من حيث الشكل أنهى الشيخ على أحمد كرتي الأمين العام للحركة الإسلامية السودانية المكلف حالة الغموض والغياب بظهور إعلامى قوى ومدهش حيث ظهر بلغة متماسكة ولغة وحركة جسد واثقة قطعاً سوف تسهم فى تغيير وجهة نظر الآخرين إليه وتساعد فى فهم وإيصال الرسالة التى قصدها من هذا الحوار وتوقيته الزمانى وظرفه التأريخى .. كرتى ظهر بلغة فصيحة ومبينة إستطاع من خلالها طرح وجهة نظره بصورة قوية ووضّح رأيه فى الإصلاح وسجّل إعترافات بالخطأ ونقده للتجربة من الداخل قبل سقوط الإنقاذ ودون تشهيرها فى الوسائط الاعلامية مع نفيه بأنه لم يكن جزاءاً من أي خلاف داخل المؤتمر الوطنى ولا الحركة الإسلامية لأنه لم يكن حينها مهيكلاً داخل هياكل أي منهما وأنه قبل مبدأ التكليف من الشيخ الراحل الزبير أحمد الحسن لأنه كان منتمياً وملتزماً وقريباً منه للعلاقة التى تجمعها منذ سنوات عديدة وأعتقد هذه تمثل النقطة الجوهرية الوحيدة التى مثلت الخيط الرفيع وربما يراها البعض نقطة ضعف الحوار بينما يراها كثيرون أنها نقطة قوة الحوار وشجاعة شخصية وثقة جعلت كرتى يقر بصورة غير مباشرة وجود إختلاف وجهات نظر لكنه شخصياً ليس من يقرر بشأن ومصير المؤتمر الوطنى ولكن مؤسسات الحركة الاسلامية والمؤتمر الوطني هى التي تقرر فى مستقبل العلاقة والفعل السياسى إن كانت هناك تباينات وضرورة تفرض تحالفاً أم حزباً واحداً وهنا تتطابق حديث كرتى مع ما ظلت تطرحه قيادات المؤتمر الوطني حول هذه الزاوية رغم أنه قطع بأن الحركة الاسلامية والمؤتمر الوطنى يدركان أهمية عدم التعامل مع الواقع السياسى السوداني والتحرك نحو المستقبل بذات الطريقة والعقلية القديمة وهى رؤية توسوعية وإستيعابية ظل ينتهجها المؤتمر الوطنى فى كل حراكاته وأنشطته وحراكاته بأن يعمل فى ظل تيار وطنى عريض ومشروع سياسى شامل ويكون مفضل للجميع .. على كرتى أثبت حقائق تأريخية مهمة كانت تائهة ومحل جدل عند الكثيرين ومثار حديث ونقاش فى كثير من المناسبات أبرزها إستعجال اللجنة الأمنية للتغيير الذى تم بتلك الطريقة وبدون ضمانات وبدون قرار سياسى كأنه تعمد الإشارة إلي الخيانة وإن لم ينطقها صراحة .. على كرتى أثبت حقيقة التحركات والقناعات بالتغيير الداخلى لكنه ليس بإسلوب ومنهج اللجنة الأمنية كما أثبت بشكلٍ واضحٍ لا يقبل الشك قوة وجود حزب المؤتمر الوطنى وحضوره الفاعل فى الساحة السياسية الوطنية وتفاعله مع كل الكيانات السياسية والاهلية والدينية والمدنية رغم ظلم الآخرين له وأثبت حقيقة أن المؤتمر الوطنى والحركة الإسلامية يعملان فى إدارة الأزمة منذ بدايتها من خلال قيادة عُليا موحدة ومُدركة لحجم الخطر والتحديات وبذات وظائفهما وأدوارهما المعروفة مع إستيعاب كل التحولات الداخلية والخارجية وهى إجابة واضح أنه قصدها لذاتها بهدف الحد من أى صراع قد ينشأ أو أي تحرك من مجموعة أو افراد ويقطع الطريق أمام أي حديث يدور حول تجاوز تجربة المؤتمر الوطنى من أى طرف أو شخص دون أن تقرر المؤسسات بذلك ومن حديثه أبدى كرتى ثقته فى مبادرات المؤتمر الوطنى السياسية التى ظل يديرها بصورة موحدة مع الحركة الاسلامية ومثل هذه الإجابات مطلوبة من رمز وقيادى مثل على كرتي لتعصم قاعدة الحزب من التشتت والتساقط وتبنى الثقة بين قياداته وتجنبها التناحر وكأنه تعمد وأد أي فتنة كما أن إشارته لإحترام قرارات القضاء كانت مؤشراً مهماً وقوياً وله أكثر من دلالة وأكثر من تفسير ومعنى .. وأجمل مافى حوار على كرتى أنه لم يتملص من مسؤوليته التضامنية مع قيادات الإنقاذ وتحمله النجاحات والإخفاقات مع الكل ولم يتعلل بحساسية موقعه ويتمحور خلف مواقف تبريرية مصنوعة ومعلبة بل بين بشجاعة الدور الفاعل للمؤتمر الوطنى في السابق رغم شيطنته وشيطنة قياداته وبيّن كيف أن الإنقاذ إستطاعت بناء السودان دولة من اللا شئ ليصبح دولة إقتصادية وذات سيادة مهابة عند الآخرين بينما خربته القوي السياسية التي إستلمت الحكم بعد التغيير وحولت الواقع إلى خراب وحالة عبثية وجدلية غير متناهية غير أنه سرعان ما إنكشف أمرها وظهر ضعفها وهوانها وعوارها على الشعب السودانى والناس أجمعين .. كما أن كرتى كشف أن القوى السياسية التي خلفت المؤتمر الوطني لم تستطع أن تلعب الدور الاقليمي والدولى الذي كان يلعبه المؤتمر الوطنى .. كرتى ترك الباب موارباً فى الإبقاء على كثير من الإجتهادات وتوسيعها بقدر المستطاع وبشتى الوسائل وتوسيعها وإحتفاظ التيار الإسلامى بتواصله وعلاقاته وصداقاته الخارجية القديمة .. عموماً كتقييم أولى أن حوار الامين العام للحركة الاسلامية المكلف كان مختلفاً وسيثير جدلاً وسيحرك الساحة بقوة وسنعود له برؤية تفكيكية أكثر عمقاً إنشاء الله أما الأخ الطاهر حسن التوم فقد كان هو الآخر نجماً يستحق التقدير وقد أدار الحوار بحنكة وقوة وأمسك بمفاصل الحوار بأسئلة واضحة فتحت المسارات للإجابات المطلوبة والتي كان ينتظرها الكثيرون ..