التعاقد مع حكومة من الخارج (LOCUM GOVERNMENT ) لادارة السودان خيار يستحق ان نفكر الان فيه بجدية كثير من عامة الناس , والاكثر من الخبراء والاختصاصيين , العالمين ببواطن الامور , يتفقون علي ان السودان, القديم وما تبقي منه الان بعد ذهاب جنوبه , بلد يزخر بكل مقومات التقدم والازدهار والرفاهية لشعبه الصابر المحتسب الطيب , الطيبة التي ذهب جزء منها بفعل الحكومة الحالية منذ مجيئهم الي السلطة باسم الدين ,نقول بانهم يتفقون بهذه المقومات من ثروات ظاهرة وباطنة وامكانيات بشرية هائلة عقولا وسواعد مفتولة تبني وتعمر وتزرع وتحصد , وسماحة خلق وطيب عشرة وبذل النفس والنفيس لخدمة كل ذي حاجة . الا ان سوء الادارة ممثلة في الحكومات المتعاقبة حالت دون تحقيق ذلك التقدم وتوفير تلكم الرفاهية لشعب عاني ويعاني كل يوم والشعوب من حولها تتقدم بتؤدة وثبات حتي صار السودان يوصف برجل افريقيا المريض الذي اصبح الان يتناثر ويتجزا بفعل هذا المرض الذي حتما قاتله ان لم يتم اسعافه بشكل عاجل وادخاله غرفة العناية المكثفة او المركزة او بقول السودانيين غرفة ال “ان عاش” وليس الانعاش. فكيف بالله لبلد به اكبر مخزون مائي عذب سلسبيل واخصب تربة حول انهارها الكثيرة واراضي شاسعة تسقيها الامطار ومياه جوفية هائلة تسبح فوقها دارفور جنبا الي جنب مع بحيرة نفط كما قال الخبير الجيولوجي المشهور فاروق الباز في ندوة شهيرة بالخرطوم , وكيف لبلد فيه البترول يتلاطم بحوره جنوبا وشرقا وغربا وشمالا ووسطا , بل والذهب مسبوك في باطن ارضه حتي طفح وبرز للعيان ذهبا صافيا في مروي واماكن كثيرة من دارفور وكردفان كما ترد الانباء والروايات عن اناس اغتنوا في يوم وليلة بحصولهم علي ارطال من المعدن الاصفر النفيس. كيف لمثل هذا البلد ان يصل الي ما وصل اليه من التردي وتشرد ابناءه في بقاع العالم غالبيتهم يمتهنون مهنا هامشية لا تسد الرمق الابالكاد؟ العلة ايها السادة كما قلنا في ادارة البلاد . فالحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال لا هم لها الا التباري في الخطابة ورص الكلام والمناكفة والمكايدة , وتسليم السلطة للعسكر مرة بعد اخري نكاية من احد الحزبين العريقين للسيئين , اقصد السيدين وورثتهما الي ان وجدنا انفسنا فجاة في ذيل قائمة الدول الاكثر فقرا وفي قمة قائمة الدول الاكثر فسادا ولا زلنا. فصرنا نرزح تحت مطرقة حكومات مدنية لاحزاب كلاسيكية التكوين والمنهج يتحكم فيها قلة ممن ورثوا زعاماتها وجمهورها التابعين لهم تبعية عمياء يحركونهم كيف شاؤوا بالاشارة واللبيب بالشارة يفهم حتي صاروا اقرب للعبيد منهم للاتباع يقبلون ايادي اسيادهم بعد الوصول الي هذه الايادي زحفا علي الارض وحبوا فوق التراب , وسندان حكومات عسكرية قمعية باطشة تتشبث بالسلطة باي ثمن حتي ولو علي جماجم الجميع ولايهمهم تسمية ذلك ابادة جماعية او غيره ويعلنونها داوية انهم لن يسلمونها , اي الحكومة , الا لعيسي , يساندهم في ذلك للاسف من نالوا قسطا وافرا من التعليم ولكن انقلبوا تحت تاثير فتنة السلطة والمصالح الشخصية الي قتلة مجرمين يعذبون خصومهم السياسيين فاشتهر منهم في هذا الصدد مهندسون واطباء ومحامون استبدلوا شهاداتهم العلمية بالقاب عسكرية ومناصب عليا في قوي الامن! ياللخسارة وياللاسف. اين اذا الحل؟ انظل هكذا بين فكي حكومات مدنية فاشلة تسمي نفسها زورا بالديمقراطية واخري عسكرية باطشة جاهلة حتي نجد انه لاسودان ولا شعب سوداني صبيحة يوم من ايام الدنيا؟ ام نبحث عن وسيلة اخري تنقذنا وتنقذ بلادنا قبل يوم القيامة؟ الحل سادتي في ان نعلن للعالم باننا في حاجة ماسة وعاجلة لحكومة ذات خبرة ونزاهة وسمعة طيبة نتعاقد معها لادارة بلادنا لمدة نتفق عليها يسلموننا بعدها السودان وقد تعافي قليلا وادرك مصلحته وقدر شعبه المسؤولية واصبح قادرا علي التمييز بين الجادين في صلاح البلاد والعباد فينتخبونهم بطريقة ديمقراطية نزيهة شفافة وبين الافاكين تجار الدين ومدعي الحرص علي البلاد من ورثة الزعامات ومتسلقي السلطة من حملة الشهادات العليا والدنيا. ومقترحنا هذا ليس بجديد , فدولة غانا مثلا استعانت ببيت خبرة لاخراجهم من دوامة الحكم الفاسد والحكام والحكومات الفاسدة وهاهم احسن حالا بعد ان طبقوا توصيات بيوت الخبرة هذه. وعلينا مثلا الاستعانة بدكتور مهاتير محمد رجل ماليزيا الذي اخرجها من دائرة الفقر والتخلف واصطفها في مصاف الدول المتقدمة التي يشار اليها بالبنان , ونكلفه بتكوين حكومة LOCUM لادارة البلاد والوصول بها الي ربع ما وصلت اليه ماليزيا. او يمكننا تكليف حكومة ناجحة غربية من التي تحتم عليها ترك السلطة لان قانون بلادها تحرم استمرار حكومة لاكثر من دورتين متتاليتين كما في امريكا مثلا فناتي بكلنتون وحكومته او ببوش وحكومته …الخ. هذا او فلنتهيا الي كابوس زوال البلاد وزوالنا كشعب فنصير تاريخا كما صار بلد المليون ميل مربع تاريخا حزينا. محمد علي طه الشايقي (ود الشايقي) ++++++++ ( 2 ) جزء من مقال بعنوان “ نحو مخرج من نفق الازمات : التفكير في المحرمات/ ابريل 2007 ” من كتاب في الفكر السياسي السوداني، ديموقراطية بلا إستنارة ” للاستاذ عبد العزيز حسين الصاوي. ” تحت ضغوط الازمات المتداخلة والمتلاحقه توشك هياكل البقاء السوداني المجرد علي التداعي بحيث اصبحت ضرورة احداث اختراق يوقف دوران هذه الحلقة المفرغة قضية حياة او موت وطن. وهذا غير ممكن دون صياغة استراتيجية تنطلق من الحقيقة التي اضحي تجاهلها خداعا للنفس وهي ان المجتمع السوداني لم يعد قادرا علي توليد القوي والعقليات اللازمة لكسر هذه الحلقة مما يتطلب بدوره التفكير في المحرمات : التحالف الثقافي- السياسي مع الغرب الاوروبي والامريكي كرافعة خارجيه. اما الرافعة الداخليه، حسب تصور سيشرح في المقال القادم، فهي التعامل مع النخب الاسلامية كمصدر لتوليد استناري. ومن التأثير المشترك لفعل هاتين الرافعتين ستتولد الدفعة الاولي اللازمة لاطلاق الديناميكية النهضوية الاستنارية الذاتيه التي ستحقق تعديل ميزان العلاقة مع الغرب لصالح العطاء والاخذ بدلا عن الاخذ فقط. الرافعة الاولي : ( التحالف ) مع الغرب يتعمد كاتب