ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شكسبير في ذكراه الأربعمئة.. العالم على قلب رجل
نشر في النيلين يوم 18 - 04 - 2016

هل الثقافة في كل مكان يتذكرون هذه الأيام رحيل وليام شكسبير، فقد مرت 400 سنة على رحيله (1616-2016)، بل قد نجازف بالقول إن كل أحد قد سمع عنه، حيث انتشر ذكره على وجه الأرض بقدر ما تمددت الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، عبقري الأدب العظيم.
ولكن من حقنا أن نقارن بينه وبين أبي الطيب المتنبي في الأدب العربي، لكثرة ما بينهما من وجوه شبه، كالذيوع الكبير وشغل الناس عبر الزمان والمكان متانة تعبير وحكمة مقال والبلاغة التي سارت بها الركبان، ولكن الأهم منذ ذلك كله، أن كليهما كان مشغوفاً بحياة الملوك والقصور، فالمتنبي عاش ذلك عملياً وشعرياً، ولكن شكسبير انشغل بحياة الملوك وقيمهم في أعماله المسرحية فنقل لنا أسرار القصور وعواصفها، في ذلك العصر (الإليزابيثي)، فضلاً عن أن كليهما كان طموحاً فمات في منتصف العمر، وكلاهما جاء من بلدته النائية إلى مركز الامبراطورية ليحقق أحلامه ويلتمع نجمه إلى آخر الزمان. وكلاهما أثار غباراً من الأقاويل وتعرض للحسد والجحود والإعجاب الضخم، ولكن بعد فوات الأوان.
طوفان المشاعر الإنسانية
الرجل عول في مسرحه وشعره على العواطف والأحاسيس الإنسانية العالية، ليعيش العالم الأجمل مقتفيا موجة قلبه النبيل، وهذا ما عزز عالميته واستمراريته الى يوم الناس هذا. فأبطال مسرحياته المأسوية شخصيات تتميز بالعظمة والعواطف الإنسانية، وتؤثر في الجمهور والقراء أينما كانوا ولاتزال الشخصيات الكوميدية تضحك الجمهور لما في تصويرها من ذكاء ودقة وفكاهة. وتترك شخصياته النسائية، مثل كليوباترا وجولييت والليدي ماكبث وروزالند وبورشيا وبياتريس وميراندا، أكبر الأثر عند القراء وجمهور المسرح والسينما أينما كانوا.
مزيج الخير والشر
ومن المهم القول إن المخزون الغني من الشخوص التي يمتزج فيها الخير والشر والعاطفة والعقل، واللغة الشعرية البليغة، والبراعة في التلاعب بالكلمات والألفاظ، والمفردات الجديدة جسدت جميعا براعة شكسبير. كما تعود أهمية شكسبير في كونه الابن النجيب لفكر وفن عصر النهضة الأوروبية بامتياز.
فهذا الفكر الذي عالج جوهر الإنسان الفرد وموقعه في الكون ودوره في الحياة، على كافة الأصعدة، انعكس بجلاء في مسرحياته، ولا سيما في المرحلتين الثالثة والرابعة؛ وما شخصيات هذه المسرحيات، على تنوعها وتباينها إلا تعبير عن معاناة الفرد في واقعه وتوقه إلى الانعتاق من أي قيد يعرقل تفتحه وطموحه.
ويتجلى نضج شكسبير الفكري والفني في صياغة الصراع الذي يخوضه الفرد بين نوازعه وغرائزه وطموحاته وبين ظروف الواقع المحيط والحتمية التاريخية. فلا توجد في مسرحيات شكسبير شخصيات معلقة في الهواء، بل هي دائماً ابنة واقعها بتجلياته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
جمع التراث والمعاصرة
على الصعيد الفني كان شكسبير نفسه ابن واقعه ومعطياته، وقد تجلت عبقريته الفنية في استيعاب الأشكال الفنية التراثية والمعاصرة والشعبية وإعادة صياغتها استجابة لمتطلبات العصر ولشروط الممارسة المسرحية في دور العرض الفقيرة بالتجهيزات المسرحية آنئذ.
