سعر الدولار في السودان اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024 .. السوق الموازي    سعر الجنيه المصري مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الثلاثاء    مصر.. وفيات بغرق حافلة في الجيزة    قادة عالميون يخططون لاتفاق جديد بشأن الذكاء الاصطناعي    صلاح ينهي الجدل حول مستقبله.. هل قرر البقاء مع ليفربول أم اختار الدوري السعودي؟    لماذا يهاجم الإعلام المصري وجودهم؟ السودانيون يشترون عقارات في مصر بأكثر من 20 مليار دولار والحكومة تدعوهم للمزيد    رئيس لجنة المنتخبات الوطنية يشيد بزيارة الرئيس لمعسكر صقور الجديان    إجتماعٌ مُهمٌ لمجلس إدارة الاتّحاد السوداني اليوم بجدة برئاسة معتصم جعفر    معتصم جعفر:الاتحاد السعودي وافق على مشاركته الحكام السودانيين في إدارة منافساته ابتداءً من الموسم الجديد    عائشة الماجدي: (أغضب يالفريق البرهان)    رأفةً بجيشكم وقيادته    احاديث الحرب والخيانة.. محمد صديق وعقدة أولو!!    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    كباشي يزور جوبا ويلتقي بالرئيس سلفاكير    شاهد بالفيديو.. لاعب سوداني يستعرض مهاراته العالية في كرة القدم أمام إحدى إشارات المرور بالقاهرة ويجذب أنظار المارة وأصحاب السيارات    عبر تسجيل صوتي.. شاهد عيان بالدعم السريع يكشف التفاصيل الكاملة للحظة مقتل الشهيد محمد صديق بمصفاة الجيلي ويؤكد: (هذا ما حدث للشهيد بعد ضربه بالكف على يد أحد الجنود)    بالفيديو.. شاهد الفرحة العارمة لسكان حي الحاج يوسف بمدينة بحري بعودة التيار الكهربائي بعد فترة طويلة من الانقطاع    عضو مجلس السيادة مساعد القائد العام الفريق أول ركن ياسر العطا يستقبل الأستاذ أبو عركي البخيت    موعد تشييع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه    البرهان ينعي وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي    علي باقري يتولى مهام وزير الخارجية في إيران    الحقيقة تُحزن    شاهد بالفيديو هدف الزمالك المصري "بطل الكونفدرالية" في مرمى نهضة بركان المغربي    مانشستر سيتي يدخل التاريخ بإحرازه لقب البريميرليغ للمرة الرابعة تواليا    الجنرال في ورطة    إخضاع الملك سلمان ل"برنامج علاجي"    السودان ولبنان وسوريا.. صراعات وأزمات إنسانية مُهملة بسبب الحرب فى غزة    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان ومعضلة العودة إلى المجتمع الدولي
نشر في النيلين يوم 10 - 10 - 2019

ربما كان دافع العسكر السودانيين الأساسي لاستقدام الخبير الدولي، عبد الله حمدوك، لرئاسة حكومة الفترة الانتقالية هو توظيف خبرته في المحافل الدولية وعلاقاته لإخراج البلاد من عزلتها المفروضة عليها بفعل الحصار الدولي والعقوبات الاقتصادية، غير أن العسكر قلّما ينظرون إلى الأسباب التي فرضت تلك العزلة، والنابعة من مشكلاتٍ داخليةٍ عالقةٍ ومزمنةٍ، لا يبدو أن لديهم نية لحلّها، أو حتى تتيح لهم أدواتهم الحالية حلّها. وإذ لا يرى العسكر في إحجامهم عن حلِّ المشكلات، أو في وجود أشخاص في الحكم عائقاً أساسياً للعودة للمجتمع الدولي، ستبقى عزلتهم راهنةً وضاغطةً.
وكان حمدوك قد نشط، في أثناء وجوده في نيويورك لحضور أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة، قبل أيامٍ، لطرح موضوع رفع اسم بلاده من قائمة الدول الراعية للإرهاب. وقد طرح هذا الموضوع في كلمته أمام الجمعية، كما طرحه مع مسؤولين كثيرين خلال لقاءاته بهم، محاولاً حشد تأييد أكبر عدد من الدول للمساعدة على إغلاق هذا الملف. وكان لافتاً إعلان المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة عن عقد اجتماع رفيع المستوى حول السودان، حضره مندوبو 57 دولة وست منظمات دولية، علاوة على وكالات للأمم المتحدة. وانشغل المجتمعون بإعلان حمدوك عن جهد حكومته لإغلاق ملف الصراع في البلاد من أجل ضمان استقرارها، وأكّدوا على مساندة حكومته في هذا المسعى. ودعا أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، وقادة دول خلال كلماتهم، إلى رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، لمساعدته على العودة إلى الأسرة الدولية، وتنفيذ الإصلاحات المأمولة.
