هذه الفكرة نبتت في رأسئ فجاة وانا أقرا قصة (الحب في زمن الكوليرا) للكاتب الراحل جابرييل غارسيا ماركيز....في تلك القصة يتم رفض البطل من قبل اسرة محبوبته بل ويمنع تماما من الوصول اليها ..فيحتال بشتى الطرق للتواصل معها ...ولكنه فجأة يصدم بخبر زواجها من ذلك الطبيب المشهور ..فماذا فعل؟... اتخذ من ذلك (الشاكوش الأصلي) دافعا لكي ينفض التراب عنه ويواجه نفسه بصراحة مميتة..لماذا تم رفضه هو ..و قبول الاخر؟...حلل كل الاحداث الى عواملها الاولية ..وتحول بفضل هذه الصدمة من شخص معدم الى مالك احد امبراطوريات السفن الكبرى ..كان فلورينتينو موقنا بان زوجها جوفينال اوربينو سينزاح عن طريقه يوما ... حبكة القصة تجعلك تعيش التفاصيل معه وهو يعد الأيام ويمر عبر الليالي منتظرا ان يزف له احد ما موت زوجها..الى درجة انه أكمل تجهيز تلك الملابس التي سيرتديها عندما يذهب للعزاء...رغم غرابة الفكرة وبعدها عن الواقع المعاش فقد شدتني فكرة ذلك التصميم الذي أورثه (الشاكوش) في نفس بطل الرواية ..ووجدتني أقارنه بأبطال قصص الحب عندنا .. وقلت في نفسي ..ماذا لو استفاد قيس او جميل من الشاكوش وحاولا بناء انفسهما من جديد؟؟؟...ومن ثم قالت لي لمبة عبقرينو أن تأثير القصص المتوارثة يفعل الكثير في النفس البشرية ..لو تاملنا عبر تاريخنا لوجدنا أشهر قصص الحب المعروفة لم تنته بالزواج .....هذه القصص انتهت أغلبها بالجنون لابطالها ..ربما أضافت لنا في رصيد الشعر والشعراء الكثير من أبيات الشعر المليئة باللوعة والتباكي على الفراق ..(اذا قلت ما بي يا بثينة قاتلي ..من الحب قالت ثابت ويزيد..وان قلت ردي بعض عقلي اعش به ..مع الناس قالت ذاك منك بعيد).. صحي قالوا شقي الحال يقع في القيد ..يعني البنية شوية عقل كدا ما عايزة تخلي ليهو..اما قيس بن الملوح فقد فقد عقله بتاتا وهام على وجهه في تلك البيداء...مثل قيس وجميل ...كثيرون في تاريخنا ..اخذنا قصصهم على علاتها ..ولم يحدث ان تساءلنا ماذا لو جرى الأمر بغير ذاك الوجه؟...الاصرار والتصميم هل هو شئ مكتسب أم متوارث عبر الدماء ؟؟.... هذا الشئ ليس خاضعا لقصص الحب او روايات الغرام فقط ...لو تمعنا حولنا لوجدنا الكثير من الشعوب جعلت من هزيمتها انتصارا ..دونك اليابان ..تلك التي تركتها الحرب العالمية الثانية قاعا صفصفا..واليابان دولة فقيرة من ناحية الموارد الطبيعية..ليس بها نيل يجري ولا سهول مهيئة للزراعة وليس بها ثروة حيوانية ضخمة تسد عين الشمس ...ثروتها الوحيدة هي الانسان ..ذلك المورد الذي راهنت عليه وكسبت الرهان .. الانسان الياباني له عزيمة تفتت الصخور ...وتهز الجبال ...بناء الانسان والمراهنة عليه هو ما ينقصنا ...وهذا ما نفتقده ..هل ترى اننا نتشرب الاستسلام من القصص والحكايات؟أم انه متواجد في البيئة من حولنا؟؟؟... أذكر انني قرات مثلا يابانيا يقول (السقوط سبعة مرات لكن الوقوف ثمانية)...فالمرة الاخيرة وقفة ما بعدها سقوط...فلورينتينو لم يضع وقت الانتظار سدى ولم يقضه واضعا يده على خده..بل بدأ من الصفر ليصبح واحدا من أشهر رجال الأعمال ..تماما كما اليابان عندما انتفضت وصارت واحدة من مصاف الدول الكبرى في زمن وجيز... ولا زلنا نحن محلك سر لم نراوح مكاننا ونردد كما زيدان الكسلان (سنحرث الأرض من هنا الى هناك)...الاصرار والتصميم ومحاولة الوقوف بعد السقوط هو ما يجب ان نعلمه لأطفالنا ولابناءنا ..عدم التخلي عن الأحلام والقتال حتى تنال ماتتمنى هو ما يجب ان نتوارثه ونحكيه للاجيال ...و(لي الليلة قيس ما لاقى ليلى وليلى قيس ما لاقته؟؟).. ووصباحكم خير