ومن هنا خروجه على القوانين الكلاسيكية (الوحدات الثلاث) وتأكيده على الحبكة المزدوجة، بل الثلاثية أحياناً، كما في «حلم ليلة منتصف الصيف»، ومزجه المرهف بين الواقعي والخيالي وبين العواطف والأهواء المتضاربة، واستخدامه الشعر والنثر في العمل المسرحي الواحد وبمستويات لغوية مختلفة حسب طبيعة الشخصية وموقعها الاجتماعي، هذا بالإضافة إلى التأكيد على تعدد أمكنة الأحداث وفتح الزمن من دون أية تحديدات تقيد حريته.
إن من يتعمق في أعماله يتلمس بشكل واضح كون شكسبير ابن إرهاصات الثورة الصناعية والازدهار الاقتصادي والانفتاح على العالم الواسع تلبية لطموح الفرد الجديد، ابن أواخر عصر النهضة.
اكتشاف نسخة نادرة من طبعة »فيرست فوليو«
تلقت أستاذة دراسات أدب وليام شكسبير بجامعة أكسفورد البريطانية، إيما سميث، اتصالاً هاتفياً من أمناء مكتبة «ماونت ستيوارت هاوس» بجزيرة «أيل أوف بوت» الاسكتلندية، يفيد وجود نسخة نادرة من طبعة «فيرست فوليو»، للمسرحيات الكاملة للشاعر الإنجليزي، لتتشكك في صحة الأمر في البداية، غير أن مجموعة المسرحيات كانت موجودة بالفعل هناك، حيث برهن الفحص الدقيق للعلامات المائية وأخطاء الطباعة في الكتاب على أن النسخة أصلية.
ولا تعد المجموعة من بين الكتب الأكثر قيمة في العالم وحسب، حيث قدرت قيمة نسخة واحدة منها بنحو 3.5 ملايين جنيه استرليني عام 2003، بل أيضاً تناولتها من قبل الأبحاث بشكل مكثف وعلى نطاق واسع.
وذكرت صحيفة «التايمز» البريطانية أن إيما سميث كانت تجهز نفسها للذهاب في رحلة مخيبة للآمال، غير أنه بعد اتضاح حقيقة الاكتشاف في مكتبة منزل فخم في الجزيرة، بإدارة أحد الصناديق الخيرية، تبين أن النسخة لافتة للنظر، بالرغم من الاعتقاد بأن الكتاب مألوف نسبياً، مقارنة بالأعمال الأخرى الباقية من القرن السابع عشر.
وتأتي نسخة «ريد بوت»، التي سميت تيمناً بالجزيرة وإسحق ريد، وهو محرر أدبي اشترى النسخة عام 1786، ليرتفع عدد النسخ الموجودة منها لنحو 234، وذلك من ما يقدر بنحو 750 نسخة من الكتاب. علماً أن النسخة التي سبقتها، أي النسخة 233، قد ظهرت للعيان عام 2014، في إحدى الكليات بشمال فرنسا، غير أن النسخة التي تم العثور عليها أخيراً غير اعتيادية. إذ أوضحت إيما سميث أن الكتاب قيّم لأنه لم تجرِ طباعة أي من النسخ بطريقة مماثلة، وهو ما قد يقدم دليلاً على الكيفية التي كانت تُجمع بها النصوص معاً. فضلاً عن أنه سيسلط الضوء على مدى الاعتبارات التي كانت تطال أعمال الشاعر الإنجليزي بعد قرون من وفاته. وقالت سميث: «مع كل نسخة يتم إيجادها، نعرف المزيد عن استقبال الناس لكتاب شكسبير الأول».
تعتزم المؤسسة المسؤولة عن المنزل إبقاء الكتاب كعامل جذب للزوار، بحيث يتم إبقاء «ماونت ستيوارت هاوس» مفتوحاً للعامة، أخذاً بعين الاعتبار أن القيمة السوقية لمثل تلك النسخة الجيدة من كتاب المسرحيات تقدر على الأقل بنحو 2 مليون جنيه استرليني، ومن ذلك المنطلق، تم تشديد الإجراءات الأمنية حول المنزل.
