جراء سيول وأمطار خريف هذا العام لم تسلم الكثير من منازل المواطنين والمؤسسات الخدمية والاجتماعية والأراضي الزراعية ودور العبادة بمدينة بربر، ومع امتلاء الأودية الرئيسة شرق وغرب المحلية، فإن المناطق الأكثر تأثراً كانت منطقة (العيسياب) التي غمرتها المياه من كل الجوانب، وانهارت المنازل، إلا القليل، وتليها منطقة (القيقرو المخيرف)، وكذلك منطقة (الحافاب) بوحدة العبيدية، ويعزو الكثيرون انهيارات المباني المتأثرة بالسيل لكونها يغلب عليها البناء ب(الجالوص). المنطقة المتاخمة لصحراء العتمور الشرقية، والصحراء الكبرى من الناحية الغربية، كان طقسها جافاً جداً فيما قبل إلى أن تغيرت أحوال تلك المناطق وشهدت أمطاراً وسيولاً فوق المعادلات المشهودة والمعتادة سابقاً. بالنسبة لأهل الأرصاد عند تحليلهم للواقع الجديد، فإن تحرك الخطوط المدارية والفاصل المداري لأقصي الشمال جعل بربر تقع في منطقة تقلب مناخي، بينما لا يهمل البعض قيام السدود والمشروعات الزراعية التي غطت بقعة كبيرة من الخلاء، الذي كان قاحلاً، الأمر الذي أدى إلى هطول الأمطار بصورة مستمرة في منطقة جغرافية غير مستعدة لهذا الكم الهائل من المياه، مع عدم الاغفال لأسباب أخرى هي بالطبع مما كسبت يد الإنسان، وتتمثل في أخطاء التخطيط، وتحملها ألسنة الكثيرين في شكل أقرب إلى الأمثال عندما يتم تشخيص الحالة بالقول: "السيل لا يغير مجراه"، فالأودية والخيران موجودة في هذه المنطقة منذ قديم الزمان، بحيث أصبحت جزءاً من مكونات استثمارية، ومشروعات ضخمة، وبانحدار السيول تتوجّه تلقائياً إلى مناطق آمنة. ويري مواطنو بربر أن مشكلة الخريف والسيول في المحلية تعزى لعدم توظيف أموال الاستثمار والتحصيل التي تعود على خزانة الولاية، من غير أن تكلف السلطات نفسها للتحسب، وصرف المال لمقابلة الكوارث. ويقول المواطن أحمد عبد الله: التخطيط للطرق سيئ، وقد أصبحت في مجملها داخل مدينة بربر أعلى من البيوت، ولا توجد معابر للمياه، مما أدى إلى الكوارث داخل الأحياء. فيما (يغمر) تساؤل حسن السيد ألسنة الجميع: أين إيرادات محلية بربر؟ وأين تذهب؟ ولماذا لا توظف لخدمة أهل المنطقة؟ أما المواطن عمار عبد الرحمن فيلقي باللائمة على إدارة الصحة بالمحلية، وقال ل(اليوم التالي): الذباب والبعوض والروائح النتنة من مياه البرك في الشوارع أرهقتنا .من جهته يحمل حسن عكاز رئيس اللجنة الشعبية لمنطقة العيسياب المتضررة إحدى الشركات الاستثمارية المسؤولية الكاملة في نزول السيول لمنطقة العيسياب، وأضاف بالقول: السيول دمرت أكثر من 10 جنائن مثمرة، بالإضافة إلى نفوق 7 بقرات حلوب بالمنطقة، وكذلك نفوق أكثر من 20 من الضأن، وإصابة 10 أشخاص جراء السيول، مقدما بين يدي حديثه الإشادة بمعتمد المحلية، وطالباً من الخيرين ورجال الأعمال مساعدة الأهالي، قبل أن يختم حديثه بالقول إن احتياجاتهم تتمثل في بطاطين، خيام، مواد غذائية، أسمنت، وطوب. الأضرار الناجمة جراء السيول دمرت الأمطار في بربر أكثر من 13 منزلاً، إضافة إلى 187 منزلا دماراً جزئياً، أما في منطقة العيسياب فقد دمرت السيول أكثر من 246 منزلا دماراً كلياً، و71 دماراً جزئياً. وبالنسبة لحجم التلف الزراعي فقد دمرت السيول أكثر من 855 فدانا من الذرة و140 فدان قمح إضافة إلى 262 فدان برسيم و556 فدانا من العلف، كما تسببت السيول في نفوق حوالي 7 وأكثر من 20 بهيمة من الضان، أما في غرب بربر فقد دمرت السيول أكثر من 139 منزلا دمارا كليا و7 منازل دمارا جزئيا في كل من مناطق الغبش وكدباس والسويكتاب غرب .وفي أم القرى غرب بربر يقدر محمد مصطفى رئيس الجنة الشعبية ل(اليوم التالي) الخسائر بحوالي 80 فدانا ونفوق 54 رأس ضأن في الأمطار التي وصلت ل80 ملم. وتقول آمنه كرار مصطفى منسق الطوارئ الصحية بالمحلية إن الإدارة ظلت في حالة استعداد دائم تحسباً لأي طارئ، مضيفة: "قمنا برش البرك، حيث أن الأمراض تكثر جراء الخريف"، وعن زيادة الذباب والبعوض، قالت إن التوالد داخل المنازل هو السبب المباشر في ازدياد نسبة الذباب والبعوض، وفي ختام حديثها قالت إن الوضع الصحي بمحلية بربر مستقر بنسبة 100%. بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني، ومنذ بداية الأمطار فقد توحدت جهودها في بربر وكونت تجمعاً يعمل كنواة لتشبيك منظمات العمل الطوعي والمدني، حيث قدمت أكثر من 206 خيمة، 200 ناموسية، 1000 خيشة، 1415 مشمعا، 634 كرستال زيت، 519 شيكاره سكر، 694 شيكارة دقيق، 409 كرتونة عدس، و394 كيس صابون، حيث وجد ذلك العمل القبول والرضاء من قبل المواطنين، فيما قامت محلية بربر بفتح وتطهير كل الأودية والخيران الرئيسة، كذلك عملت على عمل مصدات تحسباً للسيول، وكذلك كانت هنالك زيارة ميدانية للمناطق المتضررة من قبل المسؤولين بالمحلية، على مدار اليوم، إضافة إلى زيارة وزير التخطيط العمراني، حيث عملت محلية بربر على إعادة خدمات الكهرباء لبعض الأسر الآمنة، في منطقة العيسياب، وكذلك قامت بعمليات إصحاح للبيئة، بحضور تيم متخصص، فيما يتم الآن ردم البرك في سوق بربر، وبعض المناطق المتأثرة، ويقول حسن سليمان، معتمد بربر، إن المحلية قدمت خدماتها للمتأثرين جراء السيول والأمطار بمحلية بربر بنسبة 10%، ويؤكد أن الجهود مستمرة، قبل أن يشيد في ختام حديثه بغرفة عمليات الطوارئ بالمحلية. اليوم التالي