كانت مجالس الخرطوم السياسية تتناقل الامر سراً في البداية، فانشغال د. نافع على نافع مساعد رئيس الجمهورية مسئول ملف دارفور بالاعداد للانتخابات كان لافتا ،وبدأ الهمس عن تخليه عن الملف، وبرز عندها اسم غازي صلاح الدين، كعادته دائما في توضيح المواقف وتثبيتها بصورة واضحة دعا د. غازي صلاح الدين الصحافيين في ذات اليوم الذي اوردت فيه «الرأي العام »خبرتكليفه، وكان مكانها حريصا على توضيح الطريقة التي تم بها الامر وبان د. نافع هو من اقترح ذلك حتى لا يبدو الامر وكأنه سحب للملف بغض النظر عن الاسباب، وركز د غازي في نقطة مهمة وهي عزمه على مشاورة جميع القوى السياسية الى جانب مكونات دارفور من ادارة اهلية ومشائخ ومنظمات المجتمع المدني ،وعلى ما يبدو ان هذه هي السياسة القادمة لادارة الملف. وغازي الذي ظل منذ فترة بعيدة رئيسا للهيئة البرلمانية لنواب المؤتمر الوطني أتاح له وجوده في البرلمان فرصة للتعرف والتعامل مع القوى السياسية كافة الممثلة في البرلمان، مما يدعم ويساعده في مهمة التفاكر مع ذات القوى حول إيجاد الحلول اللازمة دارفور، وحسب مراقبين ومحللين سياسيين يتوقعون استجابة كبيرة من هذه القوى التي ظلت تنادي بهذا الحق منذ فترة طويلة، ويشير ذات المراقبين الى ان هذا الامر خطوة أولى في اطار الحل الصحيح. ما ذكره أيضاً د.غازي عن عدم قدرته على ممارسة نشاطه في البرلمان بعد ان تكتمل عملية التكليف رسميا ينبئ عن استعداد ايجابي للانخراط العملي في ادارة الملف بتفرغ يناسب المهمة، خاصة ان الملف كما قال به ملفات اخرى تتعلق بالبعثة الاممية والوسطاء وزيارات ميدانية. مرحلة بالغة التعقيد وصلت اليها الاوضاع في دارفور على المستويين العسكري والسياسي. ويدرك ذلك المتابعون لأزمة دارفور، فرغم الحشد الضخم الدولي والاقليمي الساعي الى وقف الحرب وايجاد تسوية سياسية للازمة، مفاوضات في الدوحة بين الحكومة وحركة العدل والمساواة تأبى ان تراوح مكانها، حركات تنتظر التفاوض معها، واخرى ترفض، نازحون تزداد معاناتهم يوما بعد يوم، والازمة نفسها تتولد عنها أزمات في ظل بارود الاحترابات القبلية في منطقة قابلة للاشتعال، يحتاج فيها حسب مراقبين مهتمين بشئون دارفور الى جانب توسيع رقعة التشاور الى تغيير جذري في طرائق حلول الازمة التي اثبتت فشلها خلال السنوات الماضية، مع العمل على تفعيل المحاسبة بالقانون لكل متفلت ومخطئ بصورة حاسمة تكون عظة وعبرة للآخرين، واختيار غازي وفق مراقبين جاء لذات التعقيدات خاصة انعكاساتها الخارجية وتقاطعاتها مع الدول الغربية وامريكا بصفته من ابرز قيادات الحكومة في الحوار مع هذه الجهات. الصحافي عبد الله آدم خاطر انتقد السياسة العامة للمؤتمر الوطني فيما يتعلق بازمة دارفور وقال ل «الرأي العام » إن كثيراً من المشاكل والتعقيدات معظمها لاسباب وخلفيات الذين تداولوا مسئولية حل الأزمة الا انه قال رغم تأكيده على ان د. غازي يعتبر من صلب الحركة الاسلامية التقليدية ومن المخططين الاساسيين لسياسات المؤتمر الوطني راهن على وعيه الاكاديمي وصلاته الانسانية، وربما قدرات أخرى ستساعده في ان يعيد بعض الحكمة والموضوعية لسياسات المؤتمر الوطني خاصة ان المجتمع الدولي والاقليمي الآن اكثر استعدادا لفتح كل النوافذ لتجاوز الازمة . ويوافقه في كثير مما ذكره الاستاذ والمحامي المعروف صالح محمود عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، الذي اكد كفاءة د. غازي وسعة ادراكه كمطلوبات مهمة في ملف دارفور. وقال ل «الرأي العام » إن غازي يتمتع بعلاقات جيدة وخطابه من خلال تجربته البرلمانية متوازن وهو مستمع جيد للآخرين ويتمتع بقبول. واضاف اعتقد انه اختيار موفق وانا شخصياً على أتم الاستعداد للتعاون معه في هذا الملف خاصة بعد تصريحاته الايجابية باهمية التشاور مع القوى السياسية لإيجاد حل سريع للأزمة. الحركات المسلحة قالت في خبر نقلته صحف الخرطوم عن احمد حسين آدم الناطق الرسمي لحركة العدل والمساواة ان الاسماء لا تعنيها كثيراً، ولكنها تهتم للسياسة المتبعة لادارة الأزمة وذلك في اول تعليق على تكليف الحكومة د. غازي صلاح الدين مهمة التفاوض مع الحركات. تبقى ان ما تم حدث مهم في مسار الحل السياسي لأزمة دارفور، فالمهمة صعبة والتحدي كبير والأمل أيضاً.