لقد ازدادت قيمة الكتاب باطراد إبان استمرار انتشار نفوذ وليام شكسبير، فالنسخة من طبعة «فيرست فوليو»، التي ضمت نحو 36 عملاً مسرحياً لشكسبير، بيعت بجنيه استرليني عام 1623، وهو ما يقدر بنحو 100 جنيه استرليني في الوقت الراهن. فيما تم بيع نسخة «ريد بوت»، التي جرى تقسيمها لثلاث ملازم من جلد الماعز، لتتناول المسرحيات الكوميدية، والمأساوية، والتاريخية، بنحو 38 جنيهاً استرلينياً عام 1807.
أفاد ستانلي ويلز، الرئيس الفخري ل «صندوق مسقط رأس شكسبير» أن أهمية الاكتشاف الأخير لنسخة الكتاب ترجع لرغبة أي مكتبة علمية في العالم باقتناء نسخة منه. ومن المحتمل أن تفصح هذه النسخة عن أمور جديدة، غير أنه يجدر بنا الانتظار حتى ينتهي أحد الخبراء من فحص الكتاب.
وبدورها، أكدت إيما سميث أن الأهمية الفعلية لطبعة «فيرست فوليو» تكمن في أنه لولاها كنا سنفقد نصف أعمال شكسبير المسرحية، بما في ذلك «ماكبيث»، و«العاصفة»، و«كيفما تريد». وبذلك كان شكسبير سيبدو مختلفاً للغاية، وكذلك إرثه، في حال لم يُنشر الكتاب.
خلفية اجتماعية
ولد شكسبير سنة 1564م وكانت أمه ماري آردن، من أسرة عريقة في ووروكشير، وقد قدمت إلى جون شكسبير، ابن مستأجر أرض والدها، صداقاً ضخماً نقداً وأرضاً، وأنجبت له ثمانية أطفال كان ثالثهم وليم. وأصبح جون من رجال الأعمال الأثرياء الناجحين في ستراتفورد على نهر الآفون، واشترى دارين، وخدم بلده مساعداً لمأمور التنفيذ، وأحسن إلى الفقراء بسخاء، وبعد 1575 انحطت موارده، وأقيمت عليه الدعوى من أجل ثلاثين جنيهاً، وأخفق في دفع التهمة عنه.
واستعاد وليم فيما بعد مالية أبيه، وهناك تكهنات وروايات عديدة عن طفولته اشهرها: أن الوالد ربى ابنه وليام، لبعض الوقت في مدرسة مجانية، ولكن سوء ظروفه وحاجته إلى مساعدة ابنه له في موطنه أجبرتاه على سحب ابنه من المدرسة.
وفي المرثية التي ظهرت في مقدمة طبعة فوليو الأولى لروايات شكسبير، قال بن جونسون يخاطب منافسه الذي مات «لقد تعلمت قليلاً من اللاتينية، وأقل من اليونانية».. ومن الواضح أن الكتاب المسرحيين اليونانيين ظلوا على حالهم يونانيين بالنسبة لشكسبير (لم يطلع عليهم) ولكنه تعلم من اللاتينية ما يكفي لملء رواياته الصغيرة بشذرات لاتينية وتوريات ثنائية اللغة، وأسطورة أخرى سجلها ريتشارد ديفيز حوالي 1681 وصفت وليم الصغير بأنه «كثيراً ما كان سيئ الحظ في سرقة الغزلان والأرانب، وبخاصة من سير توماس لوسي الذي كان غالباً ما يجلده بالسوط، وأحياناً يسجنه».
وفي 27 نوفمبر 1582 عندما كان في سن الثامنة عشرة، حصل هو وآن هاثاواي، وكانت هي نحو الخامسة والعشرين، على إذن بالزواج. وتشير الظروف إلى أن أصدقاء آن أرغموا شكسبير على الزواج منها. وفي مايو 1583 – أي بعد زواجهما بستة أشهر، ولدت لهما طفلة أسمياها سوزانا، وأنجبت آن فيما بعد للشاعر توأمين عمدا تحت اسم هامنت وجوديث في 2 فبراير 1585 ويحتمل أنه حوالي نهاية هذا العام هجر شكسبير زوجته وأولاده.
