ثمة اسئلة تدور بالذهن حول ما ذكره محافظ بنك السودان المركزي حازم عبد القادر لنفيه مسؤولية المركزي عن انعدام السيولة في البنوك والتي حملها له حيث حدد سقفا للعملاء معينا للسحب دون توجيه من «المركزي» وذلك بعد الهجمة الشديدة منهم على سحب ودائعهم، هل كانت تلك الهجمة بسبب الشائعات التي انتشرت في وسائط التواصل الاجتماعي التي تتحدث عن اتجاه «المركزي» لتحديد سقف للسحوبات كما قال حازم ام انها خوف المواطنين من تآكل قيمة مدخراتهم بالعملة المحلية ، حازم قال خلال رده على مداولات نواب البرلمان على البيان قدمه ، الاسبوع المنصرم إن نتائج تلك الشائعة ذهاب «90%» من العملاء إلى البنوك لأخذ ودائعهم، في الوقت الذي تحتفظ فيه المصارف بنسبة 10% «كمؤشر» من جملة الودائع الجارية والإدخارية بالعملة المحلية فى شكل سيولة نقدية داخلية لمقابلة سحوبات العملاء اليومية ، ودون توجيه من المركزي حددت تلك المصارف سقوفا للسحب لتغطية أكبر عدد من العملاء» والسؤال الذي يطرح نفسه هل المركزي يحاول ان يتنصل من مسؤوليته والاضرار التي حدثت للاقتصاد جراء حجب السيولة من المواطن والتي تسببت في ايجاد حالة كساد اعاق مسيرة الاقتصاد؟ ام انه تناسى ان المسؤولية تقع على عاتقه في كل الحالات باعتبار انه الموجه للبنوك، وبحسب القانون والعرف الدولي لو ان بنكا من البنوك التجارية امتنع عن اعطاء اي مودع امواله فان ذلك يلزم البنك المركزي ان يتدخل ويفرض عقوبة على ذلك البنك قد تصل لحد الافلاس او سحب رخصته نهائيا في حال عدم الإلتزام بموجهات البنك المركزي فى الوفاء بطلبات العملاء المتعلقة بالسحب النقدي. تجفيف للسيولة حازم شدد على ان مشكلة الصرافات الآلية حدثت بسبب تلك الهجمة، الناظر لهذه الظاهرة التي استمرت لبضعة اسابيع يجد ان كافة البنوك والصرافات الآلية بل حتى منسوبي البنوك كانوا يصرحون علنا بأن شح السيولة لديهم كان بسبب رفض البنك المركزي مدهم بالسيولة اللازمة، في الوقت المعلوم ان سياسة البنك المركزي لقانون الاحتياطي النقدي تفرض على المصارف التجارية الاحتفاظ بأرصدة نقدية لديه فى شكل احتياطي نقدي قانوني بنسبة 18% من جملة الودائع بالعملة المحلية والأجنبية «وديعة اجبارية» وهذا في حد ذاته يعتبر تجفيفا للسيولة وبالتالي يتضح جليا ان المسؤولية كلها تقع على عاتق البنك المركزي بحسبانه المشرف والموجه للجهاز المصرفي. هروب لملاذ آمن ولا شك في ان شح السيولة جعل الكثير من الناس يذهب الى ملاذات آمنة حيث راجت تجارة الخزن فاصبح الكثير منهم يسحب امواله ويحتفظ بها في «منزله» او في شراء عقارات او منقولات او سلع معمرة خوفا من تآكل قيمة مدخراتهم بالعملة المحلية خاصة عندما تهاوى سعر الجنيه السوداني امام العملات الاجنبية والذي أثر بدوره على ارتفاع الاسعار وفاق معدل التضخم ال50% في الوقت الذي ينبغي يحدث استقرار للمستوى العام للأسعار حسب سياسة المركزي وذلك عن طريق النزول بمعدلات التضخم