ونرسم السودان الراحل وكأننا نحتفظ بصورة للمرحوم. وشرق فندق وسط الخرطوم كان مبنى صغير له باب صغير هو صحيفة (الرأي العام). وكل صباح وأمام الباب يضع (الولد) مائدة حديدية لها سطح مستدير، ومن حولها ست كراسي خيزران. وكل صباح يأتي الشيوخ الستة ومنهم سكرتير الرياضة في أفريقيا، ويجلسون... وقليلاً ما يتحدثون. (وأبطال عرس الزين الطيب صالح راقدين على ظهورهم في الليل أمام دكان الطاهر ود الرواسي، كانوا يظلون صامتين. وفجأة يقول واحد منهم بخفوت: فلان... زول مطموس. والآخرون يسمعون وقد عرفوا... والغريب وحده هو الذي لا يعرف من هو فلان ولا لماذا هو مطموس). مثلهم كان الجلوس أمام باب الصحيفة هناك. ونعبر من هناك والزمان يعبر. ويوماً نرى أحد المقاعد فارغاً... (صاحبه مات). وشهور قليلة ونرى مقعداً آخر فارغاً... وثالث. لكن (الولد) يظل يضع المقاعد الست كل يوم في أماكنها حول التربيزة الحديدية... ويوماً نرى من يجلس هناك وحيداً... كان المشهد من أقسى ما شهدت... وقفت أمام الرجل الصامت وبكيت. وبكيت... ولا الرجل قال لي شيئاً ولا أنا قلت له. لكنا سودانيين. (2) وفي أيام النميري... قمة أفريقية تُرتَّب. والقذافي يتصل برئيس الدولة التي تستضيف القمة ويقول: أما أنا... وأما النميري... ورئيس الدولة المضيفة يسمع القذافي حديثاً هو في عالم الدبلوماسية كومة من الشتائم... والقذافي يرسل وزير خارجيته مكلفاً بمهمة واحدة... هي... الشوشرة على خطاب النميري. والنميري يبدأ خطابه، ووزير القذافي يقاطعه ليصيح بأي حديث لا معنى له... وثانية... وفي الثالثة النميري يلتفت إلى حرسه ويطلب طبنجة... يتناولها ويضعها أمامه ثم يقول لوزير القذافي: أقسم بالله... تفتح خشمك تاني إلا أديك طلقة في (......). والوزير بعدها يقول: حكيت للقذافي كل شيء وما قاله النميري، والقذافي قال لي: ارجع... النميري دا بيعملها... ...... في الحديث قالوا: النميري لم يكن اقتصادياً، ولا طبيباً، ولا سياسياً... لكنه ينجح في كل هذا بشيء واحد: النميري كان شجاعاً... آخر قال: النميري أول من بعج مسألة تطبيق الشريعة، وأول من حطم أضخم حزب شيوعي في أفريقيا... ولولاه لكانت المحمودية الآن حزباً له نواب وأنياب. إسحق أحمد فضل الله إنضم لقناة النيلين على واتساب مواضيع مهمة ركوب الخيل لا يناسب الجميع؟ أيهما أصعب تربية الأولاد أم البنات؟ جسر الأسنان هل تعقيم اليدين مفيد؟ الكركم والالتهابات أفضل زيوت ترطيب البشرة