جدل حول الشخصية
هناك جدال حول أنه قد يكون هناك شخص آخر غير ويليام شكسبير من مدينة استراتفورد على نهر ايفون في انجلترا هو كاتب الأعمال المنسوبة إليه. يقول المؤيدون لهذه النظرية إن شكسبير كان مجرد واجهة لإخفاء الكاتب – أو الكتاب الأصليين – الذي لسبب أو آخر لم يعلن عن نفسه.
شكك في أصالة شكسبير أولاً في منتصف القرن التاسع عشر، عندما انتشرت ظاهرة تملق شكسبير بكونه أعظم كاتب في التاريخ. بدت سيرة شكسبير الذاتية وخاصاً أصوله المتواضعة وحياته المغمورة متعارضة مع سموه الشعري وسمعته كنابغة مما أدى للتشكيك في كونه كاتب الأعمال المنسوبة إليه. وقدم أكثر من 80 مرشحا باعتبارهم أصحاب الأعمال الشكسبيرية العظيمة، منهم فرانسيس بيكون والايرل السادس لديربي وكريستوفر مارلو والايرل السابع عشر لاوكسفورد.
يجادل مناصرو المرشحين الآخرين كل على حدة أن مرشحهم هو المؤلف الأجدر بالتصديق وأن شكسبير كان ينقصه التعليم والإحساس الأرستقراطي أو ألفة البلاط الملكي التي كما قالوا كثرت في الأعمال. لا يوجد أي أدلة قاطعة مثل هذا لأي من المرشحين الآخرين، كما لم يتم التشكيك في أصالة شكسبير في عهده أو لقرون بعد رحيله.
أيام شكسبير الأخيرة
عاش شكسبير أعوامه الأخيرة مع أصدقائه، عيشة هادئة منعزلة كما يتمنّى جميع العقلاء أن يقضوها.. كان لديه من الثروة ما يكفي لاحتياز أملاك تفي بما يحتاج إليه وبما يرغب فيه، ويقال إنه قضى بعض السنوات قبل أن توافيه المنية في مسقط رأسه «ستراتفورد» ويروي «نيكولاس رو» عنه: «إن ظرافته الممتعة، وطيبته قد شغلتاه بالمعارف وخولتاه مصادقة أعيان المنطقة المجاورة».. لقد مات شكسبير كما عاش، من غير ما يدل كثيراً على انتباه العالم ولم يشيّعه إلا أسرته وأصدقاؤه المقربون، ولم يُشِد الكتاب المسرحيون الآخرون بذكراه إلا إشادات قليلة، ولم تظهر الاهتمامات الأولى بسيرة شكسبير إلا بعد نصف قرن، مات شكسبير بعد أن عانى من حُمّى تيفية، وقرع جرس موته في كنيسة «ستراتفورد» في 23 أبريل، في اليوم الذي ولد فيه قبل 53 سنة، وقيل إنه دفن على عمق 17 قدماً، ربما حُفرت مخافة عدوى التيفوس، ولعل شكسبير هو من كتب على الشاهد:
أيها الصديق الطيب إكراماً للمسيح لا تحفر هذا التراب المسّور ههنا مبارك من تحفظ هذه الأحجار وملعون من يحرك عظامي.. لقد أعطى العالم أعماله، وصداقته الطيبة، ولكنه لم يعطه جثمانه أو اسمه..
المسرح الإليزابيثي
العصر الإليزابيثي هو ذلك الوقت المرتبط بحكم الملكة الإنجليزية إليزابيث الأولى (1558م – 1603م)، وغالبا ما ينظر إلى هذه الفترة كأحد العصور الذهبية في تاريخ إنجلترا. كان هذا العصر هو ذروة مرحلة النهضة الإنجليزية وشهد ازدهارا كبيرا في الشعر والموسيقى والأدب. كان هذا أيضا هو العصر الذي ازدهر فيه المسرح الإليزابيثي، وقد قام وليم شكسبير وغيره بتأليف العديد من المسرحيات التي خرجت عن النطاق التقليدي والذي عرف به المسرح الإنجليزي القديم.
