عيد ميلاد مايك تايسون.. قصة اعتناقه الإسلام ولماذا أطلق على نفسه "مالك"    جهاز المخابرات بالجزيرة سيعمل بالتنسيق مع إدارة الكهرباء لضمان استقرار التيار الكهربائي    مزارعو السودان يواجهون "أزمة مزدوجة"    ذكري 30 يونيو 1989م    تمت تصفية أحد جنود المليشيا داخل مدينة نيالا بعد أن وجه إنتقادات حادة للمجرم عبدالرحيم دقلو    دبابيس ودالشريف    أمر خطير لميليشيا الدعم السريع تّجاه الفاشر..ماذا حدث؟    ملك أسبانيا يستقبل رئيس مجلس السيادة السوداني    بالصور.. كامل إدريس يدشن انطلاق امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة 2024    السجن المؤبد عشرين عاما لمؤيدة ومتعاونة مع مليشيا الدعم السريع المتمردة    باريس سان جيرمان يكتسح إنتر ميامي في كأس العالم للأندية    (سمرة وكبرون .. تحديات الأمن القومي – الجزء الاول)    وصول الطاقم الفني للمريخ برفقة الثلاثي الأجنبي    الجيش السوداني يستهدف مخزن ذخيرة للميليشيا ومقتل قائد ميداني بارز    رسائل "تخترق هاتفك" دون شبكة.. "غوغل" تحذّر من ثغرة خطيرة    بعد تصريحات الفنان شريف الفحيل الخطيرة.. أسرة الفنان الراحل نادر خضر تصدر بيان هام وعاجل.. تعرف على التفاصيل كاملة    مصادرة"نحاس" لصالح حكومة السودان    "مخدرات في طحين الإغاثة".. مغردون يفضحون المساعدات الأميركية لغزة    بالتنسيق مع الجمارك.. خطة عمل مشتركة لتسهيل وانسياب حركة الوارد بولاية نهر النيل    بعد ظهور غريب..لاعب الهلال السوداني يثير جدلاً كبيرًا    كامل إدريس يدشن انطلاق امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة 2024    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    الجَمْع بَينَ البُطُولَتين    رونالدو: الدوري السعودي أحد أفضل 5 دوريات في العالم    مِين فينا المريض نحنُ أم شريف الفحيل؟    تيم هندسي من مصنع السكر يتفقد أرضية ملعب أستاد حلفا الجديدة    حادثة هزت مصر.. تفاصيل حزينة لمأساة "فتيات العنب"    إبراهيم شقلاوي يكتب: خميس الفكرة والنغم وتقرير المصير!    جار التحقيق في الواقعة.. مصرع 19 شخصًا في مصر    مصري يطلق الرصاص على زوجته السودانية    تعثّر المفاوضات بين السودان وجنوب السودان بشأن ملف مهم    لاحظت غياب عربات الكارو .. آمل أن يتواصل الإهتمام بتشميع هذه الظاهرة    كيف نحمي البيئة .. كيف نرفق بالحيوان ..كيف نكسب القلوب ..كيف يتسع أفقنا الفكري للتعامل مع الآخر    السودان..قرار جديد لكامل إدريس    شاهد بالصورة.. الإعلامية السودانية الحسناء شيماء سعد تثير الجدل على مواقع التواصل بالبنطلون "النمري"    شاهد بالفيديو.. الفنانة اليمنية الحسناء سهى المصري تخطف الأضواء على مواقع التواصل السودانية بعد تألقها في أداء أشهر أغنيات ثنائي العاصمة    شاهد بالفيديو.. الفنانة فهيمة عبد الله تغازل عازفها الجديد في إحدى حفلاتها الأخيرة وجمهورها يرد: (مؤدبة ومهذبة ومحتشمة)    قوات إسرائيلية في إيران.. زامير يكشف "مفاجأة ما بعد الحرب"    تراثنا في البازارات… رقص وهلس باسم السودان    يعني خلاص نرجع لسوار الدهب وحنين محمود عبدالعزيز..!!    الخرطوم.. "طوق أمنيّ" في"الجقب" والحصيلة مرعبة    مكافحة المخدرات بولاية بالنيل الابيض تحبط محاولة تهريب حبوب مخدرة وتوقف متهمين    استدعاء مالك عقار .. لهذا السبب ..!    "سيستمر إلى الأبد".. ترمب يعلن بدء وقف إطلاق نار شامل بين إسرائيل وإيران    مزارعو القضارف يحذرون من فشل الموسم الزراعي بسبب تأخير تصاديق استيراد الوقود    إيران ترد على القصف الأمريكي بعملية عسكرية    قوات الجمارك مكافحة التهريب بكريمة تضبط كميات كبيرة من المخدرات    أسهم الخليج تتجاهل الضربة الأمريكية    التلاعب الجيني.. متى يحق للعلماء إبادة كائن ضار؟    هل ستتأثر مصر في حال ضرب المفاعلات النووية؟    30أم 45 دقيقة.. ما المدة المثالية للمشي يومياً؟    وزارة الصحة تتسلّم (3) ملايين جرعة من لقاح الكوليرا    "أنت ما تتناوله"، ما الأشياء التي يجب تناولها أو تجنبها لصحة الأمعاء؟    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عقدة الدونية وسودانية أوباما وزوجة نوح..!
نشر في النيلين يوم 23 - 03 - 2015

استمتعت بمقال جميل وعميق ومفيد سطره د. حسن عابدين في صحيفة “التغيير” التي تشهد جهداً مقدراً هذه الأيام من خلال استكتاب بعض النجوم اللامعة في مجال البحث والتحليل والكتابة الصحفية، فقد غضب دكتور حسن عابدين، وحق له، من احتقار أحد أساتذة التاريخ لمناهج البحث العلمي وهو يزعم بدون دليل أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ينحدر من أصول سودانية، وأن امرأة نبي الله نوح حلفاوية من السودان!