المقال استخدام مصطلح التحالف في هذا الخصوص وان كان بمعني مختلف عن معناه المتداول في السجالات السياسيه، للتأكيد علي ان الشرط الاول لانجاز المهمة المصيرية هو الشجاعة الادبيه اللازمة للقطع النهائي مع نمط التفكير الشمولي الذي تكون فيه كيساري بعثي وكذلك لمقاومة أي ميل لاشعوري للعودة اليه انجذابا لدفء الوثوقيات الفكريه والصداقات الشخصيه او تحت ضغط اتهامات العماله والاستسلام للغرب التي يفيض بها خطاب الاسلامويين والقومويين. ضرورة استخدام مصطلح ( تحالف ) تعود ايضا الي حاجتنا للاعتراف الصريح دون لجلجة او تحفظات بحاجتنا الماسة الي الغرب وبالتحديد لتقليد تجربته الديموقراطية من بين المكونات العديده لارثه الحضاري. هناك حجتان يمكن ايرادهما لتبرير ذلك وهما انه لاتعارض بين القيم والاحتياجات الانسانية الاساسيه، وان الحضارة الغربيه هي نتاج جهد بشري مشترك، ولكن استخدام مصطلح ( تحالف ) هنا يفيد في التأكيد علي انه فيما يخص السودان فأن الحجة القاطعه هي حاجتنا المصيرية لاستنبات التقاليد والثقافة الديموقراطيتين في التربة المحليه كترياق لاترياق غيره ضد التشرذم والانفجار الوشيكين، حتي في انعدام هذين المبررين. فالتحالف المقصود ، اذن، تحالف ثقافي. غير ان هذا النوع من العلاقة لابد له من هامش سياسي بما في ذلك سياسي رسمي. يعني ذلك بالعربي الفصيح ان الاولوية في علاقتنا مع الحكومات الغربيه، ولاسيما اوروبا وامريكا هي لما يخدم الهدف الانقاذي وطنيا بالذات في حقول التعليم والاقتصاد والتكنولوجيا وليس الصراع حول قضايانا السودانية والعربية المشروعة معها. نحاول تحقيق التوازن بين الاثنين اما المواجهة فسيأتي اوانها عندما نصبح علي قدر مسئوليتها، اي بقدر مايترسخ النظام الديموقراطي لدينا. النموذج الذي يصلح للاقتداء هنا هو الحركة الاسلامية التركية التي تقبل وتطبق المعايير الغربية لبناء المجتمع الحديث وتحقق في الوقت نفسه وقوفا فعالا بوجه امريكا عندما طلبت السماح لجيشها دخول العراق عبر تركيا ودون ان تخسر علاقاتها معها علما بأن امريكا تدعم طلب تركيا الانضمام الي الاتحاد الاروبي بعكس فرنسا. طبيعة الانظمة السياسيه الديموقراطيه غربية كانت او غير غربيه تجعل اختلاف طرف خارجي مع سياساتها الرسمية في موقف او اخر امرا عاديا لايقلل من درجة التزامها بأي اتفاقيات او توافقات معها، لانه امتداد للممارسات اليومية سواء بين الاطراف المختلفه داخليا او مع تلك المنتمية الي نفس الدائرة الحضارية والتاريخية كما هو الحال بين اوروبا وامريكا. لاينفي ذلك حقيقة ان قدرة الطرف الاضعف في العلاقه مع هذا النوع من الانظمه علي ممارسة الاختلاف الذي تتيحه طبيعتها يبقي محدودا ولكن هناك سبيلان مفتوحان للتعويض عن هذا الضعف هما تنامي قدرة الطرف الاضعف بمرورالوقت مستفيدا من العلاقة ( التحالفية ) نفسها والاليات التي تتوفر عليها هذه الانظمه مثل تداول السلطه بما يجعل معارضة اليوم حكومة الغد. كذلك لاتنفي امكانية ممارسة الخلاف مع الانظمة الغربيه امكانية نشوء جيوب عمالة وارتزاق