-1- تراجعت الأوضاع الاقتصادية في دول الخليج بشكل مضطرد في السنوات الأخيرة ، فالتقارير الاقتصادية التي تصدر تباعاً في الغرب حول تدهور الأوضاع المالية في دول مجلس التعاون الخليجي ، والغنية منها على وجه الخصوص ، تحمل تنبؤات متشائمة ، في الوقت الذي تخوض بعضها أزمات فيما بينها وأزمات أمنية داخلية وحروباً خارجية ، لها إنعكاساتها السالبة والمُضرة باقتصادياتها . -2- هذه التغييرات أحدثت عجزاً كبيراً في موازنات دول الخليج ، صاحبها تراجع مداخيل عوائد النفط إلى أقل من 50% مقارنة بما كان عليه الدخل في عام 2013 !! ولأول مرة تلجأ في السنوات الأخيرة الدول الغنية في الخليج للسحب من الاحتياطيات المالية الاستراتيجية بشكل غير مسبوق ، من أموال المفترض أن تكون للطوارىء والأجيال القادمة ، مما أدى إلى انكماشها بسرعة . معالجة ذلك العجز بخفض الإنفاق الحكومي يعني إفلاس العديد من الشركات ، وزيادة معدلات البطالة نتيجة لتقلص فرص العمل. لذا لجأت إلى سياسات تقشفية أبرزها خفْض تدريجي للدعم على السلع الأساسية والخدماتية ، مثل المحروقات والكهرباء والمياه ، ورفع أسعار الرسوم والغرامات ، وفرض ضرائب مباشرة على المقيمين تتضاعف في كل عام ، وهو ما أسمته السعودية ( بالمقابل المالي ) . هذا شرح مختصر للاوضاع الاقتصادية المتراجعة في الخليج ، أما الإجراءات التي اتخذتها فهي سياسات اقتصادية داخلية ، لن نتطرق إلى إنتقادها ، بقدر ما يهمنا هنا هو التطرق لمعالجة آثارها السيئة على المغتربين من أبناء وطننا الغالي -3- ما يضُر بنا دوماً في مستقبلنا ( كأفراد ) هو عدم التخطيط الجيّد لحياتنا ، في الوقت الذي نلوم غيرنا فيما لم نقم به تجاه أنفسنا ! فالهجرة تتحول من ( وسيلة ) لتحقيق سقف أهدافنا ، إلى ( غاية ) نعيش فيها كيفما اتفق ، دون نظرة مستقبلية وتخطيط لها . لذا نُفاجأ بهكذا إجراءات ليس لنا فيها يد ، مهددة لأمننا الأسري دون أن نحتاط لها . وما يبدو جليّاً أن الأوضاع تتجه للأسوأ مع الأسف ، ( فالمقابل المادي ) الذي فرضته المملكة السعودية على المرافقين والتابعين للمقيم سيتضاعف بعد اقل من ستة أشهر من 1200 سنوياً للمرافق أو التابع إلى 2400 ريال كما سيتواصل التضاعف في السنوات التالية ، وهذه مبالغ ضخمة لن يتحملها دخل المقيم المتواضع ما لم تنوء بها مؤسسته أو مكفوله ( رب العمل ) ! وعلى أي حال نقول على المغتربين أن يخططوا بشكل جاد أكثر من أي وقت مضى لتوفيق أوضاعهم ، سوى إبتكار زيادة دخل هناك ، أو التخطيط لمشروع استثماري في السودان بشراكة ( جماعية ) أو منفردة إن توفر رأس المال ، أو الحل ( الأنسب ) في اعتقادي ، عودة نهائية مُمَرحلة ، تبدأ بإرسال أسرهم بشكل عاجل للاستقرار بالسودان ، ووضع ( سقف زمني ) للحاق رب الاسرة بهم . أخيراً : اﺳﺘَﺒﺸﺮﻭﺍ ﺧﻴﺮﺍً ، ففي اللحظه التي تشعر فيها أن كل شيء يعاكس أمنياتك تذكر قوله تعالى : ( لا تدري لعلّ الله يحدث بعد ذلك أمرًا ) . كما أن بعض الكُربات قد تحمل في طيّاتها كرامات قالت مريم : “يا ليتني متُّ قبل هذا”ولم تعرف أنّ في بطنها “نبيّ” فلا إحباط و إن تأزم الحال . بقلم : محمد الطاهر العيسابي