*ولا يمكن أن تصح نسبة العبارة هذه إلى نميري بكل تأكيد لأنه لم يكن (منفصماً!) عن الشعب.. *ثم إن شعبنا لم تكن قد (غشيته غواشٍ)- بعد- مما هو دخيل عليه من ثقافات وعادات و(جنسيات!).. *ولكنها تنطلق من أفواه البعض منا - أحياناً - ممن انبهروا بثقافة دول تغربوا فيها.. *بل وبعض المقيمين أنفسهم صاروا يتأففون من بعض جوانب مسلكنا في الحياة سيما النساء منا.. *فالنساء عموماً - والسودانيات على وجه الخصوص - أكثر نزوعاً نحو كل ما يتسق ومعاني (الذوق).. *فهل بعض أفعالنا تستجلب علينا - فعلاً - عبارة (شعب كرور) أم أن في الأمر شيئاً من المبالغة؟!.. *ولعل خير استهلالية لكلمتنا هذه ما طفق يردده ناشر صحيفة (الجريدة) - الزميل عوض محمد عوض - عقب عودته من إسبانيا.. *فبعد تغرّب دام نحو عشرين عاماً قال عوض إنه لمس - عقب عودته - شحاً في فضيلتي الشكر والاعتذار بين السودانيين.. *بمعنى أن السودانيين ما عادوا يشكرون على فعل، أو يعتذرون عن خطأ.. *حسنٌ؛ منذ الآن فصاعداً دعونا نُخضع تصرفاتنا- وتصرفات الآخرين - لاختبارات (الاتيكيت) لنرى إن كنا راقين أم لا.. *إن كنت (سائقاً) وآخر يريد دخول الشارع- وتوقفت له- فهل يرفع يده لك شاكراً أم يتجاهلك وهو (متنح)؟!.. *إن كان أحدهم يتحدث معك و(سفته!) بارزة من خلف شفته السفلى فهل يحرص على رميها أم لا يبالي بأن (يقرفك)؟!.. *إن كنت تجلس في حافلة وجاورك شخص (غير نظيف!) فهل يحس بما سببه لك من أذى أم يبدو لا مبالياً؟!.. *إن سقط من شخص أمامك (شيء) ورفعته له فهل يجود عليك بعبارات الشكر أم يستلمه ويعطيك ظهره.. *إن كنت بمعية أسرتك في مطعم فهل يراعي الجالسون (خصوصيتك) أم ينتهكها البعض- بنظراتهم- وهم يتجاهلونك؟!.. *إن أخطأ في حقك زميل عمل - ونُبه إلى خطئه - فهل يعتذر إليك أم تأخذه العزة بالإثم ؟!.. *إن أراد شخص تعرفه خطب ود فتاة وصدته بلطف فهل ينسحب - احتراماً لذاته - أم يُظهر (تخانة جلده)؟!.. *إن جلس أمامك مشجع في الإستاد يضع على رأسه مثل عمامة (ترباس) فهل يخلعها أم يجعلك (تشابي!) من فوقه؟!.. *إن كنت متزوجاً فهل ترمي ملابسك - عقب عودتك من العمل - كيفما اتفق أم تضع كل شيء في مكانه؟!.. *إن كنت تستقل مركبة عامة ونزل راكب على بُعد أمتار من (محطتك) فهل تنزل معه أم (تطقطق) للسائق بعد ثوانٍ؟!.. *إن أردت الوقوف بسيارتك أمام محل لقضاء خدمة ولم تجد موقفاً فهل (تحجز) عربة شخص ما أم تذهب بعيداً؟!.. *إن وجدت - أخيراً - أن الإجابات (الصريحة) عن أسئلتنا هذه تقودك بشارع (كرور) فلتتوقف عنده ليكون بمثابة (الوقفة مع الذات!).. *فمجرد قبولنا بأن يُسمى أحد شوارعنا بالاسم هذا يعني أننا نستسهل وصم أنفسنا بما لا يتسق مع صفة (حضاري).. *فلتكن البداية - إذاً- بتغيير اسم الشارع المذكور إلى اسم (حضاري).. *ثم نُزيل ما طرأ على أنفسنا في ظل (المشروع الحضاري).. *ثم يكون هو (الكرور) من لا يرى وجهنا (الحضاري!!).