واحدة.. فعلى الأقل لم تعد الولاية تصلح وتقوى لتجارب أخرى.. يفترض والحال هذه على مكونات الولاية من نخب وإعلام وجماهير أن تقف (ألف أحمر) على ألا يمرر بعضهم خيارات ذات مواصفات تشريفية وإشرافية سياسية على حساب التنمية والأجيال والتأريخ .. تمنيت لو أن دكتور نافع صاحب اليد الطولى في الولاية من ضمن الذين يقرأون هذه الزاوية حتى لا يتكرر المعيار.. فمعيار الولاء الحزبي ليس كل شيء في ولاية القمح والبستنة والذهب والفرص الاستثمارية الضائعة.. نحتاج لوالٍ بعلمية بروف المجذوب وشعبية غلام ومصابرة قنيف ومباصرة الجيلي وانضباط الهادي عبدالله وحكمة شيخ العرب مسار وكياسة رزق ورياضة سر الختم و.. و... ملاذات آمنه - صحيفة اليوم التالي [email protected]