في هذا النوع من ( التحالف ) ولكنها اقل ورودا فيه بالمقارنة لعلاقة مشابهة مع الانظمة الشموليه، ومعظمها الان عربية واسلاميه، لانعدام حرية حركة الطرف الاضعف فيها وكذلك امكانية التعويض العاجل والاجل. كما ان انعدام الشفافيه في تركيبة واسلوب عمل الاحزاب الشمولية يجعلها اكثر قابلية للاختراق المخابراتي الغربي الخطير المدي لصعوبة اكتشافه بالمقارنة لتلك المتوجهة لاعادة تأسيس نفسها ديموقراطيا. +++++++++++++ ( 3 ) نشر في سودانايل 27 اكتوبر 2009 من حين لاخر ( 1 ) يسقط الاستعمار ام عاش الاستعمار ؟ رشيد المنير ++ قبل بضعة اسابيع دارت حلقة البرنامج الشهير لقناة الجزيره (الاتجاه المعاكس ) حول موضوع مثير وهو : من يعتذر للاخر الاستعمار ام الشعوب التي استعمرها ؟ الجدير بالانتباه هنا ليس حجج الجانبين فالبرنامج يقوم علي الاثاره والتهريج وغير مفيد كثيرا في هذا الجانب ، وانما ان يصبح من الممكن لاي شخص ان يظهر في برنامج تلفزيوني ليدافع علنا عن فوائد الاستعمار، علما بأن المدافع هنا ليس مجرد شخص وانما محام معروف. بل ان الاستطلاع لاراء المشاهدين بعد نهاية البرنامج اعطي اغلبية ساحقة لرأيه القائل بأن مرحلة مابعد الاستعمار اسوأ كثيرا من مرحلة الاستعمار. ++ لدينا في تاريخ السودان حزب العم ازرق بعنوان ( تقدم السودان ) الذي كان يدعو ايام الحركة الوطنيه الي تأجيل الجلاء ويعتقد بأنه كان هناك في تلك الفتره اخرون علي نفس الرأي ولكن خوف الاتهام بالخيانه واللاوطنيه منع ظهورهم. وفي رواية نشرت فصولها في موقع سودنيز اون لاين شخصية نسائيه دافعت عن وجهة نظر شبيهة فاتهمت بالجنون. ++ قبل بضعة ايام ظهرت علي هذا الموقع رسالة حول هذا الموضوع تطرح وجهة نظر مدروسه تدعو للنظر الي الجانب الاخر فيه ولنقرأ معا نص الرساله : “ لقد تناول المفكر حازم صاغية، في مقال بجريدة (الحياة اللندنيَّة)، بتاريخ 15/12/2009م، ظاهرة (طالبان)، والحرب في أفغانستان، فخلص إلى أن ما أسماه “نقص الاستعمار”، لا “الاستعمار”، هو العامل الأوَّل لتأزُّم أفغانستان المزمن! واستصحاباً لهذا الاستنتاج يمكننا أن نقول، أيضاً، إن تعثر نهضتنا يعود، في ما يعود، إلى أن (جرعتنا) من (الاستعمار) كانت (مخففة) جداً! وحتى لا نلقي بكلّ اللوم في ما نحن فيه من غشاوة وبداوة على المستعمر، كعادتنا، ألا ترى، أخي الكريم، بأنه كان حريَّاً باليسار أن يضطلع بدور أكبر ممَّا اضطلع به، على صعيد (تنوير) المجتمع السوداني، وحفزه على الأخذ بمفاهيم (الحداثة) وأساليبها؟! أعتقد أن ما أقعد اليسار عن القيام بهذا الدور هو (تركيزه) المبالغ فيه على (السّياسة)، و(إهماله) الجوانب الفلسفيَّة والثقافيَّة، وبالتالي (عدم تمكنه) من (التمييز) بين (الحضارة الغربيَّة) التي أتى من رحمها، و(سياسات) و(ممارسات) الدُّول (الرأسماليَّة) الكبرى، إلى جانب تبنيه لشعارات غير مدروسة وممجوجة! +++ يبدو ان الكلام دخل الحوش ويستحق مناقشة جاده كما دعا ناشر الرساله الاستاذ كمال الجزولي. [email protected] منذ 14 ساعة 20 دقيقه 31 يناير 2012