كان هذا عصرا للاستكشاف والتوسع في الخارج، في حين أصبح الإصلاح البروتستانتي أكثر قبولا لدى الناس، لا سيما بعد صد هجوم الأرمادا الإسبانية. وكان هذا العصر هو نهاية إنجلترا كمملكة منفصلة قبل اتحادها مع اسكتلندا.
وترجع المكانة الخاصة لهذا العصر إلى تناقضه مع العصرين السابق واللاحق. إنها فترة وجيزة من السلام الداخلي إلى حد كبير بين الإصلاح الإنجليزي والمعارك التي اجتاحت القرن السابع عشر بين البروتستانت والكاثوليك، البرلمان والسلطة الملكية. وقد نجحت إليزابيث بفضل تسويتها الدينية في تقليص الفجوة بين البروتستانت والكاثوليكيين لفترة، ولم يكن وقتها البرلمان بالقوة الكافية لتحدي الاستبداد الملكي.
اقتباسات من أقواله
أكون أو لا أكون هذا هو السؤال.
ساعاتنا في الحب لها أجنحة، ولها في الفراق مخالب.
الذي يموت قبل عشرين عاماً من أجله، إنما يختصر مدة خوفه من الموت بنفس العدد من السنين..
إن أي مركز مرموق كمقام ملك ليس إثماً بحد ذاته، إنما يغدو إثماً حين يقوم الشخص الذي يناط به ويحتله بسوء استعمال السلطة من غير مبالاة بحقوق وشعور الآخرين..
الرجال الأخيار يجب ألا يصاحبوا إلا أمثالهم…
لا تطلب الفتاة من الدنيا إلا زوجاً.. فإذا جاء طلبت منهُ كل شيء..
إذا أحببتها فلن تستطيع أن تراها.. لماذا؟ لأن الحب أعمى.
يمكننا عمل الكثير بالحق لكن بالحب أكثر..
الحب أعمى والمحبون لا يستطيعون أن يروا الحماقات الصارخة التي يرتكبونها هم أنفسهم..
إن المرأة العظيمة تُلهمُ الرجل العظيم، أما المرأة الذكية فتثير اهتمامهُ.. بينما نجد أن المرأة الجميلة لا تحرك في الرجل أكثر من مجرد الشعور بالإعجاب، ولكن المرأة العطوفة، والمرأة الحنون.. وحدها التي تفوز بالرجل العظيم في النهاية.
الرحمة جوهر القانون، ولا يستخدم القانون بقسوة إلا للطغاة..
يموت الجبناء مرات عدة قبل أن يأتي أجلهم، أما الشجعان فيذوقون الموت مرة واحدة.
إن الحزن الصامت يهمس في القلب حتى يحطمه..
إننا نعلّم الآخرين دروساً في سفك الدماء، فإذا ما حفظوا الدرس قاموا بالتجربة علينا.
على المرء أن ينتظر حلول المساء ليعرف كم كان نهاره عظيماً..
من أعماله الكبرى
مسرحيات العظماء:
تاجر البندقية، زوجات وندسور المرحات، ريان الناصر، جعجعة بلا طحن، بيرسيليس، أمير تير، ترويض النمرة، العاصفة، الليلة الثانية عشرة أو كما تشاء.
المسرحيات التاريخية:
الملك جون، ريتشارد الثاني، هنري الرابع، الجزء 1، و 2
هنري الخامس، هنري السادس، الجزء 1، و 2، و 3، ريتشارد الثالث، هنري الثامن.
مسرح المأساة (التراجيديا):
روميو وجولييت، كوريولانوس، تيمون الأثيني، يوليوس قيصر، ماكبث، هاملت، ترويلوس وكريسيدا، الملك لير، عطيل.
أنطونيو وكليوباترا.
القصائد الشعرية:
سوناتات شكسبير، فينوس وأدونيس، اغتصاب لوكريس.
العنقاء والسلحفاة، شكوى محب.
