قلق إبداعي متواصل يقض مضاجعها.. شخصيتها كما قالت (طفلة كبيرة.. وسهل ممتنع).. بالها طويل جداً، لكنها عصبية أحياناً وفي ذات الوقت هادئة، تحترم الصداقة والعلاقات الإنسانية.. إنها المذيعة بفضائية النيل الأزرق أروى خوجلي. استنطقتها (اليوم التالي) لسبر أغوار موهبتها فقالت إنها من أسرة مثقفة ومبدعة. ونوَّهت إلى أن فلسفتها في الحياة: (اسعى يا عبد وأنا أسعى معك). *من هي أروى خوجلي؟ طفلة كبيرة.. تبحث عن نفسها وتكتشف كل يوم شيئاً جديداً فيها رغم الثوابت الموجودة في شخصيتها.. سهل ممتنع!! شخصية تحب الحياة فتخوض تجاربها لأنها ترى أن ذلك حق شرعي لها.. لا يمكن أن تفرض عليها واقع ما دامت لم تقتنع به.. تغيير مالا تحبه بسياسة (بالي طويل).. عصبية وأحياناً هادئة جداً.. تحترم الصداقه والعلاقات الإنسانية جداً. *يبدو أن للعائلة دوراً في تشكيل شخصيتك؟ نعم. حباني الله بوالدة رائعة جداً بل صديقة مرت معي بتجارب وأحاسيس تخطيت معها بعض وجع وصعوبات وكانت لي عوناً كبيراً وما زالت.. لا يمكن أن أسالها عن أي موضوع ولا أجدها تبهرني بالإجابة عن كل ما أجهله.. حديثها المشوق وطريقتها ونظرتها للحياة تبعث على تشجيعي على المتابعة نتجادل في مواضيع عديدة ونختلف أحياناً لكني دوماً أجدها خير معين لي هي ووالدي أمد الله لي في عمرهما.. اعتز بأني من أسرة مثقفة ومبدعة، فالاثنان يكتبان، ووالدي فنان تشكيلي وناقد صحفي ولديه تاريخ إعلامي وإبداعي يحتاج الحديث عنه صفحات وصفحات.. لذا فدورهما كبير جداً في تشكيل شخصيتي واعتدادي بنفسي.. فأنا أفخر أنني من هذا البيت الذي يضم والدين بهذه الروعة. *ما هي فلسفتك في الحياة؟ العمر قصير جداً والانتظار قاتل لكثير من الأحلام التي لا تتحقق وأنت مكتوف اليدين (اسعى يا عبد وأنا أسعى معك). *ما معنى أن يكون المرء مذيعاً تلفزيونياً؟ يعني أن يكون صاحب أداء متميز وجاذب أن يكون مؤسسة، يفكر ويناقش تفاصيل مواضيعه التي يقدمها.. أن يستطيع مخاطبة وجدان الناس وعقولهم.. وتلك مسؤولية تحتاج الاجتهاد.. والمحبة والقبول التي يمن الله على البعض من الناس دون الآخرين بها. *بعض ما نشهده حالياً على الشاشات البلورية يبعث على الرثاء، ما هو تعليقك؟ ألوم المؤسسات الإعلامية التي غالباً ما لا تدركه أن الاهتمام بالإعلام والبرامج التي تقدم على التلفاز تعكس تطور الشعوب ومدى وعيها.. الأفكار التي تطرح والتغييب الذي يظهر بصورة مستفزة يجعل الإعلام ما يزال بعيداً جداً عن أرض الواقع.. التكرار أرهقنا كمشاهدين وعدم الشفافية أمر مؤسف.. لا ألقي اللوم على المذيع التلفزيوني لوحده بل على المؤسسة الإعلامية أو المحطة بصورة كاملة لكل دوره المؤثر والمهم.. لندرس ما نقدمه ولنسعى جميعاً لتطوير أعمالنا في الإعلام.. لنبدأ بمصداقيه وشفافية.. يا ليت القطاع الإنتاجي يهتم بهذا الشيء، فاليوم يدفع أموالاً طائلة لتطوير مواده وأفكاره وكوادره وغداً تعود عليه باستثمارات قد لا تكون في الحسبان.. الإعلام مكسبان مادي وجماهيري إن صح التخطيط وبنيت الدراسات. *كيف تختار أروى مسارات حياتها للعبور إلى شاطئ الأمان؟ أسير بما يرضي ضميري.. لا استمر في أي عمل ما دام جزء مني غير مقتنع إلا أن استحق العمل أن استمر لأطور واستحق التعب والإجهاد الذي التزم به لنيل أهدافي منه، ولا اعتمد إطلاقاً على نشر الدعايات عما أفعله أحب مباشرة أعمالي.. هي ما يفضل أن تتحدث عني. *هل المذيع السوداني مثقف ولديه فكرة عن مجمل قضايا وطنه؟ المذيع السوداني إمكانياته عالية وثقافته لا تقل إطلاقاً عن المذيع العربي وربما تتخطاها.. نحن بطبعنا شعب مثقف.. لكن المذيع السوداني يحتاج لأن ينظر إلى نفسه أنه مؤسسة قائمه بذاتها عليه التطوير والاهتمام بالتفاصيل وكيفية استثمار مجهوداته وأفكاره بشكل صحيح.. بالنسبة لإلمامه بقضايا وطنه.. الجميع أو الغالب من الشعب السوداني مدرك للأوضاع السيئة التي يمر بها.. ولا تظن أن كون الإعلامي السوداني لا يستطيع أن يطرح بعض المواضيع الحساسة والتي تمس بلده بكل شفافيه غير مستاء، فدوره الحقيقي مسلوب بصورة واضحة في غالب البرامج بسبب السياسات الإعلامية التي لا تمنحه سبيلاً للحوار بشفافية وجرأة. *كيف خططت أروى خوجلي لتحديد مستقبلها؟ لدى أحلام وطموحات كبيرة جداً لكن على أن أتسلح بالكثير من التجارب والعلوم والمعرفة، وها أنا في طريقي لخطى لطالما أردت أن أخطوها والحمد لله.. لكني دوما أكرر لنفسي أن توفيق الله ودعاء الوالدين وحب الناس لديه دور كبير في أن أنال ما أرضى عنه حالياً والحمد لله. * ما هو مفهوم التمرد على العادات، حينما تختار المرأة أن تصبح مذيعة أو مغنية أو مطربة في مجتمعاتها المحافظة؟ التمرد لا بد منه للشخصية الإعلامية هو شعور رافض لما يحدث.. كلمة أو إشارة توقف عند نقطة لاتعجبك.. ليس هنالك مبدع أو شخصية مؤثرة أو مفكر لم يرفض.. ولكن السؤال أين من المفترض أن أتمرد على المجتمع أو على فكرة.. أو واقع مفروض.. أنا أجد أن الفن أو حب الظهور على الشاشة هي هبه من الله بشكل عام.. المجتمعات المحافظة ترفض هذا الشيء لعدم ثقتها في نساء مجتمعها ومدى قوتهن على تخطي شخصيات قد تستغل اسمها ومراكزها المؤثرة للنيل منهن في حين أن المرأه تصادف هؤلاء في أي مكان.. هي من تحدد موقفها وسبب مجيئها وعليها أن تزاحم بفنها وموهبتها أشباه المغنيات والإعلاميات وتتقدم فوراً لنيل مركز يعكس قيمة هذه الرسالة الإعلامية العظيمة والفن الراقي.. ليتنا نعكس صورة واضحة وجميلة وغير مشوهة.. للنساء حق التمرد ومزاحمة الرجال في مجالي الإعلام والغناء إن كن أهلاً لذلك. *لمن تستمع أروى خوجلي من الفنانين؟ استمع إلى إلى أغنية يلفتني لحنها أو فكرتها، لا أستمع إلى فنان أو لون محدد من الغناء العربي أو الغربي أو السوداني، ولكني أحن إلى أيام الطفولة حين أستمع إلى وردي وهو يغني (قاسي قلبك عليَّ ليه). *هل تؤمنين بتأثير الألوان؟ بالتأكيد فقد ولدت في جو لا يمكن أن أفقد فيه لوناً.. أحب الألوان لأن والدي فنان تشكيلي كما ذكرت.. وأنا أيضاً أحب الرسم والتلوين، وأؤمن أن الألوان والموسيقى لها فعل السحر في التأثير على الإنسان. *كيف تقضي أروى أوقات فراغها؟ غالباً في القراءة أو مشاهدة فلم يستحق أن يستبقيني لمدة ساعتين أمامه.. فأنا ملولة جداً وفي حالة قلق دائم. اليوم التالي