عندما قال مساعد رئيس الجمهورية الدكتور نافع على نافع فى مؤتمر صحفى عقده بالمطارعقب عودته من باريس بإن المباحثات الثلاثية السودانية الفرنسية البريطانية ( مثمرة وشفافة وقوية ) ليس مرافعة لنجاح مهمته التى وصفه المراقبون بالفشل بقدرما هو تعبير وكشف لحقائق وآراء ومواقف توصل اليها من خلال اللقاءات داخل الغرف المغلقة وهى تمسك باريس بشروطها لتفعيل الحوار مع الخرطوم على رأسها تعاون الخرطوم مع المحكمة الدولية والتراجع عن طرد 13 منظمة إغاثة إنسانية. الجديد فى لقاء الخرطوم باريس لندن الذى ليس اول مرة هوخلو الطاولة من الجزرة التى بحوزة كل من باريس ولندن اللتين ليستا فى حاجة الى استخدامها ما دام سيف محكمة الجزاء الدولية مسلط على رقبة الخرطوم والنتائج التى يمكن ان تترتب على المباحثات ففى حالة نجاحها تتم الصفقة وهى تنفيذ الشروط مقابل تفعيل المادة 16 من نظام روما الاساسى بتعليق مذكرة التوقيف لمدة عام وفى حالة فشلها مواصلة ملاحقة الرئيس البشير من خلال مجلس الامن بخوض معركة فرض العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية وتصعيدها الى مرحلة استخدام الفصل السابع فى حالة عدم فعالية تلك العقوبات وعدم تجاوب الخرطوم وهذه من الرسائل التى حملتها باريس ولندن لوفد الخرطوم التى بالطبع تحسبت لتلك السناريوهات التى تحاول احباطها من خلال اتباع استراتيجية المحاورفى اطار تقاطع المصالح بين الاتحاد الاوربي وواشنطن من جهة والغرب والصين وروسيا من جهة اخري والتى بدأتها بباريس رأس حربة الاتحاد الأوروبي للمطالبة بمحاسبة الخرطوم ومحاصرته ويبدو ان هذه الاستراتيجية سيكون لها مفعول وذلك من خلال بعض النتائج التى خلفتها المشاورات فى تباين وجهات النظر بين باريس ولندن ونسبة تفهمهما للقضايا والإصغاء لوفد الخرطوم، حيث قال مستشار رئيس الجمهورية الدكتورمصطفى عثمان إسماعيل لجريدة ( السفير) اللبنانية إنه لمس لدى المسئولين البريطانيين تفهماً أكبر مما لقيه لدى الفرنسيين الذين قال اتسم موقفهم بالتشدد وقال ان نافع وجد جهداً بريطانياً أعمق من أي جهد فرنسي للتعرف على مساحات مشتركة يتم الاتفاق عليها مدللا بلقاء وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية مارك مالوك براون الذى وصفه بانه أكثر إيجابية من غيره فى اشارة الى المسئول الفرنسى. وذكرت دوائر سياسية مقربة من صنع القرار ان خطاب المحاورين الفرنسيين وشروطهم تفاوت وتباينت وجهات النظر بين قصر الإليزيه والخارجية فى تعاطيهما وتناولهما للقضايا المطروحة حيث ترك الأمين العام لقصر الإليزيه كلود غيان لدى وفد الخرطوم شعوراً بإيجابية أكبر من كوشنير وزير الخارجية اشارت تلك الدوائران الإليزيه ركز على تحقيق السلام في دارفور، وهو أكثر تفهماً لموقف الخرطوم بينما قالت الخارجية أقل إيجابية من الإليزيه، وهي ما تزال تصر أن على الخرطوم أن تتجاوب مع المحكمة الدولية. واعترف مصدر في الخارجية الفرنسية (بحدة اتسمت بها المشاورات أحياناً مع الخرطوم ) وتمسك الخرطوم بموقفها بانه لا تعاون مع محكمة الجزاء الدولية لاعتقال الرئيس البشير وهارون وكوشيب ولا عودة لمنظمات الإغاثة الإنسانية التي طردت من دارفور وارجع المراقبون عدم تشدد الإليزيه الى تعاطيها مع ملف دارفور ورهانها على الوساطة القطرية الحالية واعتبروا تعهد باريس بحض رئيس حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نورالمقيم في العاصمة الفرنسية باريس منذ عامين على الانضمام إلى أي مفاوضات مقبلة مقايضة دبلوماسية واضحة مقابل تطبيع الخرطوم لعلاقاتها مع انجمينا حيث تتمركز قوة فرنسية لحماية النظام الشادى من هجمات المعارضة التشادية التي تساندها الخرطوم واكدت دوائر مقربة من صنع القراران هناك عرضا فرنسيا جاء فى ثنايا المحادثات بتحسين العلاقات الثنائية اذا ما تعاونت الخرطوم مع المحكمة الجنائية وبررت باريس صيغة الاجتماع الثلاثية ب«التشاور الوثيق القائم بين فرنسا وبريطانيا» حول ثلاثة قضايا هي: السلام في دارفور وطرد منظمات الإغاثة وتنفيذ الخرطوم لقرار المحكمة الدولية الخاص بتسليم 3 مسؤولين سودانيين على رأسهم الرئيس وفى تطور لافت انضمت واشنطن الى باريس ولندن فى حث الخرطوم للتعاون مع المحكمة حيث اعلن مبعوث اوباما للسودان الجنرال قرايشون ان حكومته الآن تدعم المحكمة الجنائية وسترى الى اين تتجه الامور. ويرى محللون سياسيون ان مذكرة توقيف الرئيس البشير تشكل كعب اخيل في العلاقات بين الخرطوم وباريس خصوصا أن باريس تعتقد أنها قامت بما عليها فى مساعدة الخرطوم وأبدت استعدادها لذلك وأعطت الخرطوم الفرصة تلو الفرصة للقيام بمبادرات ما لكن الخرطوم لم تأبه ولم تنفذ الوعود التي أغدقتها وتعهدت بها وتغيرالموقف الفرنسي منذ صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية وأصبح أكثر تشددا كما انتقدت باريس بشدة العواصم العربية والإفريقية التي زارها البشير مذكرة إياها بواجب التعاون مع المحكمة ولكن نافع قال بانه لمس قدرا كبيرا من -البراغماتية- الواقعية حيال رفض الخرطوم لمذكرة التوقيف وأشار فى المؤتمر الصحفى الذى عقده بباريس انه نقل موقف الخرطوم من قضية المحكمة، وأبلغ الفرنسيين والبريطانيين انه غير قابل للمساومة باعتبار أن المحكمة هي آلية سياسية ولست قانونية ويرى مساعد الناطق الرسمي للخارجية فريدريك ديزانيو فرنسا انه ليس هناك سبب لتفعيل المادة 16 في ظل رفض تعاون الخرطوم مع المحكمة كما انه لا يمكن أن توضع موضع التطبيق طالما انه ليس هناك طلب رسمي مقدم إلى مجلس الأمن موضحا أن فرنسا ستنظر باهتمام في حال تقدمت الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي بطلب الى مجلس الامن في هذا الصدد والى ان يحين ذلك الموعد ماذا سيفعل وفد الخرطوم العائد الممسك بعدة ملفات خارجية مهمة والمعروف لدى لندن وباريس وواشنطن وهم مساعد رئيس الجمهورية الدكتور نافع ومدير الامن الوطنى والمخابرات الفريق صلاح قوش ومستشار رئيس الجمهورية والدبلوماسي الدكتور مصطفى عثمان ومدير مركز الدراسات الإستراتيجية سيد الخطيب ؟