من المفترض أن عبد الله حمدوك دارٍ بأن عزلة بلاده الناجمة عن الحصار والعقوبات الدولية
"الحروب والقلاقل خبز قادة المليشيات العسكرية وزيتهم، ووجودهم في قلب مؤسسات الحكم يحمل مخاطر بقاء هاجس الإرهاب"
المفروضة عليها، والموروثة من أيام حكم الرئيس المخلوع، عمر البشير، هي العائق الرئيس أمام تنفيذ مهمات ستة الأشهر الأولى التي وضعتها الحكومة السودانية الجديدة نصب عينيها لتخرج من حال الجمود، وتبدأ بإرساء السلام في البلاد، وتغيير القوانين التي تحدُّ من الحريات، علاوةً على تنفيذها المهمة الأصعب؛ معالجة الأزمة الاقتصادية. لذلك ذهب متعجِّلاً إلى الأمم المتحدة، طالباً من على منبرها، وفي أروقتها، إعادة دمج بلاده في المجتمع الدولي.
ولكن، من المستغرب كيف غاب عن بال الرجل الخبير أن الشروع بهذا الأمر يتطلب العمل الداخلي الذي يكفل أولاً، وقبل كل شيء، تصفية المليشيات الإرهابية التي كانت جرائمها، خلال فترة حكم البشير، أحد دوافع الولايات المتحدة الأميركية لاتخاذ قرار وضع اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، سنة 1993، والذي لا يزال موجوداً. كما أن المطلوب من الحكومة الجديدة هو تقديم المطلوبين عن تلك الجرائم إلى المحكمة الجنائية الدولية، وفي مقدمتهم البشير الذي يحاكمه القضاء المحلي، هذه الأيام، بتهمة حيازة أموال، متعامياً عن جرائمه الكبرى، وعن مسؤوليته عن كل المصائب التي لحقت بالسودان، طوال العقود الثلاثة السابقة، هو ورموز نظامه. ومن سخريات القدر وجود رموز من نظام البشير في المجلس السيادي، وفي مقدمتهم عضو المجلس، الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قائد قوات الدعم السريع، المتهمة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور؛ إذ تسعى أجهزة الحكم إلى العودة إلى الأسرة الدولية بهم.
كما يتطلب الأمر الشروع في ترسيخ الديمقراطية عبر تشريعات قضائية، تكفل حقوق الإنسان وحرية التعبير وحري
ة الصحافة، وإقرار قانون انتخابي يكفل للجميع حرية الترشح والتصويت، كما يكفل إجراء انتخاباتٍ نزيهة. إضافة إلى ذلك، من الضروري إيلاء الهم المعيشي الأولوية بتحسين مستوى معيشة المواطنين عبر إصلاحات اقتصادية، وعبر إقرار قانون محاسبةٍ نزيه، يقطع الطريق أمام الفساد والفاسدين، ويعيد أموال الشعب المنهوبة، ويوقف نهب ثروات البلاد بالتعاون مع جهات إقليمية. ويتطلب أيضاً انسحاب القوات السودانية من اليمن للمساهمة في وقف المجازر التي يرتكبها التحالف الدولي بحق أبناء هذا البلد، كما يتطلب العمل على عدم تدخل السودان في شؤون الدول الأخرى. ويعوّل على الحكومة إظهار وجهها الجميل الذي يقطع مع وجه الحكومة السابقة الإجرامي، عبر الشروع في تحقيق دولي في مجزرة فض اعتصام القيادة العامة، وتحديد المسؤولين عن ارتكابها وتقديمهم إلى المحاكمة.
هذه المحدِّدات التي يجب أن تضطلع بها الحكومة السودانية قبل مطالبتها بشطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، استشرف ضرورتها غير مسؤول غربي، قبل أن يرفع رئيس
"المطلوب من الحكومة الجديدة تقديم المطلوبين تلك الجرائم إلى المحكمة الجنائية الدولية"
الحكومة طلبه في الأمم المتحدة. وكان وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، قد أشار إلى هذا الأمر خلال زيارته السودان في 3 سبتمبر/ أيلول الماضي. وكانت لزيارته موقع اعتصام القيادة العامة رمزية تتعلق بحقوق الإنسان، فهو المكان الذي ارتكبت فيه قوات الأمن السودانية المجزرة بحق الثوار المعتصمين، تلك المجزرة التي راح ضحيتها أكثر من مائة شهيد وعدد غير معروف من الجرحى والمفقودين. كما أشار وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، إلى موضوع القائمة ذاته، خلال زيارته الخرطوم، قبل زيارة الوزير الألماني بأيام. وتواظب الولايات المتحدة، بدورها، على الطلب من الخرطوم تنفيذ هذه الأمور من أجل رفع اسمها من القائمة.
تعدُّ الحروب والقلاقل خبزَ قادة المليشيات العسكرية وزيتهم، ووجودهم في قلب مؤسسات الحكم يحمل مخاطر بقاء هاجس الإرهاب قائماً. كما يعدُّ وجودهم بمثابة العصا في دولاب الحكومة التي ترى ضرورة رفع العقوبات، من أجل إعادة دوران عجلة الاقتصاد، وإعادة بناء قطاعات الصناعة والزراعة والطاقة والنقل التي شلتها العقوبات. وتكمن معضلة السودان في أن أولويته فك الحصار لتنفيذ عددٍ غير قليلٍ من المهمات المطلوبة منه دولياً، بينما أولوية فارضي هذا الحصار تنفيذ تلك المهمات قبل فكّه. وإلى حين توافق الأطراف جميعها على الأولويات يمكن للحكومة البدء بأكثرها ضرورةً، وهو ما يهم المواطن الطامح لتحسين وضعه المعيشي، ورفع سيف السلطة عن رقبته.
مالك ونوس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.