*بالله عليكم تمعنوا معي في تزامن هذين الخبرين.. *في الخبر الأول حديث لمحمد خير الزبير عن أزمتنا الاقتصادية الراهنة.. *يقول فيه أن من أهم مسبباتها الإنفاق الحكومي المتعاظم.. *وهو حديث خبير اقتصادي (موالٍ)… ومحافظ أسبق للبنك المركزي.. *وفي الخبر الثاني إشارة إلى عودة سفيرنا من أديس لتولي منصب في القصر.. *والمنصب (مستحدث) ؛ وهو نائب أمين عام شؤون الرئاسة.. *ومنصب الأمين نفسه مستحدث بالطبع ؛ في سياق التعديل الوزاري الأخير.. *يعني شؤون الرئاسة لديها الآن وزير…وأمين… ونائب أمين.. *وهذا ما استحضره الآن ؛ فقد تشابهت علينا الوزارات… والمسميات… والشخصيات.. *وذلك جراء الكثرة… والتداخل…و(تضخم الإنفاق الحكومي).. *وكله إنفاق تجاه الداخل ؛ داخل الحكومة… وداخلها هذا مترهل جداً.. *أما الخارج – وهو الشعب – فلا ينوبه سوى (رفع الدعم).. *ثم الضغوط… والرهق… والمعاناة… ومكابدة شظف العيش في مستوياته الدنيا.. *فالحكومة إحساسها موجه نحو نفسها…لا نحو المواطنين.. *فهو متبلد إلى أقصى حدود التبلد حيال الشعب…بدليل زيادة (الإنفاق الحكومي).. *واستمعت بالأمس إلى جانب من حوار مع مهاتير محمد.. *سُئل فيه عن الدول الإسلامية التي تحاول الاقتداء بتجربته الناجحة في ماليزيا.. *فذكر السودان بحسبانها الدولة (الأولى) في محاولة الاقتداء.. *ولكنها (الطيش) – وهذا التعبير بتصرف مني – في الاستفادة من التجربة.. *قال : للأسف لم يوفقوا في تطبيق ما حاولنا تعليمهم إياه.. *ثم – وبأدب عُرف عنه – عزا الأمر إلى ما سماه (ربما اختلاف الثقافات).. *وقبل أيام كتبت كلمة بعنوان (أظنه كرهكم)…وأعني مهاتير.. *قلت فيها إنه تعب تعباً شديداً في نقل تجربته إلى حكومتنا ؛ ولكنه فشل.. *فالمسألة ليست اختلاف ثقافات…وإنما اختلاف (أولويات).. *فمهاتير حين بدأ تجربته لن ينظر إلى نفسه… ولا حزبه… ولا (جيوبه).. *وإنما نظر إلى بلده… وشعب بلده… وموارد بلده.. *أما نحن هنا فننظر إلى الذوات… والأتباع…والحزب…والتمكين… والجيوب.. *بدليل (تضخُّم الإنفاق الحكومي) مقابل تقزُّم الواقع الاقتصادي.. *وليس التضخم (المقنن) وحسب ؛ وإنما معه تضخم غير قانوني أيضاً هو (الفساد).. *وخبير اقتصادي آخر – هو التيجاني الطيب – قال مثل كلام الزبير.. *قال إن مشكلة الحكومة أنها لا تعرف ثقافة الأولويات.. *وضرب مثلاً بعوائد النفط التي تبددت ؛ مظاهرَ… وتمكيناً… و(فساداً).. *لم تُستثمر في زراعة… ولا صناعة… ولا تنمية… ولا (إنسان).. *وربما تكون هذه هي الثقافة التي يعنيها (اليائس من حكومتنا) مهاتير.. *ولو كانت ماليزيا بمثل هذا (التضخم الحكومي) لما نهضت أبداً.. *وما زالت الحكومة (تُضخِّم) أكثر؛ وتبتدع في الوظائف… والمناصب… و(المغانم).. *و(تعصر) الشعب أكثر؛ ليصرف عليها !!!. صلاح الدين عووضة صحيفة الصيحة