ينتظر لاجئون سوريون في مدينة أدرنة التركية على الحدود اليونانية والبلغارية فتح نقاط العبور منذ أسبوع. وإذا لم يحدث ذلك فهم مستعدون لعبور البحر والمخاطرة بحياتهم بأمل الوصول إلى أراضي الاتحاد الأوروبي. لقد انتهت المهلة التي حددها والي مدينة أدرنة بغرب تركيا ودعوته للاجئين بمغادرتها إلى مكان آخر داخل البلاد. بيد أن اللاجئين السوريين رفضوا ركوب الحافلات الواقفة هناك، والرجوع آلاف الكيلومترات التي عبروها في طريقهم قبل الوصول إلى هذه المدينة. إنهم لا يزالون يأملون في فتح الحدود ودخول أراضي الاتحاد الأوروبي. إنهم يريدون الوصول إلى ألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية. ويحكي محمد محسن (25 عاما) عن المصاعب التي واجهها قبل الوصول إلى أدرنة . “وصلنا قبل تسعة أيام إلى حفسا (Havsa) البعيدة عن أدرنةبحوالي 50 أو 60 كيلومترا. كنا حوالي 150 شخصا، ومنهم 90 من النساء والأطفال. كنا نختبئ خلال النهار ونتابع السير في الليل، عبر الحقول والجبال.” قبل عام هرب الطالب محمد محسن من دمشق إلى تركيا. وعاش سنة كاملة في ورشات البناء في أنطاليا. وقبل أسبوع وصل محمد إلى أدرنة. في الملعب المحلي للبلدة ومحيطه تجمع حوالي 1400 شخص. عدد كبير منهم جاؤوا من إسطنبول بالحافلات والشاحنات أو على الأقدام. وتقع البلدة التي يقطنها حوالي 140 ألف نسمة على مقربة من نقاط عبور الحدود، ثلاث منها لدخول اليونان. دعوة للعودة إلى الحياة الطبيعية! قامت بلدية أدرنة بتجميع كل اللاجئين بالمنطقة في الملعب. وتم أقناع نصف هؤلاء بمغادرة البلدة والذهاب إلى بلدات تركية أخرى، حيث كتبت أسماؤها على حافلات باللغة التركية والعربية لتسهيل التواصل معهم. وعبر مكبرات الصوت تم إخبار اللاجئين أيضا باللغة العربية بأن اللاجئين يتمتعون بحرية التنقل في تركيا. وكان هناك بعض العشرات من أفراد الشرطة الذين وقفوا متحفظين وعن بعد ملموس من النساء، حيث كانوا يساعدون في تنظيم بعض الترتيبات الأمنية بهدوء. يوم الأحد الماضي استقبلت الحكومة التركية ممثلين عن هؤلاء اللاجئين في أنقرة وأخبرتهم أنه ليس من الممكن عبور تلك الحدود لأن الدول المجاورة ترفض ذلك، وطالبتهم الحكومة “بالعودة إلى الحياة الطبيعية”. أي حياة طبيعة؟ تتساءل السيدة أمين محمد (27 عاما) التي هربت مع زوجها وثلاثة من أطفالها من حلب إلى أضنة قبل الوصول إلى أدرنة. “لقد هربنا من الحرب والسلاح والقنابل ونظام الأسد ومن قوى المعارضة ومن داعش. نحن لم نأت من مكان الحياة فيه طبيعية.” وتضيف الأم أنه ليس هناك من بديل في متابعة الرحلة إلى حين الوصول إلى دولة في الاتحاد الأوروبي. “إنها الإمكانية الوحيدة بأمل مستقبل جديد. وإن لزم الأمر، فإننا سنعبر البحر في سبيل ذلك.” وحسب المنظمة الدولية للهجرة فقد لقي أكثر من 2700 شخصا مصرعهم في مياه بحر إيجه خلال الثمانية أشهر الأخيرة. “لا نريد الموت في البحر” ولا تجد دعوة والي المدينة بضرورة مغادرة البلدة صدى كبيرا لدى اللاجئين، بل إنهم نظموا جلسات احتجاجية على المساحة الخضراء أمام الملعب البلدي، حيث كتب على لافتات يرفعها أطفال: “لن نذهب” أو “افتحوا الحدود” أو “لا نريد الموت في البحر”. ويشار إلى أغلب اللاجئين السوريين موجودون حاليا في تركيا حيث يعيش أكثر من مليوني لاجئ فيها. وتحدثت بيانات رسمية أن الحكومة التركية صرفت أكثر من سبعة مليارات دولار حتى الآن بهدف مساعدة اللاجئين الذين لا يسمح لهم بالعمل في البلد ويصعب عليهم الحصول عن سكن، ناهيك عن النقص في الخدمات الصحية أو التعليمية للأطفال. كما يصبحون عرضة لهجمات عنصرية وإجرامية. وفي مثل هذه الأوضاع المأساوية يتجه عدد من هؤلاء اللاجئين إلى لمسار للإجرام، كما ترغم النساء في سن مبكرة على الزواج أو على ممارسة الدعارة. ويقول إلياس إرديم، رئيس جمعية “التضامن لصالح اللاجئين” في اسطنبول إن العديد من السوريين يرغبون في مغادرة تركيا بسبب تلك الأوضاع المأساوية.