أخطر ما في الأمر أن صاحب هذه المزاعم يحمل درجة البروفيسور في التاريخ، وبالرغم من ذلك أتى بكلام فطير يشبه الدهماء والسوقة لا العلماء والباحثين والأخطر من ذلك أن ما أتى به الرجل يسير في ذات اتجاه ترسيخ عقدة النقص التي أصبحت تسوق كثيراً من النخب إلى البحث عن مصادر قوة يعظِّمون بها من السودان والشخصية السودانية حتى ولو كانت بحوثهم لا تقوم على ساقين.
المهم أن المؤرخ “دياب” لم يكتف بأن ينسب أوباما إلى السودان إنما سماه كذلك “البراق أبو آمنة” تخيلوا! بما يعني أن والده الذي لا يختلف اثنان في الدنيا أنه من كينيا وأنه هاجر إلى أمريكا والتقى خلال دراسته الجامعية بوالدة اوباما وتزوجها، ولكن “مؤرخنا” الهمام رفض كل الوثائق التاريخية وتغوّل على منهج البحث العلمي ليهرف بهذه المزاعم الغريبة!
لم أجد بأساً في أن يحاول د. الترابي تأصيل اسم باراك أوباما من خلال اجتهاد لغوي جعله يشتق اسم “باراك” من كلمة “مبارك” باعتبار أن ذلك التحوير أفضت إليه العجمة لدى مسلمي كينيا كالتي حوّرت اسم “أحمد” في غرب افريقيا إلى “أمادو”، كما لم أجد بأساً من الرواية التي زعمت أن والد أوباما ينتمي إلى قبيلة كينية هاجرت من جنوب السودان، ولكن أن يأتي مؤرخنا دياب بحكاية أن أوباما اسمه “البراق أبو آمنة” حتى بعد أن انفصل جنوب السودان وأصبح دولة بدلاً من التشبث بفرية أن أوباما من أصول جنوبية فإنه مما يبعث على الدهشة!
لعل أكثر ما يعجبني في كثير من مقالات د. حسن أنه يقوم بدور المصحح لأخطاء من يتغولون على الحقائق التاريخية بدون علم ولا هدى ولا كتاب منير، فقد قرّع صاحب تلك المزاعم الذي زعم أنه استقى ما يسند حجته من (مراجع) بدون أن يذكرها أو يذكر مؤلفها وطلب د. حسن من الرجل أن يخضع الروايات الشفهية والأقوال والأحاديث المنقولة والمجموعة من (أفواه الأجداد والآباء والأحفاد من أسرة أوباما وآل محمد أحمد المهدي وآل علي دينار.. أن يخضعها للغربلة والتحقيق بعد تنقيتها من أغراض ورغائب الرواة ومن الشوائب التي تعلق بمثل هذه الروايات من حذف وإضافة وتحوير).
عقدة التعلق بأهداب الكبار من أمثال أوباما أو ببعض الرسل والأنبياء أصبحت موضة يرددها الكثيرون بما في ذلك الحديث عن أن مجمع البحرين الذي ذُكر في سورة الكهف هو مقرن النيلين الأزرق والأبيض في الخرطوم وأن سيدنا موسى سوداني هاجر من السودان إلى سيناء، وكذلك ما رواه مؤرخنا الذي لم يأخذ بأسباب البحث العلمي حين أتى بما لم تستطعه أو تسبقه به الأوائل عن زوجة سيدنا نوح ولست أدري لماذا اختار زوجة نوح تحديداً وهي التي أُدينت في القرآن الكريم، ولماذا لم يضم إلى الجنسية السودانية زوجة سيدنا لوط التي أتت جرماً فادحاً ذُكر كذلك في القرآن الكريم(ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا)؟! هل تراه تجنب ذلك حتى لا يلصق تلك الفعلة السيئة المستقبحة “الشذوذ” بأهل السودان من خلال إنكار أو استبعاد أن تكون زوجة لوط من السودان؟!
على أن ما يدعو إلى التساؤل هو.. ماذا يفيد السودان من أن يكون أوباما سودانياً وما هو العز والشرف الذي يملأ جوانحنا من أن يكون اوباما سودانياً أو سيئة الذكر إمرأة نوح سودانية؟ وهل يعمد المصريون مثلاً إلى ذلك البحث المضني “بالحلال والحرام والحق والباطل” عما ينسبهم إلى العظماء أو أصحاب المكانة التاريخية أم أن تاريخهم المزدحم بأمجاد الزعماء والعظماء عبر التاريخ يجعلهم في غنى عن الركض وراء تلك العقدة التي تجعل بعض المنهزمين نفسياً يلهثون خلف أمجاد متوهمة تضطرهم إلى تزوير التاريخ والتنكر إلى مناهج البحث العلمي؟
نحتاج إلى أن نصوغ تربية وطنية تجعلنا نفخر بأنفسنا وأن نكون كما نحن بعيداً عن البحث عن أمجاد تضطرنا إلى أن نلوي عنق التاريخ حتى نشبع عقدة النقص التي ربما فاقمها ضعفنا بين الأمم جراء مشاكلنا السياسية والاقتصادية كما نحتاج إلى أن نوقف حملة جلد الذات التي نجيد تداولها هذه الأيام عبر وسائط التواصل الاجتماعي فذلك يعتبر من أولويات بناء الشخصية السودانية السوية التي يمكن أن تنشئ حضارة حقيقية تتباهى بها أجيالنا القادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.