برقيات
تأويلات محلية
أعمال شكسبير تشكل زخماً من إلهام وعطاء، وتستقطب مسرحيي الإمارات ليقدموا حالة خاصة من الإبداع تجسد أعمال رائد مسرحي تربع على عرش الأدب العالمي، ليشكل ذلك حالة ثقافية تحمل هوية غنية تتحدى التقسيمات المجتمعية، وتحمل أفكار كاتب وضع مفهوماً جديداً للإبداع المسرحي الشعري، فضلاً عن نجاحه في استكشاف النفس البشرية وتصويرها بأسلوب بليغ.
وأعتقد أن المسرح المحلي استفاد بشكل كبير من فن وأدب شكسبير في إعادة توظيف رؤى وتأويلات بنكهة محلية تحاكي المعاصرة، مستندة على كلاسيكية لغوية مبطنة بإشارات وملامح القوة والتفرد، كما في العرض المسرحي «شكسبير منتقماً» من إنتاج فرقة عروض الشارقة للمسرحيات القصيرة والذي شارك فيه 3 ممثلون وممثلة، ومزج بين مقاطع لمسرحيات شكسبير الثلاث «عطيل» و«هاملت» وماكبث«، واتكأ على مدرستي التجريب والعبث.
زمن التحولات
إن الارتباط بأدب شكسبير أثناء دراستنا بالمعهد العالي للفنون المسرحية وأدائنا للعديد من شخصيات المسرحية، ومنها» عطيل «على مدار 4 سنوات متواصلة، كما أن تناول مسرح شكسبير من خلال إعادة إخراج مسرحية «ماكبث» الشهيرة، كسر حاجز الخوف والرهبة عند المسرحيين الإماراتيين في نقل النص الشكسبيري، المتمثل في عبقرية وحيوية أعماله وملامستها الهم الإنساني وهو ما يفسر ترجمة أعماله إلى كل اللغات العالمية، كما أن مسرحياته تمت تأديتها في جل المسارح العالمية وتعد مرجعاً أكاديمياً في معظم الجامعات والكليات الأكاديمية في العالم.
وبالنسبة لي، شكسبير يمثل غاية الكتابة ما بعد الحداثية في زمن من التحولات والتغيرات الاستثنائية اجتماعياً ودينياً وسياسياً وحتى لغوياً يماثل في كثير من جوانبه واقعنا الحالي في الوطن العربي.
ظلال على مسرح الإمارات
لم يقترب المسرحيون من العمل على نصوص شكسبير، كما هي عليه، وإنما ذهب قلة منهم إلى النهج الذي تعاطى معه العرب، قاربوا بعض الأعمال وهيأوها لبيئتهم، اقتبسوا وأعدوا وعدلوا وأخذوا ما يريدون من ذلك الغنى في الشخصيات والأحداث والاختبارات النفسية، والشعرية الفذة في النص الشكسبيري المتميز بقدرته على تقديم معالجات لقضايا ومواضيع إنسانية ترتبط بالمجتمع الانجليزي في عصر شكسبير، وهي تحمل مواصفات المجتمع التقليدي المحافظ القريب جدا من بيئة ومناخات المجتمع الإماراتي.
نصوص خالدة
في الإمارات كان لي شرف الاشتغال على مسرحيات شكسبير، حينما أعددت نص مسرحية»مكبث«محتفظا بالفكرة الرئيسية والخطوط الدرامية التي بناها شكسبير، وأنتج العرض المسرح الحديث بالشارقة وأخرجها الفنان الإماراتي إبراهيم سالم لأيام الشارقة المسرحية 2014. تلك التجربة أظنها الأولى من نوعها في الإمارات.
أهمية نصوص شكسبير تكمن في مناسبتها لكل زمان ومكان، أو ما نقول عنه»الآن وهنا«وهما سببا خلود نصوصه واستعمالها منذ أكثر من 4 قرون من الزمن، فهي على الرغم من كونها كُتبت وتوجهت إلى الحقبة التاريخية لإنكلترا في العصر الإليزابيثي إلا أن مضامينها يمكن إعادة إنتاجها وإسقاطها على الواقع المعيش في أي مكان من العالم ومنها عالمنا العربي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.