الى 25,9% بانتهاج سياسة نقدية ترشيدية للحد من السيولة الفائضة في الاقتصاد وباستهداف معدل نمو اسمي فى عرض النقود فى حدود 15,3% للإسهام فى تحقيق معدل نمو حقيقي فى الناتج المحلي الإجمالي فى حدود 6,3% باستخدام أدوات السياسة النقدية تلزم بنك السودان المركزي بمنح حافز او خفض نسبة الإحتياطي النقدي القانوني للمصارف التى تقوم بتمويل الإنتاج والتصنيع وتصدير السلع المستهدفة فى البرنامج الاقتصادي الخماسي الى 10% بدلاً عن 18% وهذا لسان حال كافة المصارف التجارية التي تنادي به . خيارات بديلة في حال لم يتم ذلك يصبح امام البنك المركزي اللجوء الى الخيارت البديلة المتمثلة في « انشاء بنك كبير وبرأس مال اكبر او ان يعوض البنك المركزي فاقد القيمة ويقوم بتصنيع نقود حتى تحتفظ الكتلة النقدية بقيمتها الحقيقية باعتبار انها يجب ان تكون بنسبة معينة من الناتج المحلي وبحسب خبراء الاقتصاد فإن هذه الاشياء لها معايير محددة تحسب بها حيث لا يصنع البنك اوراق دون حساب مثل معيار « سرعة دوران النقود» حيث ينبغي حساب دورانها في العام وتداولها في ايدي الجمهور لتحديد حجم الكتلة النقدية وحساب الناتج المحلي الاجمالي . شح مزمن والناظر لطبيعة الاقتصاد القومي يجد فيه شحا مزمنا في السيولة ولا ندري سواء كان المركزي يدرك ذلك ام لا؟ فمثلا عندما تهاوى الجنيه السوداني بسبب ارتفاع معدلات التضخم جعل ذلك القوى الشرائية للكتلة النقدية تنقسم الى نصفين والدليل على ذلك ان قطعة «الرغيفة» التي كانت 2 منها تساوي الجنيه اصبحت الواحدة منها تساوي الجنيه او يبقى خيار اخر يتمثل في تطبيق نظام الدفع الالكتروني الذي نادت به الدولة مؤخرا وهذا وبحسب رأي خبراء اقتصاديين فان تطبيقه 100% يستحيل لان هنالك جهات يتعذر التعامل معها في ظل الدفع الالكتروني مثل «المحلات التجارية بالاحياء ، صالونات الحلاقة ، المواصلات المزارعين في الارياف « فهناك قدر بعينه لابد من التعامل معه نقدا لاسيما في مجتمع مثل المجتمعات السودانية خاصة واذا علمنا بأن 10% فقط يتعاملون مع البنوك و90% خارج دائرته الا ان هنالك امكانية لتطبيق ذلك مع الجهات الحكومية وبعض القطاعات الخاصة والمولات التجارية ، ويؤكد خبراء المصارف وجود عقبات حقيقية امام تطبيق نظام الدفع الالكتروني ويحتاج للتدرج في التعامل وبالرغم من ان العالم اجمع يتجه نحو المجتمع اللانقدي حيث يتم شراء السلع والخدمات عن طريق البطاقة المصرفية التي يتم استخدامها فيما يسمى بماكينة نقاط البيع وهي ماكينة صغيرة تحمل في الايدي وتتوفر في كافة المحلات التجارية والصيدليات والمغالق وبتالي يستغنى المواطن عن حمل النقود وينتهي عصر الكاش ، واكد الخبراء ان تطبيق نظام الدفع الالكتروني له مزايا تفضيلية تغني عن حمل الكاش باعتبار ان النقود الورقية قد تتعرض لمخاطر عدة من سرقة وضياع وتلف وقد تنقل عدوى بعض الامراض اضف الى ذلك وبحسب الخبراء فانها تغني عن تكلفة طباعة العملة .