فكرة نقل نشاطات واجتماعات السلطة الانتقالية لمدينة الفاشر بولاية شمال دارفور برئاسة مني اركو مناوي كبير مساعدي رئيس الجمهورية رئيس السلطة الانتقالية في الاسبوعيين الماضيين ليست صدفة ،في ظل تحركات اقليمية ودولية لاعداد اتفاق آخر مع عدد من الفصائل قد يهدد مكاسب اتفاق ابوجا وعلى رأسها السلطة الانتقالية، فالزيارة التي اجراها مناوي ودامت اكثر من اسبوعين لولاية شمال دارفور كانت من اهدافها الاولى عقد اول اجتماعات السلطة الانتقالية الاقليمية لدارفور في حاضرتها الفاشر كدلالة قوية على اهمية وجود مكونات اتفاقية ابوجا على ارض دارفور وامام اعين مواطنيها. وتكتسب الزيارة أهمية كبرى في هذا الوقت، حيث هناك تقارب اكثر بين مناوي رئيس السلطة الانتقالية وولاة دارفور الثلاثة الذين اجتمعوا معاً في الفاشر، بعيدا عن لغة الشكوك والظنون التي صاحبت بداية تكوين السلطة الانتقالية وذلك لمزيد من التنسيق والتناغم المطلوب لدعم مشاريع التنمية ورفع قليل من المعاناة عن كاهل المواطنين، باتاحة وبدء بعض المشاريع التنموية العاجلة في مجال الخدمات الصحية والتعليمية، والتسريع بوضع مكاسب للاتفاقية علي الارض يراها المواطن بعد اكثر من ثلاث سنوات هي عمر الاتفاقية. وكانت الزيارة فرصة طيبة ومناسبة لكبير مساعدي رئيس الجمهورية للوقوف على كافة الاوضاع الانسانية والامنية بدارفور، حيث زار عدد من المعسكرات والتقى شيوخها واستمع الى مطالبهم ومشاكلهم ،خاصة بعد قرار الحكومة طرد بعض المنظمات، ومعسكرات النزوح في دارفور تحتاج فعلاً الى هذه الزيارات التي يجب ان تكون متبوعة بافعال على الارض، وهي تزيل كثيراً من الغبار حول ما يحاك حول نازحي المعسكرات ورفضهم للسلام . لم يكتف مناوي بالبقاء في الفاشر حيث زار برفقة محمد عثمان يوسف كبر والي شمال دارفور عدداً من المحليات منها مليط، وخاطب حشداً جماهيرياً ضخماً وتعهد ببناء مستشفى متكاملاً ومعداً بأجهزة حديثة للمحلية، ووجه بضرورة تأمين طريق الجمارك من مليط وحتى كرب التوم بواسطة القوات المشتركة، وفي دارالسلام اكد المضي قدماً في استكمال سلام دارفور وانزال اتفاق السلام الى ارض الواقع بالتنمية وتقديم الخدمات للمواطنين خاصة في مجالات الصحة والمياه . ووجود السلطة الانتقالية لولايات دارفور في الفاشر وتبنيها لمشاريع التنمية ولقاءاتها بالمواطنين رغم ان بعض المراقبين يقولون انها جاءت متأخرة إلا ان اهميتها تكمن في استمراريتها والالتزام بتعهداتها حتى يستكمل السلام بصورة نهائية، فمهما يحدث من تغييرات في اتفاق ابوجا على خلفية جهود السلام الجارية الآن مع الحركات الاخرى ستبقى السلطة الانتقالية ومشاريعها، فهي من المكونات التي اتفقت عليها كافة الحركات ووقعت عليها في اعلان المبادئ قبل التوقيع النهائي على اتفاقية ابوجا، فكافة مكاسب اتفاقية ابوجا خاصة فيما يتعلق بمشروعات التنمية وغيرها، من المكاسب التي يجني ثمارها المواطن . ومناوي الذي التقى اثناء الزيارة السيناتور جون كيري مسئول العلاقات الخارجية في الكونجرس الامريكي لا ينسى أبداً حرصه على اتفاقية ابوجا، فطلب من المسئول الامريكي دوراً اكبر لبلاده في استكمال عملية السلام وان تكون ابوجا هي الاساس ،ولقاء مناوي وكيري يصب في اطار اللقاءات التي اجراها المبعوث الامريكي حول الاوضاع في دارفور، وما يهم ان اللقاء شدد على ضرورة المحافظة على اتفاق ابوجا الى جانب التأكيد على اهمية استكماله بالحاق الآخرين. الكاتب الصحفي عبد الله آدم خاطر اشار الى اهمية ممارسة مناوي لسلطاته باعتباره يمثل حقيقة السلطة ورمزيتها في دارفور. وقال لابد من معالجة كل القضايا في هذا الاطار، واضاف اي نجاحات في هذا الاتجاه تكون في اطار ادائه لواجبه. ما تبقى، ان ما قام به مناوي في شمال دارفور يعكس اهمية استفادة المواطنين في القرى والمحليات البعيدة من مكاسب اتفاق ابوجا لحين اكتمال مراحل السلام، وذلك عبر مشروعات حية وليست وعوداً سئموا سماعها، وحسب مراقبين فان ابوجا واقع لايمكن تجاوزه او التغاضي عنه، ومن حق المواطن البسيط في دارفور الاستفاد ولو بقدر منه، فلا خيار امام الاتفاقية سوى تنفيذها.