*آخر أقصوصة قمت بكتابتها ونشرها كانت قبل عشرين عاماً تقريباً.. *وتحكي عن معاناة حمار مع صاحبه.. *وكيف استطاع الحمار أن يفك أسر (حنجرته).. *بعد صمت طال أمده.. *حينما دهست صاحبه سيارة!! *إن اهتمامي وشغفي بالحمير لم يكن وليد لحظات كتابة تلك القصة.. *إذ بدأ مع وصف أستاذ لنا في المدرسة الأولية، تسمونها الآن الابتدائية.. عاشت الأسامي!! *المهم إن ذاك الأستاذ كان يصف جمع تلاميذ الفصل ب (الجحوش).. *فالتلميذ أمامه ليس سوى (جحش).. *ولا يُفرِّق بين جحش بليد وجحش شاطر.. جميعهم (جحوش)!! *كل ما في الأمر أنه كان يميزهم فقط بأحجامهم وأطوالهم وألوانهم وعلامات بارزة في وجوههم.. *ومنذ دخولنا سنة أولى (أولية) وحتى انتقالنا منها إلى المرحة الوسطى.. *ويا حليل المرحلة التعليمية الوسطى، والطبقة الوسطى، والمحطة الوسطى! *وهذا زمان ليس فيه (خير الأمور أوسطها)! *وسياسيونا في الحزب الحاكم والمعارضة لا يؤمنون ب (المرحلة الوسطى).. *المهم منذ فراقنا للأولية لم يستطع أحد منا أن يرتقي إلى مقام (حمار) عند ذاك الأستاذ! *بعد ذلك انطلق عشقي لكتابات الأديب توفيق الحكيم وأصبح كاتبي المفضل.. *لأنه اهتم بالحمير ولم يقصر في حقها.. *وكان أول عمل مسرحي أقوم بإعداده وسودنته وإخراجه.. *مسرحية قصيرة بعنوان (حصحص الحبوب) لمؤلفها توفيق الحكيم.. *وحصحص هو الحمار. *تلك المسرحية قامت بتمثيلها في البدء مجموعة المسرح برابطة سنار الأدبية.. *ثم شارك بها طلاب سنار الثانوية في إحدى الدورات المدرسية.. *واستطعنا أن نصل بها إلى النهائيات في الخرطوم لندخل في منافسة شرسة مع مدارس أخرى.. *وأذكر أن الأستاذ الصحفي الساخر ملك المنوعات وقتها بصحافتنا السودانية طلحة الشفيع، وكان آنذاك رئيس قسم المنوعات بجريدة الصحافة.. *وقد كتب خبراً بالصحيفة كان عنوانه (نبيل غالي يأتي بالحمير إلى الخرطوم)!! *وكما تلاحظون فإن عنوان الخبر فيه خبث ولكنه الخبث الذكي المحبب. *ونتساءل: أين الصحافي طلحة الشفيع الذي سجل غياباً عن فضاء صحافتنا ولفترة طويلة. *السؤال نوجهه للزملاء في اتحاد الصحفيين.. *إذ أن من أوجب واجباتهم الاهتمام بمن أعطوا وما بخلوا في مهنة الصحافة. *فهل نلفظهم وهم في أرذل العمر.. *وأمثال طلحة الشفيع الذين اتخذوا لهم ركناً قصياً من الصحفيين القدامى.. كُثر.. *أما يكفي أن الجيل الجديد من الصحفيين لا يعرف عنهم شيئاً.. *قليلاً من الوفاء.. هذا الذي نطلبه..